٭ الاتحاد النسائي وما ادراك ما هو؟ أنه تنظيم لم يكن مجهول النسب، فقد خرج من رحم الحركة الوطنية السودانية نتاجاً حتمياً وطبيعياً لها وهى في قمة فورانها ووهجها.. ولم يكن وليداً مشوهاً بل خرج الى حيز الوجود سوياً مكتملاً.. ولم يكن عملاً مستورداً فقد استمد فكره وأساليبه ووسائل عمله من أصالة الشعب السوداني الضاربة جذورها في أعماق التاريخ.. وقد ولد على أيدي سودانيات امدرمانيات بنات بلد.. نجحن في تحقيق الموازنة السليمة في الصراع بين دوافع التغيير وقوة التقاليد، فلم يندفع هائجاً متهوراً، ولم يتباطأ مسترخياً متلكئاً.. لذلك كسب ثقة المجتمع السوداني في زمن قياسي، وحتى الذين عارضوه وهاجموه باسم الدين والتقاليد فقد خدموه من حيث لا يقصدون، إذ أن تسليطهم الضوء عليه أكسبه المزيد من المؤيدين مستندين على حقيقة وضع المرأة في الإسلام الذي كرمها وكفل لها حق العلم والعمل والحياة الكريمة. ومنذ البداية كان نهج الاتحاد في نشاطه وبرامج عمله في كل المجالات المختلفة، يسير في خطوط متوازية قد يسبق أحدها الآخر ولكن لا يتقاطع قط معه، وفي بداياته الاولى جعل العمل الاجتماعي مظلة للعمل السياسي مختفياً أثر مؤتمر الخريجين العام في التعامل مع الظروف الاجتماعية والسياسية آنذاك، لذلك اشتد عوده وشمخ في وقت وجيز قياسي. الاتحاد النسائي كان الشرارة التي أوقدت الحركة النسائية المعاصرة. وكان وقودها ومنارتها وهاديها وحاديها، وكان النافذة التي أطلت منها المرأة السودانية على نساء العالم، والصوت المجلجل لها في ساحات العمل الإقليمي والدولي. الاتحاد النسائي كان المدخل والأساس المتين لكل المكاسب الاجتماعية والسياسية المتلاحقة التي تحققت للمرأة، جاعلاً التعليم والعمل والديمقراطية ركائز أساسية لتمكين المرأة. وقد فتح الطريق واسعاً وممتداً لتنظيمات نسائية تأسست بعده، واخرى كانت صغيرة قائمة فنشطت وتوسعت وأعادت تكوينها على أسس جديدة. الاتحاد النسائي أدرك منذ البداية أهمية وسائط الإعلام في نشر فكره ونشاطه، فأسس ركناً له ثابتاً بالإذاعة السودانية بعد تكوينه مباشرة، عندما كان مقر الإذاعة في منزل صغير بحي الهاشماب بإدارة المرحوم الاستاذ متولي عيد ورفاقه القلائل، وكان لي شرف تأسيس هذا الركن مع الزميلة عزيزة مكي عثمان أزرق، فأصبح المبنى الذي يسمع صوت الاتحاد. وانبرت أقلام الرائدات في الصحف تبشر به وتوضح وتدافع عن مقاصده، كان بعضهن يكتب بأسماء مستعارة ذات مدلول خاص، بينما كانت الاخريات يكتبن بأسمائهن الحقيقية، فمثلاً كانت فاطمة طالب تكتب باسم الزهراء وحاجة كاشف تكتب باسم شورى، ونفيسة أحمد الامين تكتب باسم ابنة النور. هذا ونحن الآن وبعد مرور ستين عاماً على تأسيس الاتحاد النسائي، لا ندعي بطولة أو نرتجي مكسباً، فإنجازات الاتحاد مجملة هى حصيلة لجهود قياداته وقواعده في مراحل مختلفة من عمره، كل اعطت وما بخلت حسب امكاناتها وقدراتها وظروفها، واستناداً إلى هذه الحقيقة فإننا نقف اليوم وقفة مع تنظيم كان الأداة الفاعلة المؤثرة في إحداث التغيير الاجتماعي، وكان الطريق الممتد المتواصل للنهوض بالمرأة وتمكينها لتؤدي أدوارها الثلاثة، الانجابي والانتاجي والمجتمعي، نعم هى وقفة للتأمل والتقييم العلمي لمساره الساطع الذي تعرض خلاله للكثير من العقبات والهزات. وعلينا على أن نقيم كل حدث في إطار ظروفه ومعطياته، إذ أن الحراك في الحاضر بعقلية الماضي فقط يصيب الحركة النسائية بالكساح. ستون عاماً مضت تعاقبت فيها أحداث وأحداث، ونمت اجيال جديدة بمفاهيم ورؤى جديدة في إطار المتغيرات المحلية والدولية. وهذه الأجيال عليها أن تستلم الراية مستلهمة إيجابيات ركائز الماضي ومستشرفة غداً أفضل تستجيب فيه لروح العصر وندائه.. وتدافع عن حقوق المرأة المكتسبة وتحميها من التراجع والهجمات وتطورها حتى لا تفوتها خطى الزمن. رحم الله كواكب رائدة رحلت عن دنيانا الفانية وغابت عن هذه الوقفة التاريخية، رحم الله فاطمة طالب إسماعيل، وثريا أمبابي ومدينة بابكر الغالي، وفاطمة محمد شعرون، وثريا الدرديري، ونعمات الزين، وعزيزة مكي رزق وغيرهن من الكوادر اللاحقة. وليعش الاتحاد النسائي.. ولتعش الحركة النسائية معافاة في ظل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. ابنة النور تحية للحبوبات ٭ أحييكن يا حبوباتي رفعتن للعلم رايات حبوبتي خالدة من اوائل الطبيبات حبوبتي إحسان من اوائل القاضيات حبوبتي حاجة من أوائل الاديبات حبوبتي ام سلمى رائدة المرشدات حبوبتي عزيزة في الخارج مثلت السودانيات بيتها مفتوح للطلبة والطالبات حبوباتي عشة وستنا من أوائل التشكيليات حبوبتي نفيسة وعمائم ومحاسن من أوائل المعلمات وكنتن يا حبوباتي في خميلة السودان زهرات الليلة أريتك كان يا الخليل صحيت كنت لي حبوباتي غنيت وكنت هنيت بى نمة دوبيت يا سماحة حبوباتي وكت يفرشن البيت يا حلاتن يطلقن فيه بخور الكَبَريت حبوباتي لبسن الذهب وعقود السوميت جداتي الما متعلمات ترّن المترار وضفرن السعف وربن الرجال ومن بينهم أزهري رفع راية الاستقلال حبوباتي علمن الأمهات حبوباتي شمعة توقد وتنور الدريبات عقبال يا حبوباتي توقدن الشمعة المية