بثت الحكومة تطمينات واسعة للجنوبيين المقيمين في الشمال، بانها ستراعي الجوانب الاخلاقية والانسانية والسياسية في التعاطي معهم، بعد ان اوشكت مهلتهم في الشمال على الانتهاء وترحيلهم الى دولتهم الوليدة بيسر. ورأت ان الوقت غير مناسب للمطالبة باعادة مثلث حلايب نسبة لظروف «المخاض» التي تمر بها مصر. وتعهدت بانها ستنظر بعين الاعتبار للمشاكل التي تعترض نقل الجنوبيين وتيسيرها بشكل يليق بهم واتاحة الفرصة لتوفيق الاوضاع ولن تتعامل معهم كمجموعات غير مرغوب فيها. وتعهد وزير الخارجية علي كرتي، في مقابلة مع برنامج «مؤتمر اذاعي» الذي بثته الاذاعة السودانية امس، بمراعاة الظروف التي فرضتها الاقدار، بجانب مراعاة علاقات المصاهرة والملكية ،وتسهيل الاجراءات والنظر في امكانات الجهات التي تشرف على عملية الترحيل، وعدم تكديس البشر وارهاقهم، مضيفا ان مثل هذه المعاملات تصب في صالح الحكومة. واكد ان الخرطوم حريصة على تعزيز علاقاتها مع جوبا بالرغم من حالة التوتر بينهما بسبب النشوة التي اعترت بعض قيادات حكومة الجنوب عقب الانفصال، وذكر ان وزارته اكملت عملية تعيين سفير في جوبا، بيد ان هناك بعض الاجراءات حالت دون الاسراع بذلك وليس لاسباب سياسية، و»نأمل ابتعاث سفيرنا في اقرب وقت» ، وتابع «تعرضت سفارتنا في جوبا لمضايقات من بعض الشباب المتفلتين ومحاولات من بعض متمردي دارفور تنظيم وقفة احتجاجية بالقرب منها»، وصفها بالمحاولات الصبيانية. وقال، ان دولتي شمال السودان وجنوبه ملتزمتان بحماية بعثاتهما الدبلوماسية، ولم يستبعد سماح حكومة الجنوب بالتجمعات التي حدثت بالقرب من السفارة، ورأى ان اعلان رئيس حكومة دولة الجنوب سلفاكير ميارديت منح شماليين الجنسية لا يعدو ان يكون سوى ارباك للساحة السياسية واظهار معاملة لائقة واثبات عكس ما ظل يعتقده بان الخرطوم تتجه لطرد رعاياه المتواجدين في الشمال. وفيما يتصل بقضية حلايب، قال وزير الخارجية ،ان الوقت غير مناسب لطرح قضية حلايب على الحكومة المصرية نسبة لحالة «المخاض» الذي تمر بها الدولة المصرية بعد سقوط نظام مبارك، وشدد على ان القضية لن تؤثر على العلاقة بين الخرطوم والقاهرة والتي انقشعت هواجسها الأمنية وشكوكها بنسبة 80% عدا بعض الدوائر التي تحتاج الى مزيد من التوضيح والتواصل، وقال ان نهج نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لملف العلاقات الخارجية بواسطة المخابرات ادى الى توسيع دائرة الشكوك والريبة من السودان بسبب مخاوف أمنية، موضحا ان الحكومة المصرية الحالية لديها رغبة جادة بالمضي قدما في علاقة تبادل مصالح وحسن جوار مع السودان. ورأى كرتي ان الوقت غير مناسب لطرح قضية حلايب والتباحث بشأنها نسبة لحالة «المخاض» التي تمر بها الدولة المصرية في الوضع الراهن، وزاد «لن يكون اخلاقيا التطرق لقضية حلايب في الوضع الحالي ومصر تعاني من مخاض» ، واضاف «حينما يحين وقتها سنتعامل مع هذه القضية بما يخدم مصلحة البلدين مع الاحتفاظ بكامل حقوقنا المعروفة». وبشأن التوسع الدبلوماسي للسودان في افريقيا، انتقد وزير الخارجية حالة الانكماش التي اعترت الدبلوماسية السودانية في افريقيا وعدم التمدد الدبلوماسي خاصة في دول جنوب حزام السودان، وقال ان عدد السفارات التي تتواجد بها لا تتعدى اصابع اليد الواحدة من حوالي 20 دولة، مضيفا ان اغلاق السفارات بتلك البلدان ادى الى تمدد الحركة الشعبية وعكس صورة سيئة عن حكومة الخرطوم وتحويلها الى قضية عرقية وإثنية ، وتعهد بالتوسع الدبلوماسي في افريقيا حالة توفر امكانات اقتصادية تتيح ذلك، واكد ان العلاقات مع دول الجوار اصبحت قوية وتمضي نحو تبادل المصالح، وقال ان وزارته انشأت لاول مرة ادارة خاصة بدول الجوار. كما انتقد كرتي احجام الخرطوم عن التوسع الدبلوماسي في دول اميركا اللاتينية، وقال انه من حوالي 30 دولة تمكنا من فتح سفارتين في دولتي البرازيل وفنزويلا، مشيرا الى ان غياب السودان عن تلك الدول يجعله غير متعاون وغير مشارك في مجال مكافحة الاسلحة النووية، والتطرق للقضايا البيئية التي اصبحت تتصدر قائمة الاولويات، وتابع بالقول «هذه مواقع هامة جدا ويحدث الكثير جدا لكنه في غير صالحنا». وقال ان انفتاح السودان على البرازيل من شأنه ان يعزز العلاقات السياسية والاقتصادية ونقل تجربتها في الصناعة والزراعة، خاصة وانها تصنف ضمن الدول الثماني الكبار، مضيفا ان البرازيل لديها تجربة رائدة في مجال التعدين وتمتلك شركات ضخمة للتنقيب وصناعة المعادن يمكنها ان تصبح بديلا عن الغرب، بيد ان هناك بعض العقبات التي تعترضها «نأمل من وزارة المالية ان تتجاوزها». وقال كرتي، ان عملية اختطاف العمال الصينيين تعد خرقا خطيرا للاعراف الدولية، مؤكدا ان بكين لمست جدية الحكومة السودانية في قضية الاختطاف ومساعيها لاطلاق سراح العمال، وقال ان هناك خطة أمنية متفق عليها للانتشار في مناطق جنوب كردفان والنيل الازرق لتأمين الاستثمارات والشركات العاملة وسكان المناطق. ودافع وزير الخارجية عن مبادرة السودان لرفع شكوى ضد حكومة الجنوب في مجلس الامن ، بالرغم من عدم الانصاف بسبب مواقف المجتمع الدولي الداعمة لدولة الجنوب، بيد انه عاد واكد ان بعض الدول الصديقة ترى ان دولة الجنوب ترتكب بعض الاخطاء، وطلبوا من الحكومة المبادرة بالشكوى لدى المنظمة الدولية.