قوبل قرار والي القضارف بايقاف الدعم المخصص للهيئات والمنظمات والمؤسسات الاتحادية الموجودة في ولايته، وتوجيهه البرلمان بالاستفادة من المبالغ المرصودة في الموازنة في مشاريع التنمية، قوبل بترحيب من القوى السياسية المعارضة خاصة المؤتمر الشعبي . بيد ان هذا القرار يواجه باستفهامات حائرة من قبل المراقبين في الولاية، لان ما اقدم عليه والي القضارف يتناقض مع التحديات التي تواجه الولاية، فالقضارف تتمدد على مساحات شاسعة وتجاور اثيوبيا في حدود طويلة، وتشهد الولاية ازمات متعددة، خاصة في الموسم الزراعي، ثم ان هذا القرار ربما يقحم كرم الله الشيخ في صراع آخر مع المركز بحكم ان الجهات المعنية بقراره وحدات اتحادية تتلقى قراراتها من المركز. ويقول الأمين العام للمؤتمر الشعبي عبد القادر محمود إن قوة كرم الله وشخصيته السياسية جعلته يتصدى لهذا القرار ووصف محمود قرار الوالي بالإيجابي لأن الولاية تعاني من قلة الموارد وانعدام المشاريع التنموية وانتشار الفقر والجوع واستيطان الأمراض، بيد انه أكد بان قرار الوالي جاء ردة فعل لاحجام المركز عن دعم حكومته، ووصفه بالاتجاه الخطير في ظل توتر العلاقة بين كرم الله والمركز ، بجانب صراحة الوالي ورؤيته الخاصة لأداء الأجهزة والسلطات المختلفة في ولايته، بجانب مواقفه المتباينة حول دور هذه الأجهزة، واشار الامين العام للشعبي ان النظام الاساسي للحزب يعطي الوالي كافة الصلاحيات ، ودعا محمود الى ضرورة تدخل المركز للفصل في هذا القرار والخلافات التي لاحت في الأفق بالولاية، حتى لا تتأثر القضارف بخاصة وان هناك عدداً من الملفات تحتاج الى التنسيق التام بين الوالي والاجهزة الاتحادية . ولم يذهب المحامي رمزي يحى رئيس الدائرة العدلية بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بعيداً عن ما قاله الأمين العام للمؤتمر الشعبي، اذ لفت الى ان تصريحات كرم الله حول الدعم المركزي واموال التنمية تؤكد على انها خط احمر يجب ان لا يتجاوزه احد. واكد القيادي في الاتحادي الديمقراطي « الاصل» انهم دعوا قيادات المؤتمر الوطني الى ان يجعلوا من قضية التنمية أولويات وأساس عمل الحزب،ولكن دعوتهم لم يستجب لها، بل كان الرد الحكومة العريضة التي أعلنها الوالي والمح إلى انها ستصل إلى ستين دستورياً بكافة المخصصات . القيادي البارز بالمؤتمر الوطني الأمين عبد اللطيف البدوي أشار من جهته إلى أن الموازنة وثيقة قانونية يدفع بها الجهاز التنفيذي للتشريعي، و يترك له القرار بالتعديل او الرفض دون املاء من والي أو وزير، مؤكدا ان هذه القرارات سوف تؤثر على أداء هذه الاجهزة. الا ان البدوي اشار ايضا لامكانية التزام المجلس بقرار الوالي لانه رئيس الحزب. وبدوره رأى نائب أمين الإعلام بالحزب الاتحادي الديمقراطي عمر عمارة أن كرم الله قد تأثر بالمطالب التي ظلت ترددها المعارضة منادية بتخفيض الانفاق على الاجهزة الاتحادية وتخصيص الاموال بدلا من ذلك لصالح استقرار المواطن ورفاهيته،ولم يستبعد عمارة حدوث تقارب بين كرم الله والمعارضة في القضارف ، بعد أن أطلق دعواته الى التفاوض بين حزبه والمعارضة. الا ان ما يفعله كرم الله في القضارف يمكن ان يقرأ ايضا في إطار صراع المركز والولايات، اذ ان اغلب التوترات التي تمت بين الرجل والخرطوم، ظل سببها الرئيس مسألة الدعم المركزي وانتزاع حقوق الولاية. فيما ابرزت مثل هذه الصراعات بين الولاة والخرطوم ظاهرة جديدة وهي تضامن المكاتب السياسية لبعض الأحزاب المعارضة بالولايات مع الولاة فى مواجهة المركز، رغم ان الولاة اجمعهم من المؤتمر الوطني. بيدا ان بعض المحللين يرون بان مثل هذه القرارات يكون هدفها التفاف الجماهير حول الولاة، وهذا ما اكده المحلل السياسي مختار الأصم وأشار في حديثه لقناة النيل الازرق في الاول من امس، تعليقا على قرارات كرم الله، حيث دعا الأصم الى ضرورة تعديل الدستور الحاكم ليمنح الرئيس حق اقالة الولاة حتى يحد من سلطات النظام الفدرالي المتنامية، بخاصة بعد ان دأب الولاة على الاحتماء بالدستور في صراعهم مع المركز. ويبدو ان اصداء قرارات والي القضارف الاخيرة ، حملت معها بعض من ما يحذر منه المحلل السياسي مختار الاصم، فقد سارع المكتب الإعلامى لوالى القضارف، كرم الله عباس الشيخ، بنفي بعض ما نسب اليه ومن ذلك «انه وجه رسالة لوزير المالية بأن القضارف سوف تكون دارفوراخرى اذا استمر الحال كما هو عليه»، بالاضافة الى ما نشر على لسان الوالي عن «حاجة الولاية الى مبلغ (23) مليون جنيه لتوفير سيارات للدستوريين ، موضحا ان ما ذكره الوالى هو حاجة الولاية لمبلغ (13) مليون». ولكن النفي الاهم كما بدا هو اشارة المكتب الاعلامي الى ان الوالى وجه بإيقاف الدعم من المؤسسات والهيئات والمنظمات الاتحادية بالولاية وليس « الاجهزة الامنية كما نشر»، مؤكدا ان الاجهزة الامنية بالولاية هى مؤسسات سيادية لها ميزانياتها المعلومة والمعروفة اتحاديا وليس للولاية تدخل في ميزانياتها. وعلى العموم فإن المساحات التي شغلها والي القضارف في الاجهزة الاعلامية ربما ستذهب الى تناقص، بفعل ما دار في زيارة الرئيس الاخيرة الى ولايته، لتفقد اعمال سدي اعالي عطبرة وستيت.