شهدت البلاد فى الأسبوعين الماضيين حالة من التخبط و الإرباك» و الربكة» فى مواقف القوى السياسية من مختلف الاتجاهات و الانتماءات .. اجتماعات .. لقاءات ..و تصريحات عن الانتخابات من قائل و مطالب بالغائها ليأتى الرد بأن لا استفتاء بدون انتخابات .. انتخابات مافى = استفتا مافى.. قوى احزاب جوبا تجتمع.. احزاب المعارضة تطالب .. سلفاكير يدعم البشير ..الحركة تقاطع الانتخابات جزئيا ..الحركة تنسحب من الانتخابات الرئاسية .. الامة ..الاتحادى ..الشيوعى ينسحب من السباق الرئاسى ...الاتحادى يعود لسباق رئاسة الجمهورية ... الامه تضع ستة شروط للمشاركة بعد لقاء قرايشن و الاخير يرى ان المفوضية تعمل و فق القانون و يبدى رضاءه التام و ارتياحه عن الخطوات التى اتخذتها .. الاتحادى يعود على كل المستويات... قرايشن يقترح للفصائل تأجيل انتخابات دارفور لمدة عامين كما جاء فى صحف الاثنين الماضى.. رويدا.. رويدا يحتل الانفصال موقعا متقدما فى الخيارات .. و الهمس يصبح دعوة ( عديل).. كبير الباحثين فى برنامج السودان بمعهد بحوث الولاياتالمتحده للسلام بواشنطن يقول امريكا سوف تقيم عملية الانتخابات و مدى نزاهتها و التزامها بالقوانين ... ثم لاتدع بعثة الاممالمتحده الفرصة تمضى دون المشاركه فيقول على لسان مسئولها الاعلامى بان العملية الانتخابيه عمليه سودانيه و دورهم لوجستى و فنى فقط 0 و قد تقدم المساعده فى هذا الاطار وبالفعل قمنا (UNAMIS ) بتدريب عشره الف جندى بالاشتراك مع الشرطه السودانيه لضبط الامور اثناء الانتخابات ثم يوضح للمستمع( مشكورا) الوضع فى دارفور فيما يتعلق بالانتخابات و بالارقام( نسبة التسجيل، التسجيل الكلى) و لا ادرى ان كان ذلك من التفويض الذي يعملون فى اطاره ام لا و ايضا لا ادرى ما الذى يجعلهم يعملون مع المفوضيه ..ربما يأتى ذلك ضمن التفويض الاساسى للبعثه و هو كما قال المسئول الإعلامى ( حماية المدنيين !!).. لقد كان و سيظل رأينا مع الذين يقولون» بأيدينا لا بأيدى الاجانب « مع اقتناعنا بانه لا غضاضه فى الاستعانه بهم اذا تطلب الامر بشرط ادراك و استيعاب بان لكل شىء ثمنه و ان كل فعل يقابله فعل مثله و بنفس القوة من الجانب الآخر حسب النظريه الفيزيائيه و بالتالى لكل اجندته ( لم أقل سلبية بالضروره)... ثم نأتى لمستر قرايشن الذى كان رأيى فيه من البدايه انه متفهم لقضيتنا و يبذل الجهود منذ تم تعيينه كمبعوث خاص للرئيس اوباما ( و الوحيد فى افريقيا بهذه الصفة) كما انه ليس من صقور الاداره الامريكيه تجاه السودان كما ارى و لحين اشعار آخر و سبق ان ذكرت فى اكثر من مداخله بانه يتعرض للضغط من المجموعات و اللوبيات المعاديه للسياسه السودانيه و هو بالطبع يسعى لاداء دوره كما هو مطلوب و متوقع لانه مطالب بلعب دور ايجابى فى سبيل تنفيذ و تأطير سياسة الاداره الامريكيه نحو افريقيا. ومن المعروف كان اوباما حماسه و رغبته فى ان تنهض افريقيا و تلحق بالركب و هو يطالب الافارقه بالعمل الجاد لقيام مؤسسات افريقيه تعمل فى التنميه وطالب بالحكم الراشد و الديمقراطيه و الاعتماد على الذات مع ضرورة الاعتراف بالتنوع بكل انواعه فى افريقيا لتبنى النهضه الافريقيه على ذلك مع ضرورة تبنى و اتباع الشفافيه و المحاسبه و المراجعه لحل مشاكل افريقيا بتفعيل حكم القانون بتقوية الجهاز القضائى ( خطاب غانا العام الماضى )كما انه وعد بتحويل الدعم الامريكى ليلعب دوره فى هذا الاتجاه من خلال مبدأ « لاتعطه سمكا بل علمه كيف يصطاده «(مضمون خطاب غانا) وهو يتمنى ان يرى أفريقيا « هيلاهوب وقفت على رجليها».. هذا هو فى مجمله سياسة اوباما فى افريقيا و ليس بالسطحيه التى يقول بها البعض ( لانو ابوهو ..حبوبتو).. اذن قرايشن هنا لتنفيذ الرؤيه الامريكيه كدوله عظمى و قطب اوحد ( لانها عندها الرغبه و القدره كما يقول د. بطرس غالى الامين العام الاسبق للامم المتحده ) بالاضافه لكونها من الشهود و الضامنين للاتفاقيه التى وقعت برضاء الطرفين اللذين كانا يقتتلان و يتحاربان منذ 1983 ( الحكومه السودانيه و الحركه الشعبيه التى كانت تدعو آنذاك «للسودان الجديد» فالرجل يمثل دوله لتطبيق بنود الاتفاقيه و اى حديث غير ذلك من باب الاجتهاد السياسى و بالتالى ليس ملزما لاحد...