ثمانية وعشرون كتاباً جديداً كانت قد بدأت به الوزارة عامها السابق بعد ان اجرت عدة تعديلات على الكتب القديمة في مرحلتي الاساس والثانوي. وادى ذلك التعديل إلى حدوث ندرة في الكتب مما اضطر الكثير من الاساتذة الى انتهاج تدريس الطلاب باستخدام الكتابين معا عندما لم يكن هنالك بديل، في ظل ارتفاع اسعار الكتب في الاسواق وقلة توفرها في المدارس وكثافة الطلاب، وخلاف ذلك فإن التعديل الذي تم للمنهج كان من أجل مشكلات فنية ومعلوماتية بداخل الكتب حدث لها تعديل بالحذف والاضافة والتوضيح، وان كان ذلك التعديل قد حدث والسودان على اعتاب الانفصال فإن التعديل لم يضع في حساباته أدنى احتمال لذلك. حيث حوت كل الدروس التي تتحدث عن الجنوب فكرة الوحدة والوطن الواحد، وعن الكتاب الذي أصبح أكبر معوق للعملية التعليمية تقول الأستاذة بمرحلة الاساس نجوى محمد بخيت إن الكتب اصبحت مشكلة تؤوق المعلم قبل الطالب، وقالت إنها تدرس صفاً دراسياً كاملاً لا يتوفر فيه سوى سبعة او ثمانية كتب، ولولا أن بعض أولياء أمور التلاميذ يقومون بشراء الكتب لابنائهم من الاسواق لعجزنا عن توصيل المعلومة بصورتها الحالية للتلاميذ. وإن كانت وزارة التربية والتعليم قد اوضحت فكرتها في اتجاهها الى تحرير الكتاب المدرسي بعد أن باعت مطبعة الوزارة، وقالت على لسان وزيرها محمد أحمد حميدة انها تعاقدت مع مطبعة العملة على طباعة ستة ملايين كتاب مدرسي بمبلغ «20» مليون جنيه. وكان مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم «مرحلة الأساس» قد قال لي إن التغيير كان من أجل تعديل العيوب التي صاحبت المنهج السابق، فشمل التعديل اضافات وحذف وبعض التوضيحات لأن المقرر السابق كانت به بعض المصطلحات والمفاهيم التي يصعب استيعابها لتلاميذ في مرحلة الاساس، ولكن حتى إذا ما تم توفير المطبوع من الكتاب فإن المنهج من الداخل مازال يحتاج الى إعادة نظر خاصة بعد انفصال الجنوب واحتوائه على معلومات مغالطة للواقع، الأمر الذي وصفه بعض التربويين بأنه تلويث لعقول التلاميذ، وان كانت الوزارة قد اعلنت أنه بمجرد اعلان الدولة الجديدة ستكون هنالك نشرة تعمم على كل المدارس تحمل تغيير المعلومات عن مساحة السودان وعن النسب التأشيرية، وكل النسب المتعلقة بالتعليم. وسيتم رصدها وتبويبها حسبما يتعلق بمساحة السودان الجديد، الا انه وحتى الآن لم يتم تعميم أية نشرة بحسب متابعات «الصحافة»، حيث تحدثت إلينا عبر الهاتف من مدرسة أبو أيوب الانصاري الاستاذة مريم آدم يوسف معلمة الحلقة الثانية التي تشمل الصف «الرابع والخامس والسادس» نافية في بداية حديثها توزيع اية نشرات على المدارس حول تغييرات المنهج عندما قالت: لم يتم إبلاغنا بأي منشور عن تعديل المنهج حتى الآن. وأضافت: مازلنا حتى الآن ندرس طلاب الصف السادس من كتاب «الإنسان والكون» تحت عنوان «الموارد في السودان» بخريطة السودان القديمة بتفاصيل الموارد الغابية والحيوانية في السودان، كما ندرس طلاب الصف الرابع قصيدة «صديقنا منقو» وهي قصيدة تتحدث عن ابن الجنوب والوحدة. وعن مدى تأثير تلقي الطلاب معلومات متضاربة تقول الخبيرة التربوية أستاذ المرحلة الثانوية الأستاذة حواء عثمان إن العام الدراسي الحالي كان مختلفاً تماماً عن سابقه بانفصال الجنوب، لذا كان من الأحرى أن يشمل ذلك المنهج بالضرورة، وبعد الانفصال نجد أن الواقع اصبح يتطلب بناء منهج دولة جديدة يركز على هوية السودان ومساحته وحدوده الجديدة. وتضيف متسائلة: لماذا أقدمت الوزارة على طباعة وتنقيح كتب تشمل في مضامينها معلومات قابلة للتغيير بفعل الواقع السياسي المرهون بالاستفتاء وانفصال الجنوب، فكان من الأحرى أن تتم الطباعة بعد الحسم السياسي لقضية الجنوب وتعديلات المنهج وفقا للوضع الجديد، الأمر الذي يثقل كاهل التعليم بميزانية لا يتحملها التعليم كان من الاسلم ان توجه لخدمة قضايا اكثر أهمية وقتها. وأضافت أن جود مثل هذه الدروس يعد خطراً كبيراً على التلاميذ، خاصة أن المعلومات أصبحت متاحة للجميع وليس لدى كل الأطفال المقدرة على استيعاب التناقض ما بين المنهج والواقع. ولكن الخبيرة التربوية عميدة كلية التربية مرحلة الأساس وأستاذة التربية بجامعة السودان الدكتورة الشفاء عبد القادر، ترى أن المقرر الذي تمت طباعته للعام الماضي يعتبر طبعة شاملة لكل الثقافات، وأنها من أميز الكتب التي طبعت في المراحل السابقة. وإن كانت الآراء قد تباينت حول ضرورة تغيير المنهج فإن خطوات طباعته قد مضت بشكل متسارع شكل حالة من الارتباك، وأضافت أن المنهج مازال يحتاج الى جهد إضافي من التربية والتعليم ليجعل الأمر ممكناً وقابلاً للتدريس في فصول المدارس هذا العام.