« إذا استمر الحال على ما هو عليه ستسير الأوضاع من سيىء الى اسوأ»، هذا ماجهر به نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية النيل الازرق عبد الرحمن ابومدين اخيرا، والواقع الذي يحذر من استمراره يتمثل في الفراغ الذي تشهده حكومة الولاية منذ تكليف اللواء الهادي بشرى، وهو ذات الامر الذي جعل القوى السياسية تطالب بتعيين حكومة برنامج متوافق عليه وعلى من يتولون تنفيذه، غير ان انباء رشحت عن رفض الوالي المكلف تكوين حكومته في ظل الخلافات الحادة التي يشهدها الحزب الحاكم بالولاية الذي انقسم على اثرها الى تيارين . وبعيدا عن الدوافع التي تقف وراء تحذيرات نائب رئيس الحزب الحاكم بالنيل الازرق والتي يعتبرها مراقبون دليلاً واضحاً على تباعد خطوط التلاقي بين الوالي المكلف وقيادات الحزب التي لم تكن راضية عن قرار تكليفه،وبعيدا عن آراء محللين سياسيين يعدون ان ظاهر ذات التحذيرات يذهب ناحية معالجة الاوضاع السياسية في الحزب والجهاز التنفيذي، وتحمل في باطنها رسائل غير مباشرة للمركز توضح حالة التململ وعدم الرضاء من تهميش الوالي المكلف لقيادات الحزب ،وبعيدا ايضا عن الصراع الدائر داخل اروقة الحزب الذي افرز وفي ظاهرة تعد الاولى في السودان ظهور حزب جديد يسمى المؤتمر الوطني (أ) ،تشهد حكومة الولاية حالة فراغ تبدو غير خافية وكشف عنها ابومدين في تصريحات صحفية مشيرا إلى أن الحكومة الحالية للولاية «المكلفة» لم تؤد القسم حتى الآن ويوجد بها أربعة وزراء فقط يقتسمون مهام «11«» وزارة منذ 5 أشهر ،بجانب خلو مقعد المعتمد في أربع محليات حدودية مع دولتي الجنوب وأثيوبيا وهي «الكرمك، باو، التضامن، والروصيرص». واصفاً الوضع بأنه غير مقبول وقال( طالبنا الوالي الهادي بشرى بأن يعلن حكومته لكنه أكد في أكثر من مرة انه غير متعجل))،كاشفا عن انهم فوجئوا بعودة الهادى بشرى واليا للولاية لجهة انه كان بها فى وقت سابق وعرفه الناس ،مشيرا الى ان الوطنى تحفظ على تعيينه كوال الا انه قبل بقرار رئيس الحزب المشير عمر البشير،مؤكدا ان لهم رأياً وملاحظات على ممارسته العامة وعدم تكوينه للحكومة التى كان يفترض تكوينها بعد اسبوعين من توليه المنصب ، ،مشيرا الى ان الولاية تحتاج الى الاستقرار الادارى وفى كل الجوانب الاخرى ،واختتم بقوله «لا اعتقد ان المؤسسات ستسكت على هذا الوضع الذي يحتاج لتغيير». ورغم ان الحكومة اعلنت عن كامل دعمها لولاية النيل الازرق وكلفت لجنة اسناد رفيعة المستوى تضم عدداً من الوزراء الاتحاديين وذلك من اجل تنفيذ مشروعات تنموية وخدمية ، ورغم ان الولاية بدأت تشهد استقراراً امنياً ، غير ان الفراغ الذي تشهده حكومة الولاية ظل محل اهتمام من مختلف القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني ،حيث يعتبر مراقبون ان الاستقرار الامني يحتاج لاستدامته لاستقرار سياسي الذي يرونه غير مستقرا لجهة التباعد الواضح بين قيادات الحزب الحاكم والوالي المكلف من جهة ،ومن جهه اخرى حالة الفراغ الذي تشهده حكومة الهادي بشرى ،ويرى المراقبون ان هناك تحديات كبيرة ومهام جسام بالولاية تحتاج لجهاز تنفيذي متكامل يستطيع انجازها ،فيما يرى طرف آخر ان الوالي الذي جاء به قانون الطوارئ لديه رؤية محددة تذهب ناحية تعزز الاستقرار الامني ومن ثم الالتفات للقضايا الاخرى وعلى رأسها تشكيل حكومته. أمين الاتصال التنظيمي والسياسي بالمؤتمر الشعبي بالنيل الازرق ادريس محمد البلال يقول ان الحكومة الحالية تعمل بدون برنامج واضح المعالم ،معتبرا ان هذا الامر قاد لظهور عدد من التجاوزات والقصور الاداري والمالي ،وتعجب في حديث ل(الصحافة) من كيفية تكليف (شخص) واحد بادارة ثلاث محليات واصفا الامر بالغريب، متسائلا:هل هذا يعني عدم وجود كفاءات وكوادر لتولي المناصب ؟ ويشير ادريس ان الفراغ الذي يشهده الجهاز التنفيذي انعكس بدوره على الحياة العامة بالولاية لان المواطن في ظل هذه الاوضاع السياسية غير المألوفة لايشعر بالاطمئنان،وزاد:»الفراغ في الجهاز التنفيذي يعضض هذا الاعتقاد»،مؤكدا ان الاستقرار الامني قد يبدو ماثلا وان هناك توجساً وخوفاً مصدره عدم وجود جهاز سياسي وتنفيذي. وفي ظل دعوات مطالبة بتعيين حكومة تملأ الفراغ الدستوري وتصرف اعمال الولاية خلال المرحلة المقبلة يطالب آخرون برفع حالة الطوارئ المعلنة ويرى هؤلاء ان الاوضاع استقرت ويجب ان تعود الحياة السياسية الى طبيعتها ،وهذا ماكشف عنه الناطق الرسمي لحزب الامة الصادق محمد كارا الذي قال ل(الصحافة) عبر الهاتف ان قانون الطوارئ المعمول به في الولاية لايساعد على التحركات السياسية لبحث مستقبل النيل الازرق، مؤكدا ان العلاج المناسب للحالة التي تمر بها الولاية اشراك كافة القوى السياسية،معتبرا ان الحل السياسي هو المخرج الوحيد للولاية من ازمتها الحالية،وقال كارا» ان الوقت يمر ولابد من جلوس كافة الاطراف للتفاكر والتشاور حول مستقبل الولاية»، مضيفا « نرفض تماما كافة اشكال الاتفاقيات الثنائية التي نعتبرها السبب المباشر لمشاكل الولاية الحالية» . ومطالبة الناطق الرسمي لحزب الامة بضرورة اشراك كافة القوى السياسية في تحديد مستقبل الولاية وحكمها سبقه اليها نائب رئيس المؤتمر الوطني عبد الرحمن ابومدين في تصريحات صحفية دعا عبرها الى قيام حكومة ذات قاعدة عريضة أسوة بما تم في المركز «الحكومة الاتحادية»، تشارك في هذه الحكومة كل الأحزاب السياسية التي دعمت الوحدة والقوات المسلحة،مجددا تأكيده على ضرورة تكوين جبهة داخلية قوية من الأحزاب المذكورة، وهي (11) حزباً بالولاية. ولكن امين الاتصال التنظيمي والسياسي بالمؤتمر الشعبي يرفض الدعوة لحكومة ذات قاعدة عريضة ،موجها انتقادا مباشرا للحزب الحاكم بالولاية،مشيرا الى ان تصريحات نائب رئيسه الاخيرة لم تأتِ من اجل (خاطر عيون) مواطني الولاية بل لاسباب معروفة للجميع ، وهؤلاء يعلمون حجم الخلافات داخل هذا الحزب ،ويشير الرجل: « ان المطلوب قبل التفكير في تشكيل حكومة، ايقاف الحرب ورفع حالة الطوارئ»، مطالبا بان يأتي تكوين الحكومة مختلفا عن السائد،ويضيف:يجب ان يتم وضع برنامج محدد للحكومة القادمة،وان تضم في تكوينها كفاءات حقيقية بغض النظر عن انتماءاتها وذلك من اجل الخروج بالولاية اليى بر الامان . وتؤكد مصادر صعوبة تعيين حكومة جديدة بالولاية وذلك للصراعات التي يشهدها الحزب الحاكم، والذي كشف مصدر مقرب من قيادته ل» الصحافة» عن انقسامه الى تيارين هما الامانة (أ) والامانة (ب) ،و يقف على رأس التيار الاول عبد الرحمن ابومدين ويصف من خلفه كل من معتمد الدمازين ووزير الشؤون الاجتماعية ورئيس تشريعي الولاية ووزير التربية،اما التيار الثاني فيقوده وزير الشباب والرياضة العاقب عباس زروق وكل من وزراء المالية والزراعة وغيرهم من القيادات . وقال المصدر ان كل تيار قدم قائمة مقترحة بشكل منفرد للمركز تضم عناصر مقترحة للحكومة القادمة،مشيرا الى ان عملية تجميد عضوية ثلاثة من وزراء حكومة الهادي بشرى من قبل عبد الرحمن ابومدين دليل بالغ على اتساع شقة الخلاف بين الطرفين، واضاف ان الوزراء الذين تم تجميد عضويتهم بالحزب يناصرون تيار العاقب زروق،وان الخلافات التي يشهدها المؤتمر الوطني تعد مهدداً حقيقياً من شأنه التأثير سلبا على مجمل الاوضاع بالولاية، مشيرا الى ان موقف الوالي المكلف الهادي بشرى واضح للطرفين حيث اكد عدم تكوينه حكومة جديدة اذا لم تحل الخلافات الحادة التي يشهدها جسم المؤتمر الوطني بالولاية،مؤكدا استياء الشارع بالولاية من خلافات قيادات المؤتمر الوطني التي لاتنتهي ، مشيرا الى بروز اصوات تنادي بأن يعتمد الوالي المكلف على شخصيات لاعلاقة لها بالاحزاب في تشكيلة حكومته القادمة،رغم إقراره بصعوبة تنزيل مثل هذا المقترح.