لم يبد خبراء قانونيون ومهتمون بالشأن الانساني في السودان حماسا وتفاؤلا بقرار تعيين وزارة العدل مدعيا عاما لمحكمة دارفور الخاصة لجملة من الاسباب على رأسها ان المدعي العام لمحكمة دارفور يحتاج الي اجراءات كبيرة حتي يحقق في الجرائم التي وقعت في دارفور واولها توفير الحماية للضحايا والشهود مما يستدعي رفع حالة الطوارئ المعلنة في دارفور وتهيئة المناخ السياسي العام في دارفور بشكل يشعر كل فرد بحرية تامة في ان يقدم مظلمته، وايضا من الاسباب ما نصت عليه وثيقة الدوحة من ان المحكمة الخاصة لدارفور يجب ان تكون مستقلة ولا تحدد سلطاتها بموجب اي قرار، كما ان سلطات واختصاصات محكمة دارفور الجديدة لا تتمثل فى التحقيق والتحري بل تشمل الفصل في كل التهم امام المحكمة فى كل الجرائم المرتكبة فى الاقليم بدءا من فبراير 2003. واعتبر عدد من المهنيين والعاملين في القانون بالسودان ان قرار وزير العدل القاضي بتعيين المستشار العام أحمد عبد المطلب أحمد، مدعيا عاما لمحكمة دارفور الخاصة وفقا لوثيقة الدوحة الموقعة بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة، «للتحقيق والفصل في الجرائم ضد الانسانية والجرائم الخاصة بالحرب المنصوص عليها في القانون الجنائي السوداني والجرائم المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني وجرائم الارهاب المنصوص عليها في قانون الارهاب السوداني لسنة «2001»» اعتبروه خطوة مال فيها وزير العدل والنائب العام كثيرا الي مخاطبة الرأي العام الدولي والمحلي، حيث يقول الامين العام لهيئة محاميي دارفور المهتمة بحقوق الانسان المحامي الصادق علي حسن ل «الصحافة» عبر الهاتف امس ان السيد وزير العدل والنائب العام يميل كثيرا في قراراته لتحسين سمعة النظام علي المستوي الدولي اكثر من مخاطبة حقيقة مجريات مايحدث في دارفور، موضحا ان القرار رقم «6» الخاص بتعيين مدعي محكمة دارفور يأتي في هذا الاطار، مبينا ان الجرائم التي تندرج تحت هذا المسمى سبق ان عين لها عدد من المدعين ولم يحققوا فيها أي شئ وهذا يؤكد ان السلطات العدلية في السودان لم تفعل كثير شئ في الجرائم التي حدثت في السابق وقد ينطبق هذا الوصف في الحاضر ، ويقول حسن ان الحكومة واجهزتها العدلية ليس لها مقدرة سابقا والان ولا تستطيع ان تجري تحقيقات وتحريات جدية بشأن الافعال التي تندرج في وصف الجرائم المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة والجرائم ضد الانسانية والجرائم المنصوص عليها في قانون الارهاب، مشيرا الى ان هذه تواجه بمشكلة الحصانات والقوانين الاخري التي تتشبث بها كبار الشخصيات في السودان، منبها الى ان لو كان الامر سهلا لقبض المدعي العام السابق لجرائم دارفور الذي اعفي الآن علي بعض الشخصيات منذ العام «2003» ولكن لم يتم ذلك لانه لم تعد هناك تحقيقات اوتحريات جدية في كل الجرائم التي وقعت في دارفور واشار حسن الي ان بعض الجرائم المتعلقة بالانتهاكات «مثل جرائم الاعتداء الجنسي» التي وقعت في حق كثير من الضحايا في دارفور اصبح اثباتها صعبا للغاية الآن ويصعب الوصول الي من ارتكبوها وحتى اذا تم التحقيق اوالتدقيق اوالتحري فيها منذ ذلك الوقت فهي تحتاج الي شكل معين للتحفظ القانوني حتي تكون منتجة وذات جدوى في المحاكم. ويشير حسن الى ان القرار اغفل الحديث عن جرائم «القصف الجوي والتهجير القسري» اللذين راح