جامعة بحري اسم ربما يجعل العديد من القراء يعيد قراءته من البداية، وربما طرح سؤالا على نفسه هل هناك جامعة بهذا الاسم، والبعض الاخر ربما وجد الاجابة منذ ان انطلقت هذه المؤسسة التعليمية التوفيقية التي احتضنت في دواخلها منسوبي الجامعات الجنوبية من الشماليين، أساتذة، وطلابا، واداريين، وعمالا، وانطلقت بقوة دفع رباني ورباعي في ايجاد حلول لكل هذه الشرائح المذكورة آنفاً، حيث ظل طاقمها الاداري بقيادة البروفيسور الشاب أيوب في حالة لهث وبحث في تثبيت اركانها. وايجاد المعينات والدعم والأرض التي تقام عليها الجامعة ذلك كانت اللقاءات بكافة المسؤولين من أعلى القمة السياسية الى أدناها بدءاً بقيادة بحري متمثلة في معتمدها الذي رحب وبارك بالجامعة التي جاءت تحمل اسم مدينة بحري العظيمة.. فكانت زيارته التاريخية لموقع الجامعة بالكدرو جنوب، واعلانه دعم الجامعة، وتخصيص أرض لها في منطقة شرق النيل، وهذا ما دفع هيئة التدريس ان تضاعف الجهد في انجاح الجانب الأكاديمي من خلال بداية موفقة وناجحة، كللت بالنجاحات في كثير من جوانبها، خاصة وان الفصل الاول على مشارف نهايته لم يشبه التعكير، ولكن يبدو أن الأيادي الخفية، وغياب المعلومة عن الطلاب عن الجهد الكبير الذي تقوم به الادارة في سبيل تثبيت أركان الجامعة وايجاد موقع لها بين الجامعات الوطنية، بل رفعت الادارة شعار التميز والتفرد حتى تستطيع ان تحتل موقعاً مرموقاً بين الجامعات الاقليمية والعالمية والمتأمل والقارئ الحصيف يجد ان كل مسوغات التميز موجودة ومتوفرة من خلال كادر تدريسي أنضجته التجربة وقوي عوده الأكاديمي والاداري. التجربة من خلال العمل في أحراش الجنوب، وطبيعة اختلاف الطلاب والمناهج، وثنائية اللغة المستخدمة في التدريس ما بين اللغة الانجليزية والعربية، ، كل هذا لا يتوفر الا في جامعة بحري، هذه الجامعة التي ولدت بأسنانها، لذا لم تتوقف الدراسة والعطاء لحظة لان معطيات العمل الاداري والتدريسي متوفرة وفائضة، واستمرار الجهود مع الجهات ذات الصلة بالشمال والجنوب مازالت متواصلة بهدف خلق بيئة يسودها الاستقرار والتفاهم. وكل ذلك من أجل مصلحة الطلاب، علما بان بعض الجامعات بالجنوب مازالت تحتفظ بسجلات الطلاب الأكاديمية وملف الاساتذة والاداريين من الشماليين الذين كانوا بها، رافضة كل التفاوض والحلول التي قدمت من جامعة بحري وآخرها الوفد الذي عاد مؤخراً من جامعة بحر الغزال بمدينة واو بخفي حنين، بعد رفض الجامعة هناك تسليم الملفات أو السجل الأكاديمي.. هذا جزء يسير من المعاناة الادارية التي لا يعلمها الطلاب، الذين يتظاهرون بمباني الجامعة بالكدور مطالبين بحل مشاكلهم، التي أصبحت قضية دولتين وليست قضية جامعة بحري ، فالاتفاقية التي تم الاتفاق عليها مع الجامعات الجنوبية ورصيفاتها في الشمال لم يتم التوقيع عليها بين الدولتين، حتى هذه اللحظة، وهي واحدة من الملفات «المنتظرة» للتوافق عليها ومنها قضية «الشهادات» من الجامعات الأم «جوبا، بحر الغزال، وأعالي النيل» ورغم كل ذلك، ظلت الادارة في جامعة بحري تبحث عن الحل من خلال قبول الطلاب بلا مستند او وثيقة أو سجل، حتى لا تضيع سنة دراسية أخرى عليهم، كما ضاعت من قبل، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل أصدرت قرارا جريئا وغير مسبوق بالسماح للطلاب الراسبين، وحاملي المواد والممتحنين من خارج بالاستمرار في الدراسة حتى حل مشاكلهم مع مواصلة الجهود في حل المشكلة من جذورها مع حكومة جنوب السودان عبر وزارة التعليم العالي، ولكن بعض الطلاب كانت لهم نظرة مختلفة ان هناك تقاعسا وعدم اهتمام بمشاكلهم وصل بهم الامر للتظاهر وتعطيل الدراسة، واغلاق القاعات والمكاتب «بالطبل» وافراغها من زملائهم بالتهديد والتخويف والوعيد، ووصل التهديد بالهتاف ضد الاساتذة بالعمالة والارتزاق «ادارة عميلة يجب تبديلا» بل الاساءة لرسل العلم والمعرفة، حينما تصدى أحد الطلاب للاستاذ الجليل «عثمان كنه» ونعته بالعمالة، غير الاساتذة الذين غادروا قاعات الدراسة تحت التهديد والوعيد. وكل ذلك وأسرة الجامعة تتمسك بالصبر والحكمة والمروءة، «لأنهم لا يعلمون» ان هذه الجامعة أخذت من فم الأسد ولم تمنح في طبق من الزهور والورود. ويكفي فخراً ان «أساتذتها» العملاء الذين وصفهم بعض الطلاب، هم الشهداء الأحياء الذين حملوا مشاعل المعرفة والتعليم في ولايات الجنوب المختلفة يوم كان الرصاص يدوي والقاعات تمور موراً بالاساتذة والطلاب. فمثل هؤلاء لا يصفون بهذه الألفاظ «الساقطة» وغير المسؤولة من مجموعة لا تود لهذا الصرح العظيم ان يستمر، ولذلك فان القضية مشتركة والمسؤولية كذلك، وحتى لا تستمر هذه الصورة المزرية فعلى الحركة الطلابية الراشدة أن تسعى لبناء جسر من التواصل مع أسرة جامعة، من أجل ان يتواصل هذا الجهد الكبير بين كافة مكونات الجامعة بالحوار والتي هي أحسن للوصول «للتفاهمات» لأن القضية بيد الأخوة في جنوب السودان، التي أصبحت دولة لها سياستها وقنواتها. بل لها موازناتها الخاصة التي لا تختلف عن ألاعيب السياسة التي لا اصول او اخلاق لها.. فالآن في دولة الشمال «جامعة بحري» وليس جوبا او بحر الغزال او ملكال فهي صاحبة الحل والعقد. وعليها وبها فليدور الحوار في أوسع أبوابه دون أن يكون هناك ضرر أو ضرار فالحقيقة الغائبة أن هناك من لا يود ان يستوعب أو يفهم!. والله من وراء القصد.