الأستاذة إخلاص نمر: أسعد الله أيامك، أتابع مطالعاً وبشغف ونهم ما يدونه قلمك الشفيف، محللاً وناقداً. وبالأمس (2012/1/10م) همسات موغلة في الحزن والحذر أطلقها قلمك المترع هماً وغماً بمستقبل فلذات أكبادنا، قلمي المرهف يشاركك الهم بهذه الاتكاءة عن محنة التعليم... فهل تجد لها مساحة بزاويتك الهادفة نمريات؟. في ليلة موحشة يومذاك، ليلة غمرها ظلام دامس قاتم.. وقبل أن يغازلني النوم، امتدت يدي الحائرة لتدير قرص جهاز مذياعي الموغل في القدم، حتى اخترق أذني خبر أفرحني وأبكاني! قرار من الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول يقضي بضرورة انعقاد المؤتمر القومي للتعليم تحت شعار «التعليم يصنع المستقبل»، فرحة استثنائية، لكنها امتزجت بالريبة والتوجس وبالتفاؤل والتشاؤم. أمضيت ليلة مؤرقة، راغبتني خلالها أفكار ورؤى وأسئلة حائرة حول هاجسنا الأول قضية التعليم، الذي أصبح كبستان تساقطت أوراق أشجاره ويبست سيقانها، وذبلت أزهاره البالغة، وأزهاره اليانعة، وأصيبت خميلته النضرة بالضمور والانزواء. فكيف تبعث الروح والحياة في بستان المعرفة؟ وكيف نعيد البسمة الناعمة الندية لتلك الثغور العابسة... ثغور الآباء والأمهات؟ تناولت أختي اخلاص زاويتك ثلاثة مواضيع هامة هي: أولاً: مأساة المعلم. ثانياً: المنهج العتيق والمنتفخ ببقايا معرفة وعلم وكتب أثقلت ظهور صغارنا. منهج وصفه شيخ علي عثمان محمد طه «بأنه منهج يتوكأ على عصا عقيمة وعتيقة!» ثالثاً: التشاؤم والاخفاق قد غمرا العبارات بزاويتك حتى توجس القارئ خيفة من أن يكون المؤتمر القومي للتعليم ورماً ويأمل ألا يكون خبيثاً! نحن حملة القلم والطبشيرة بشتى بقاع بلادي الحبيبة والذين عاصروا العصر الذهبي للتعليم مازال التفاول يملأ قلوبنا بأن المؤتمر المرتقب سيشخص الداء، ويجد الدواء العاجل والآجل، وازالة العلل التي نهشت عظام التعليم: ولن يتحقق كل هذا، ولن يخرج التعليم من نفقه المظلم إلا إذا تحقق الآتي: أن نختار للمشاركة في المؤتمر أهل الشأن وأهل الوجعة من قدامى المعلمين بمرحلة التعليم العام دون غيرهم ومن ذوي الخبرة والدراية. ولا نريد حشد الكم من المشاركين، وعلينا بحشد النوع المفيد صاحب الفكر الثاقب والرأي الراجح، أصحاب الاختصاص والدراية والبصيرة. نريد النوعية وليس الكمية «Quality not quantity» لابد أن يأخذ المؤتمر الصبغة القومية الكاملة، وأن ننأى به عن انفرادية واحتكارية الرأي، والقرار، والجهوية والقبلية والحزبية. التعليم قضية قومية تهم الجميع. لابد أن نختار النخبة، والعقد الفريد، وأن تكون مقومات الحوار الرأي الحق والصائب المحايد الذي يمحو هم الوطن، وذلك الشخص المستقل صاحب الذهن المتوقد والبديهة الحاضرة. ونأمل ألا تشغلنا الخطب وأوراق العمل المطولة الرنانة فارغة المعنى والمحتوى، فهي تدخل الملل في النفوس، ومضيعة للزمن الذي نحتاجه.. ولكن أهم ما ورد ذكره نحن نتطلع ونرقب مجرد التفاتة الدولة «Concern» وقيادتها لهذه القضية القومية، الهامة وأقول بغير الارادة السياسية، ووضع توصيات المؤتمر موضع التنفيذ وفي حدقات العيون، لن نجني غير الفشل والاخفاق! والتعليم كما تعلمون لا يقل أهمية وضرورة للانسان من الماء والهواء. فهل نستطيع التخلي عنهما؟ هنالك قضية هامة ومهملة آمل أن تجد حيزاً بمؤتمر التعليم، الذي يغوص في متاهات عدم المبالاة وشح الرقابة الفاحصة المسؤولة. فأي منهج وأي مواد يتلقاها أولئك الطلاب؟ لا أحد يدري! وهل معلموهم بالمستوى المطلوب وتم اختيارهم بمعايير المعلم المؤهل الكفء؟ نأمل أن يستقيم العود بوزارة التربية والتعليم! من هذا المنبر الحر أتقدم بالتهاني القلبية للدكتور يحيى صالح محمد مكوار للاختيار الموفق ليمتطي صهوة جواد التعليم بولاية الخرطوم.. فهو شاب امتلأ نشاطاً طموحاً وحيوية، صاحب فكر ثاقب، ورأى راجح يزينه ذكاء فطري متوقد أعانه الله لتحمل هذا العبء الثقيل، والمسؤولية الجسيمة. دعنا نتفاءل بتحقيق الأمل الأخضر: تعليم أفضل جيد النوعية.. والله الموفق شكراً لك أختي إخلاص نمر حسين الخليفة الحسن - خبير تربوي nimiriat@hot mail.com