من الملاحظ أن أدوية كثيرة غزت الاسواق وبكميات مهولة ، ولكن المؤسف ان معظم هذه الأدوية غير فعالة وقد اشتكي الكثيرون من عدم فاعليتها في معالجة الامراض، واول من أمس هاتفني مولانا محمد الحافظ القاضي السابق والخبير القانوني المعروف، وهو ساخط علي كمية الأدوية التي كتبها له الاطباء لعلاج نزلة برد دون ان يكون لها جدوى، وافاد مولانا انه بدأ فعلياً في تناول الأدوية البلدية المستخلصة من الاعشاب بعد ان يئس من أدوية السوق المغشوشة التي تدخل الي البلاد هذه الايام ، ومن الواضح ان عدداً كبيراً من افراد الشعب السوداني يحتفظون بشعور مماثل لشعور استاذنا محمد الحافظ تجاه الأدوية غير الفعالة، ومن الواضح ايضاً ان فاعلية قدرة الجهات المختصة بمراقبة وتمحيص المواصفات قد ضعفت او اصابها التلف والعطب والفساد او ربما هاجرت العقول السودانية الخبيرة في مجال الكشف علي الأدوية وفحص مدي فاعليتها وتركت الملايين من ابناء السودان يعانون يومياً من عملية اهدار الاموال بحثاً عن الدواء الناجع . وبسؤال بعض المختصين عن الاسباب وراء شيوع الأدوية غير الفعالة في السودان، افادوا بأن بعض شركات الأدوية اصبحت في ظل عدم وجود الرقابة المهنية والفعالة تبحث عن ترويج اكبر قدر من بضائعها في دول العالم الثالث المتخلفة صحياً وطبياً او التي تعاني اجهزة الضبط والمراقبة فيها من خلل ولذلك اكتظت الصيدليات بالأدوية غير الجيدة ، بيد ان د. راشد عبدالله جمعة استشاري السكتة الدماغية والمصران العصبي وامراض الكبار يعزو عدم قابلية بعض المرضى للاستشفاء ببعض الأدوية الشائعة الي انهم قد يكونون اكتسبوا مناعة ضد هذه الأدوية بفعل الاستخدام المتعدد، الامر الذي يحتم علي اطبائهم تغيير الوصفات الدوائية حتي تتقبلها اجسامهم بفاعلية، بيد انه لم ينكر وجود الكثير من الشركات الربحية التي لا تلتزم بمعايير الجودة في صناعة الأدوية، وهو مرض يصيب الضمائر البشرية الخربة. وقال راشد ان اوربا تعتبر صناعة الدواء جزءاً اصيلاً من منظومة حقوق الانسان التي يقدسها الغرب ولا يقبل التلاعب بشأنها ابداً ، وهم لديهم الاجهزة المتطورة للكشف عن الأدوية المغشوشة . ان المتداوين بالقرآن والاعشاب من اهل السودان لديهم الاسباب الوجيهة التي تجعلهم لا يثقون في الأدوية الكيميائية التي تغرق الاسواق، وبهذه المناسبة لا يفوتني ان أحيي مبادرة الاخ الشيخ الجيلي الجيلاني المكاشفي العشاب الشهير والخبير في الأدوية البلدية وهو يجوب ولاية البحر الاحمر ليساهم في معالجة الكثير من الامراض الشائعة في تلك البقاع ، ان الناس جربوا العديد من الأدوية الكيميائية دون ان يحظوا بالعلاج وبالتالي فإن المستفيد الاول من الأدوية غير الفعالة هم مافيا شركات الأدوية وبعض ذوي النفوس المريضة من المسؤولين اللامسؤولين في حكومات العالم الثالث، فهؤلاء يسهلون علي اؤلئك مهمة ادخال واغراق الاسواق نظير جعل معلوم و « مصلح »، وللأسف الشديد ما ساهم في مفاقمة مثل هذه الاساليب عدم وجود أجهزة وخبراء متخصصين والسؤال الي متي تظل الاسواق الدوائية السودانية مفتوحة علي مصراعيها لاستقبال الأدوية غير الفعالة ؟ سمعنا إبان تولي الوزير الانسان اللواء حسب الرسول بابكر حقيبة وزارة الدولة بالصحة انهم منعوا استيراد الاجهزة والمعدات الطبية المستعملة، فهل سنسمع اليوم بمبادرة أخلاقية تدعو الي منع دخول الأدوية « الفشنك » ؟. ان الأدوية غير الفعالة والاجهزة الطبية المستخدمة بالاضافة الي المعدات الطبية « الاسكراب » بثقافة الغرب والتي يؤتي بها من اوربا لاغراض التدريس او الاغراض الخيرية بحسب المزاعم هي جراثيم وأوبئة يتم استيرادها خصيصاً لجني الارباح ، والسؤال هو كيف نطور برنامجاً اخلاقياً وإسلامياً للحد من مثل هذه الظواهر اللا إنسانية والتي تجعل من الاجساد الآدمية مشاريع مفتوحة ومتاحة للتجريب وتجعل من البلدان المتخلفة طبياً مزارع خاصة ومغلقة لجني الارباح، وكيف نستفيد من عقولنا المهاجرة في تخير ما هو أنفع وأجود وأصلح للناس لتطوير خدماتنا الطبية وترفيع ثقافتنا الصحية ؟ [email protected]