ثم ان الرجل يريد ان ينجح فيما أوكل اليه من مهام( وهذا من طبيعة البشر سواء كان امريكيا او نوبيا من حبراب)....اذن امريكا ملتزمه بتنفيذ الاتفاقيه بأجندتها: انتخابات اولا ثم استفتاء لتقرير المصير فى الجنوب ..... وكحال السياسه يبدو ان الموقف الامريكى ليس ثابتا فيما يتعلق بالانفصال ..فهى الآن تمسك ببنود الاتفاقيه بغض النظر عن مخرجاتها و اذا كان الانفصال سيقود لوقف الصراع فى المنطقه الى تفور و تغلى بالصراعات (شرق و وسط وغرب افريقيا) فلم لا؟ و اكيد هناك فى مركز ما ( مثلا برنامج السودان فى معهد بحوث السلام) تدرس الاحتمالات و تقترح بنود الجانب الآخر من المعادله.. و قيل اننا ايضا بدأنا ندرس الاحتمالات( و أتمنى ان تكون هذه هى الهيئات قوميه يشترك فيها الجميع غض النظر عن اتجاهاتهم الحزبيه) فالقضيه قوميه تمس الجميع .. و تقول بعض التقارير بأن مرور و تسويق البترول عبر الشمال من السياسات الامريكيه (اذا جاء الاستفتاء بدوله فى الجنوب» جمهورية الاماتونج مثلا» ) رغم الاخبار التى تناولت قيام حكومة الجنوب للاعداد ببناء خط انابيب الى ممبسا فى الميط الهندى .. ليست هناك انتخابات تجد القبول التام فى اى مكان ( حتى امريكا ذاتها و بمؤسساتها الراسخه) كما انه ليست هناك انتخابات نقية طاهرة خالية من الشوائب فحيث تنافس الناس و انتصر احدهم فمن الطبيعى ان نسمع بعض الشكاوى من هنا و هناك.. و اعتقد ان الكمال لا يمكن الاتيان به حيث انه من صفات الخالق وحده .. انتخابات 100% و ممارسه ديمقراطيه 100% ليست و سط البشر على كل حال و قد تكون فى جمهورية افلاطون او المدينه الفاضله ( و هذا لايعنى اننا نبرر التجاوزات فهى مرفوضه من أنى جاءت). و بناء على ماسبق فلا ارى سببا و جيها « للكركبة و الدوشة» التى حصلت فى الايام الماضيه فى الشأن الانتخابى و مع الاحترام التام و التقدير للقوى السياسيه و الاحزاب التى تململت ثم صاحت لا للانتخابات المزوره اقول لهم عفوا فلكل موقف زمان و مكان .. الاجراءات بدأت منذ فتره: تعداد.. تسجيل .. تقسيم دوائر .. ترشيحات ..حملات انتخابيه.. و مايكروفانات صدعت خلق الله.. من حلفا لنمولى..و كان الكل مشغولاً بما هو ميسر له.. وكان الطبيعى ان تكون الاحتجاجات و الشكاوى اثناء أو عقب كل مرحله.. أما ان نجمع كل التجاوزات قبل اطلاق صافرة بدء المباراه و نتخذ المواقف المتشدده فأرى انها حركه غير موفقه و مع الاعتذار لكل من تمسه هذه الملاحظه فهى ايضا غير منطقيه و تفتح الابواب امام كل انواع ردود الفعل التى قد تكون»شينة شوية» من بعض مؤيدى الطرع الثانى و لا ادرى هل كان المفترض ان نأتى أيضا ب ( اجانب) اعضاء فى لجنة المفوضيه و بصراحه كده انه من رأى هذا المواطن البسيط (فى السياسة بس) بانه لا يجوز ان نقود حملات فقد الثقه برموز المجتمع و ارى ذلك مضرا للجميع على المدى البعيد و المتوسط ايضا فانى اميل ( و قد اكون دقه قديمه) بانه من الافضل ممارسة المرونه السياسيه المؤقته من اجل الهدف الاكبر يعنى بوضوح اكثر ناس فى حجم البروف عبدالله احمد عبد الله و البروف على شمو و مولانا ابيل ألير عايزين شنو عشان يلخبطو كما يقال؟ إننا أمام موقف مشابه لانتخابات 1954( فهى أيضا كانت لتقرير مصير ) و هذا يتطلب ان يتسامى الجميع فوق النظرات الحزبيه الضيقه و المكاسب الزائله و ان نعمل لسودان الغد الذى سنتركه للاجيال القادمه..و كل ما أرمى اليه و اتمنى ان تتم العمليتان بقدر كبير من التقديرات الاستراتيجية و المستقبلية فبعد ان نحدد سودان المستقبل بحدوده و اطاره فلنتنافس و نختلف ما شاء لنا التنافس و الاختلاف بعيدا عن الخلاف من داخل دولتنا التى اوجدناها بحر و منطق ارادتنا........ انتخابات هادئة طيبة ....و الى اللقاء بعد النتيجة ...و السلام