شهدت ولاية شرق دارفور الجديدة ولادة سياسية متعثرة مما جعلها تعيش حالة فراغ دستوري تسبب به رفض واليها المعين الدكتور عبدالحميد موسى كاشا ادى القسم وتولي مسؤولياته الجديدة، لتبقي الولاية الجديدة بلا والٍ لحين اشعار اخر.وهو الامر الذي اشار اليه مراقبون على انه سابقة يسجلها التاريخ، على تجربة الممارسة السياسية لقيادات الحزب الحاكم في البلاد،مطالبين الحكومة بتعيين والٍ اخر في اسرع وقت لسد الفراغ الدستوري الحادث في ولاية شرق درفور، ووصفوا الخطوة التي اتخذها كاشا رغم ما رافقها من دفوعات ومبررات بانها مجرد «حرد وطمع وجشع للمناصب الدنيا»، وقالوا انها تأتي من باب طلب المناصب العليا. وبعد ان ابدي عبد الحميد موسى كاشا زهده في المنصب الاعلى بشرق دارفور،برزت الى السطح ترشيحات اخري لتولي ذلك المنصب الرفيع، وتضم القائمة «الفريق شرطة»م» الهادي محمد أحمد رخروخ واللواء شرطة «م» موسى جالس ناظر عموم البرقد والعميد حسبو محمد عبدالرحمن . الفريق شرطة الهادي محمد أحمد رخروخ عرف انه واحد من اميز ضباط الشرطة وله مساهمات كبيرة في تنمية وتطوير الشرطة بالسودان، و تسيطر على الرجل النزعة القومية الجامحة فيما ظل بعيدا عن اي ارتباط تنظيمي باي حزب سياسي في السودان، وتنحدر اصوله من قبيلة المعاليا، وهي واحدة من المكونات القبلية والجغرافية التي يتشكل منها المكون الاجتماعي في المنطقة، وهي على ما يقال من اكثر القبائل الزاهدة في السلطة في دارفور والسودان.وقال الفريق الهادي ل«الصحافه» انه لو اوكل له منصب والي الخرطوم لما تولاه، ناهيك عن منصب والي لولاية شرق دارفور الجديدة. واوضح رخروخ انه اختير الي المفوضية القومية للانتخابات لكونه واحد من من ابناء السودان القوميين الذين ليس لهم اي انتماء لحزب سياسي، ولفت الي انه يعمل الان من اجل ان تتطور الممارسة الديمقراطية و مبادئ الشفافية في البلاد ، قائلا : هذا جعلني ان اتقدم الصفوف في الانتخابات الماضية واكلم كل السودانيين. و يضيف الفريق الهادي رخروخ بالقول: لايستقيم عقلا ان اكون والياً في ولاية، وانا ليس لي انتماء سياسي، وكيف اقبل لأناقض نفسي، فقبولي سيجعل الناس يفهمون انني منظم سياسيا لحزب ما او الي جماعة ما ، مبينا ان موقفه هذا يجب ان يتفهمه اي شخص من الشعب السوداني، على انه قومي وليس له انتماء تنظيمي الا لهذا الوطن . واكد رخروخ انه سيظل يعمل من اجل هذا المعاني في اي مكان في العالم ، داعيا من رفعوا اسمه لان يتفهموا موقفه. اما اللواء شرطة « م »موسى جالس فهو ناظر عموم قبيلة البرقد في السودان ، و تعتبر قبيلة البرقد المكون الاجتماعي الثالث بعد الرزيقات والمعاليا في توليف التركيبة الجغرافية و القبلية الذي قامت عليها ولاية شرق دارفور، فالناظر موسى جالس من شريحة الضباط العظام في الشرطة السودانية، تقاعد وهو مدير عام لشرطة الجوازات في السودان، ليتولي نظارة البرقد بعد وفاة والده، له صلة تنظيمية بالحزب الحاكم، وعمل عضوا في مجلس الولايات. بيد انه كانت لقبيلته مواقف رافضة لتبعية المنطقة التي تتبع لهم الي ولاية شرق دارفور لاعتبارات عديدة منها ان الموقع الجغرافي لحاكورة قبيلته يقع بالقرب من حاضرة ولاية جنوب دارفور مدينة نيالا . و قال اللواء موسى جالس في اتصال هاتفي مع «الصحافة»، انهم قبلوا بالولاية لانها اصبحت امرا واقعا ، ولم يظهر الرجل عدم قبوله بالتكليف، اذا تم اعلانه كوالي لولاية شرق دارفور، ولكنه عاد واقر بصعوبة الوضع العشائري في ولاية شرق دارفور، وقال ان الوضع في ولاية شرق دارفور صعب جدا «عشان كده قلنا ليهم، في اشارة الي مراكز القرار في الحكومة، ان منصب الوالي الاول دا يجب ان يركب فيه واحد من ابناء «رزيق»»، والاشارة هنا لقبيلة الرزيقات. ومضي جالس ليقول « الولاية دي ماطلبوها هم ، ولمن بقت واقع احسن ليهم مايتهربوا». واوضح جالس ان البنية التحتية للولاية منهارة وسكان الولاية جلهم فقراء وساهموا في بناء كل مؤسسات دارفور بمالهم ورجالهم، مشيرا لعدم وجود حتى مكتب جاهز للوالي ليتخذه كمقر لعمله ، والمتوفر لا يتعدى مكاتب المحلية .. وهذا ، بحسب جالس، يدعو اي والي يعين لهذه الولاية الى ان يبدي تخوفه من التكليف. ورأى جالس ان حل هذه المشكلة يتطلب وقفة والتزاما واضحا من الحكومة الاتحادية، تتعهد فيها ببناء وتشييد بنيتها حتي لايذهب الوالي المعين ليفرض علي مواطني الولاية «الاتاوات». وكشف جالس ان الحكومة امهلت كاشا فرصة حتي يوم الاثنين القادم، فاذا لم يتراجع عن موقفه سيعين والي اخر من ابناء الولاية، ولكن عبد الحميد كاشا في حديثه ل« الصحافة» عبر الهاتف امس جزم بعدم تراجعه عن قراره برفض التكليف، وقال ان هذا الموضوع حسم تماما بالنسبة له وقال انه يقيم الآن بمزرعته على بعد مائة كيلومتر من مدينة القضارف برفقة عائلته بغرض الاستجمام والراحة والخروج من اجواء الأزمة التي احاطت به في الفترة الماضية. ويرجح جالس في حال عدم تراجع كاشا ان يكون الوالي المعين هو حسبو محمد عبد الرحمن رئيس الكتلة البرلمانية لنواب دارفور، ومفوض العون الانساني السابق، الموجود حاليا بجنوب افريقيا مشاركا في احتفالات الحزب الحاكم حزب المؤتمر الوطني . ومعروف ان حسبو مقرب الي الدوائر الامنية في البلاد، وتعود جذوره الى قبيلة الرزيقات. وتخرج الرجل من الجامعات المصرية ثم عمل ضابط اداريا بدارفور، قبل ان ينتدب الي الدوائر الامنية . وقد شهدت فترة عمله في مفوضية العمل الانساني تجاذبات كثيرة ، بعدها ترشح لعضوية المجلس الوطني وتم انهاء عمله في مفوضية العون الانساني. ولحسبو علاقات طيبة بدوائر صنع القرار في الحكومة المركزية، وباختيارة يمكن ان ينتهي الفراغ الدستوري الذي تعيشه ولاية شرق دارفور الجديدة .