قالت صحيفة «ذي الغارديان» البريطانية إن الانتخابات السودانية المزمع إجراؤها في 11 أبريل الجاري ستفقد مصداقيتها إذا رفضت أحزاب المعارضة خوضها. وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها أمس السبت تحت عنوان «السودان: أهون الشرَّين», إلى أن اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب التي أبرمت قبل خمس سنوات ووضعت حدا للحرب الأهلية في السودان قضت بإجراء انتخابات حرة تفضي إلى تحول ديمقراطي في البلاد. ورأت الصحيفة ?وهي إحدى كبريات الصحف البريطانية التي تميل إلى يسار الوسط- أن كل ما تمخضت عنه تلك الانتخابات بحسب مجموعة الأزمات الدولية هو إحصاء سكاني مضروب, وسجل انتخابي معيب, وتقسيم المناطق الانتخابية لمصلحة حزب معين وشراء ولاءات قبلية. ومضت الافتتاحية إلى القول إن الانتخابات ?وهي الأولى من نوعها منذ عام 1986- ستفقد مصداقيتها إذا ما ظلت أحزاب المعارضة خارج السباق. وأشارت إلى أن الرئيس عمر حسن البشير بحاجة لهذه الانتخابات لإضفاء الشرعية على حكمه على الأقل اتقاءً لاتهام المحكمة الجنائية الدولية له بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان تهديد البشير بقطع أصابع بعض مراقبي الانتخابات الغربيين بعد أن نصحوه بتأجيلها, ووعيده بنسف الاستفتاء المقبل على مصير الجنوب, إذا ما انسحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان من الانتخابات. وبرأي ذي غارديان, فإن الاستفتاء أهم لجنوب السودان والحركة الشعبية من الانتخابات القومية, ذلك أنه إذا أعيق إجراؤه وعاد الطرفان إلى تسليح نفسيهما فلن يكون من العسير تخيل نشوب الحرب مجددا والتي ستنتهي هذه المرة في العاصمة الخرطوم. ولعل ثمة حلا وسطا يجرى الإعداد له يتيح للبشير إجراء انتخاباته إذا ما سمح للحركة بإقامة استفتائها. ولهذا السبب جاءت مقاطعة الحركة لانتخابات جزئية. فهي قد سحبت مرشحها للرئاسة ياسر عرمان ومرشحيها للبرلمان في غرب دارفور حيث أقدم حزب المؤتمر الوطني بزعامة البشير على أسوأ عملية تزوير, على حد رأي الصحيفة. وزعمت الصحيفة أن حزب المؤتمر الوطني قام بتسجيل العرب والبدو والوافدين من تشاد والنيجر وكل من وقعت عليه أيديهم, ما عدا نازحي دارفور البالغ عددهم 2.6 مليون شخص الذين يقيمون في معسكرات اللاجئين. وخلصت الصحيفة إلى القول إنه في ظل الخيار المر بين إجراء انتخابات قومية سيكون الرابح فيها البشير وحزبه, وبين تفادي اندلاع حرب أخرى بين الشمال والجنوب, ربما يقدم المبعوث الأميركي للسودان سكوت غريشن على تبني المسار العملي. لكن ذلك سيترك مشكلة البشير مع المحكمة الجناية قائمة, مثلما ستكون عليه قضية حزب المؤتمر الوطني مع الصراع الذي لم ينته في دارفور.