لم يعد الامر خافيا ، فالمشهد يتكرر بصورة يومية .. اكياس النفايات المنزلية تتكدس في الشوارع وبين الازقة ، وفي الاسواق تتراكم النفايات وتتناثر في الارجاء .. تعلو هنا وهناك اصوات الاحتجاج بين المواطنين بعد تصاعد الروائح وسوء المنظر . « الصحافة » دارت حول جبال النفايات التي عجزت هيئة نظافة الخرطوم عن نقلها.. وقفت علي التجربة اليابانية التي بدأ تطبيقها في الولاية وسط تساؤل الجميع «هل ستكون تلك التجربة الحل النهائي للمشكلة ام ستمضي حالة الاخفاق؟» . ولحين بروز نتيجة التجربة لابد من الاشارة الي ان وضع صحة البيئة بالخرطوم بات الهاجس الاعظم فقد تواصلت شكاوي الناس ، فمواطنو الثورات تحدثوا بمرارة عن بطء نقل النفايات فتراكمت في الشوارع مؤكدين تأخر عربات نقل النفايات عن مواعيدها ، بينما يؤكد اهالي الكلاكلات ان منظر النفايات بات مألوفا لهم ، تقول حاجة امال التي تقطن الكلاكلة الوحدة ان عربة النفايات لم تمر بمنطقتها منذ اكثر من ثلاثة اسابيع . ويقول مدير الهيئة الاشرافية لنظافة ولاية الخرطوم مالك بشير «للصحافة» ان حجم النفايات اليومية يبلغ اكثر من 3000 طن ، مشيرا الى ازدياد حجمها من 200 طن في عام 2001 الى 1500 طن في 2008 لتصل في العام الماضي الى 3000 طن يوميا ، مضيفا ان تغطية التحصيل تبلغ 20 % فقط مع ازدياد تكلفة التحصيل ، وكشف عن تغيير في طريقة جمع النفايات تقليلا لتكلفة جمعها ، وطال بضرورة اشراك المجتمع في التوعية بقضايا النفايات . وفي السياق نفسه، قدمت الحكومة اليابانية عونا لولاية الخرطوم عبر وكالة التنمية اليابانية لانشاء مرادم للنفايات عن طريق طمرها في الارض بطريقة جيدا بدون تكلفة كبيرة لتلافي تبعثر الفضلات واجتذاب الحشرات ، والطريقة اليابانية بالطمر تهدف للتخلص من النفايات بصورة صحية بدلا عن حرقها وبدأت الوكالة في انشاء ثلاثة مرادم بكل من منطقة حطاب ببحري، ومردم امدرمان، بالاضافة الى مردم طيبة بمحلية جبل اولياء . وتقوم الطريقة الجديدة على اعادة تدوير النفايات العضوية وتحويلها الى سماد عضوي واستخدام غاز الميثان في انتاج الكهرباء ، على ان الخبراء اليابانيين يوصون بان الطريقة الوحيدة للتقليل من النفايات هى بالحد من الاستهلاك باستخدام منتجات مستعملة واصلاح المعطلة بدلا عن شراء جديدة ، ويتكون برنامج المنحة اليابانية من ثلاث مراحل نفذت منها المرحلة الاولى فقط والخاصة بطمر النفايات بينما لم يتم الشروع في بناء مصانع اعادة التدوير حتى الان . والشاهد ان مشكلة النفايات بات مهددا بيئيا وصحيا خطيرا ، فشلت فيه كل المحاولات .. وتبقت الطريقة اليابانية هى اخر المحاولات والتي تفترض مشاركة المواطن في عملية جمع النفايات ، بيد ان عقلية المحليات القائمة على تحصيل رسوم الخدمات والجبايات جعلت المواطن ينأى بنفسه عن كل مشاركة في قضية عامة باعتبار ان المحليات اخذت الاجرة وعليها تقديم الخدمة.