وصف عدد من القيادات السياسية والتنفيذية بكسلا الخطوة التي أقدم عليها الوالي محمد يوسف عبد الله بإزالة عدد من المنازل الحكومية لإيجاد مواعين إيرادية جديدة لولايته بالغير موفقة، ورأوا ان القرار يعود لغياب الفعل السياسي الراشد وانفراد الوالي بالسلطة، في وقت تعاني الولاية فيه من الفقر والبطالة وتنعدم فرص العمل وتعطل التنمية من جراء ضعف الإيرادات لاعتمادها على الدعم المركزي الذي يأتي شحيحاً، واعتبروا ان لجوء الوالي لتلك الخطوة يوضح عدم امتلاكه لأي رؤى اقتصادية، تحتاجها الولاية لعبور أزمتها. وجاءت قرارات يوسف مفاجأة للمجتمع الكسلاوي ، اذا لم يقدم والي من قبل على هدم معالم المدينة الرئيسة، سعياً من وراء جلب المال وإثبات لمقدرته على التعامل مع افتقار الولاية للموارد الإيرادية. وتتناقل مجالس المدينة خطط الوالي لتجميل شوارع المدينة بالانترلوك، رغم ما يواجه مواطن كسلا من فقر مدقع وتفشي للامراض والوبائيات، بعاصمة الولاية ومحلياتها المختلفة، فضلا عن تداعيات الازمة الاقتصادية الطاحنة . ويرى القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي وجدي صالح بأن ما يقوم به الوالي الآن في كسلا، يعد ببساطة تسلطاً كاملاً من الجهاز التنفيذي على المواطنين في ظل غياب كامل للجهاز الرقابي والتشريعي عن اداء دوره تجاه المواطن، واشار ان هذا الوضع مكن الوالي ومعاونيه في الجهاز التنفيذي من الهيمنة والتصرف في إدارة شأن الولاية الغنية بمواردها الطبيعية، وكأنهم يديرون قرية وليست ولاية. ولفت وجدى الى التشوهات التي لحقت بسوق مدينة حلفاالجديدة، بعد ان كان نموذجاً للتخطيط السليم ، والى ما قال انه تعديات علي مخططه ليصبح سوق المدينة نموذج لمباني متراصة تنعدم فيها الرؤية الهندسية والإحساس. وانتقد القيادي البعثي وجدي صالح اتجاه الوالي ووزارة التخطيط الى الجبايات كاداة لجلب المال، بعد هدم منازل الدستوريين، وقال ان الولاية فرضت جبايات لتجديد الحكر لأراضي المواطنين و حددت رسوم باهظة للمستحقين للأراضي وفق للخطة الاسكانية بلغت (1500) جنيه، فيما أهدرت هذه الأموال في إيجارات منازل الدستوريين ومباني الوزارات دون مراعاة للفقر المدقع والوضع الاقتصادي المذري للولاية. ورأى وجدي ان الوالي لا يملك أي برنامج ولم يستطع إدارة الولاية بشكل صحيح ، مشيراً إلى أن القوى السياسية المختلفة هناك بصدد الضغط على الحزب والمركز لإرغام الوالي على التعامل مع احتياجات وتطلعات المواطن بمسئولية يفرضها عليه موقعه، فضلا عن عملية الاستماع لهم عملا بمبدأ الشورى، ووضع الخطط والبرامج بشكل يراعيها وفقا لامكانية الولاية البشرية والمادية. واستبعد القيادي البارز بحزب البعث تدافع المستثمرين للمغامرة بالاستثمار في ولاية تنعدم فيها الأفكار السياسية والكفاءة التنفيذية،وذلك من جراء الصراعات التي لم تفلح الحكومة في معالجتها بحكمة تقتضيها المصلحة العامة. فيما حمل الأمين السياسي لمؤتمر البجا صلاح باركوين حزب المؤتمر الوطني بكسلا مسئولية ما يحدث، ومسئولية بلوغ المعاناة لأهل الولاية وعاصمتها الخضراء هذا الحد، وقال» كل هذا يحدث لعدم التزام الحزب بالاتفاقية المعلنة لرسم السياسات في الولاية، مبيناً بان الدولة تعاني من ضيق ذات اليد، وانها تساهم في الموازنة العامة للولاية بنسبة (18%)، ويستكمل باقي الموازنة من الموارد الذاتية. ووجه باركوين انتقادات حادة لقيادات الوطني بكسلا لجهة قبولهم الخطوة التي اقدمت عليها حكومة الولاية بهدم وإزالة المباني ذات التاريخ العريق بالولاية، وذلك كما يقول لتجاوز الحزب القوى السياسية في ذلك، ولعدم اتباعه الإجراءات القانونية المطلوبة في مثل هذه المشروعات، والتي تنص كما يؤكد على إلزام المستثمرين بعملية الإزالة والهدم مع تحديد المساحة المطلوبة قبل الشروع في ذلك. وبين الامين السياسي لمؤتمر البجا ان الخطوة الاستباقية التي اقدم عليها الوالي فيما يخص إجراءات الإزالة ونظافة المنطقة، أثارت الضبابية واكدت انفراده وحزبه بالقرار، مطالبا اياه بضرورة مراجعة موقفه من القضية. وشدد باركوين ايضا على ضرورة إعادة الأمور لنصابها والعمل على إيجاد مستثمرين حقيقيين لتغطية العجز الموجود في الميزانية،مرجعا فشل المشروع في اجتذاب رؤس الاموال، لعدم اشراك أصحاب الرؤية العلمية والاقتصادية قبل الاقدام عليه،علاوة على ارتباطه بنظرة سياسية أضرت المشروع والولاية كثيراً. ولم يبتعد الكاتب الصحفي سيف الدين هرون عن ما تفضل به باركوين كثيرا، اذ اتفق معه على وجود عوائق عديدة تقف امام المستثمرين في الولاية، ومنها الإجراءات الادارية المعقدة وتضارب الصلاحيات،فضلا عن تركهم في مواجهة أصحاب الحيازات المهجورة في المحليات، بعد اتجاه معظم سكانها إلى حاضرة الولاية لتفشي الأمراض والفقر. وحمل هرون حكومة الولاية مسئولية فشل هذا المشروع في اجتذاب المستثمرين،ذلك لانها اقدمت على عملية الهدم قبل إشراك القوى السياسية في هموم الولاية. واشار سيف الدين الى ان كسلا تعاني الامرين، ولازالت تخضع لتأثيرات ما تعرضت له في السابق إبان فترة المعارضة المسلحة، وتحول اغلب الولاية الى ساحة للحرب، مما تسبب في إهدار الموارد وتدمير البنيات التحتية ، وادى بالطبع إلى تأخر التنمية فضلاً عن مخاطر الألغام المزروعة في بعض المناطق بالولاية، والتي أثرت كثيراً على عملية التنقيب الأهلي. واكد سيف الدين على تزايد معدلات الفقر والبطالة، لافتا الى توقف أكثر من خمسة مصانع في الفترة الماضية كانت تساهم في دفع عملية الانتاج وتوفير فرص عمل، ورأى ان كل تلك العوامل تمثل قنابل موقوتة تنذر بكارثة إنسانية. وطالب الكاتب الصحفي سيف الدين هرون حكومة الولاية بطرح فرص الاستثمار الحقيقية والتي تذخر بها كسلا، وعرض المشكلات والمشاريع المقترحة لمعالجتها على المانحين، مبينا ان عملية التنمية التي شهدتها الولاية تمت عبر اتفاقية الشرق، ولم تراعِ إنسان الريف الذي يعاني الجهل والأمية .