ضحيتهما عشرات من المواطنين وجعل المعسكرات ممتلئة بالنازحين واللاجئين وحدثت بسببهما عدد من جرائم القتل التي ارتكبتها المليشيات والحركات المسلحة وغيرها منذ سنوات الحرب الأولى ، وقال انه حتي الان لم تسمح السلطات بمساءلة من ارتكبوها وتعتبر بموجب هذا القرار من المسكوت عنه. وتساءل حسن عن مهام المدعي العام الجديد وقال هل ستستمر محكمة دارفور الخاصة في التحقيق والتحريات في تقارير لجنة مولانا دفع الله الحاج يوسف ام في الجرائم التي وقعت بعدها مثل التي وقعت في العام قبل الماضي في مناطق «عشيرات» بولاية جنوب دارفور ام انها ستبدأ باحداث مناطق محلية دارالسلام وغيرها والتي بموجبها هجر وقتل مواطنون، واكد حسن ان الاجابة قطعا ستكون «لا يستطيع» مدعي محكة دارفور الخاصة فعل شئ في ظل هذا التراكم للجرائم، موضحا ان السيد وزير العدل في اخر اجتماع له مع المجتمع الدولي في مجلس حقوق الانسان الدولي بجنيفا قطع وعدا علي الحكومة السودانية بانها ستنشيء مفوضية وطنية مستقلة لحقوق الانسان في السودان ومحاكم خاصة لمحاسبة ووقف الانتهاكات الجارية في دارفور، مشيرا الى ان الحكومة السودانية في سباق مع الزمن من اجل انشاء محكمة مدعي دارفور وتكوين مفوضية مستقلة لحقوق الانسان في السودان. ولكن القاضي السابق والمحامي الحالي بارود صندل رجب يقول ان قرار تعيين مدعي عام للفصل والتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في دارفور يجب ان يكون وفق ما نصت عليه وثيقة الدوحة التي اوضحت ان المحكمة الخاصة لدارفور يجب ان تكون مستقلة ولا تحدد سلطاتها بموجب قرار، كما ان سلطات واختصاصات محكمة دارفور الجديدة لا تتمثل فى التحقيق والتحري بل تشمل الفصل في كل التهم امام المحكمة فى كل الجرائم المرتكبة فى الاقليم بدءا من فبراير 2003 م، وتشمل الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب، والجرائم المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى الانساني وجرائم الارهاب، واشار صندل الى ان قرارات المدعى العام لمحكمة دارفور ستكون نهائية. واوضح ان المحكمة التي ستنشأ في دارفور ستكون مراقبة من الاممالمتحدة ومجلس حقوق الانسان الدولي والمحكمة الجنائية الدولية وستكون مدعومة بكوادر قانونية مؤهلة من اجل ان تقيم عدالة ناجزة في دارفور يحق لها ان توجه الاتهام الي اي جهة وشخص يعتبر ضالعا في الاحداث التي جرت في دارفور ، واوضح صندل ان المدعي محكمة دارفور يحتاج الي اجراءات كبيرة حتي يحقق في الجرائم التي وقعت في دارفور واولها موضوع حماية الضحايا والشهود وتوفير الحماية لهؤلاء ويحتاج ايضا الي رفع حالة الطوارئ المعلنة في دارفور، فضلا عن تهيئة المناخ السياسي العام بدارفور بشكل يشعر كل فرد بحرية تامة حتي يقوم المتضررون والموكلون عنهم تقديم الدفوعات الموضوعية والشكلية اللازمة في مواجهة من توجه التهم اليهم اضافة الى رفع الحصانات عن صغار وكبار موظفي الحكومة الذين ارتكبوا جرائم في دارفور والذين يتحصنون ببعض القوانين الوضعية المحلية، مشددا على ان هذه المطلوبات ليست موجودة الآن في الاقليم وبدون اعلان هذه الاجراءات تصبح مهمة مدعي عام دارفور ومحكمته كسابقاتها. ويقول صندل في حديثه ل« الصحافة» عبر الهاتف ان نجاح مهمة مدعي محكمة دارفور الخاصة مقرونة بتحمل الحكومة السودانية السودانية لمسؤوليتها وتحمل تبعات التحقيقات.