في مدينة جوبا لنا ذكريات لاتنسى ، فقد زرناه عدة مرات خلال مسيرة عملنا الصحافي بالسودان ، ولنا علاقة متينة مع قيادات ورموز وزملاء مهنة ، بل لنا ذكريات جميلة مع اشجار المانجو والباباي ، وهي ذكريات لن تقبل النسيان ، مهما بلغت حدة التوتر بين السياسيين ،الذين لن يستطيعوا الغاء حقيقة الانسجام بين شطري البلاد «السودان الكبير» ..ولكن المحزن ما تفعله بعض من قيادات جوبا من محاولة دفع الوطن الكبير الى الحرب ، التي ارهقت الوطن والمواطن ، طوال السنوات الماضية ،واذا قُدر لأي حرب ان تندلع مجددا وهو مايُرتب له في الغرف المظلمة في تل ابيب وغيرها من العواصمالغربية ، فأنها ستحرق ماتبقى من الاخضر ، وكل اليابس.. الخرطوم هي ايضا مطالبة بمزيد من ضبط النفس ، وارسال كل اشارة من شأنها ان تعزز ثقة ماكان لها ان تهتز .. فاطلاق البواخر التي كانت ترسو في ميناء بورتسودان وهي محملة بالنفط بتوجيه من رئيس الجمهورية عمر البشير ، تعد فعالا ايجابيا ..الا ان جوبا لم تقابلها بذات النية عندما اعتبرته امر عاديا، او هكذا بدأ .. ويجب ان تدرك جوبا ان الخرطوم اقرب من تل ابيب جغرافيا وثقافيا واجتماعيا ، وان العلاقات المتوترة حاليا ، لاتمثل الواقع الذي يرنو اليه اهل الشمال والجنوب معا..فضلا عن ان اغلاق صنوبر النفط الجنوبي ، من شأنهاحداث مجاعة في الجنوب ، الذي لم يتدبر امره بعد ..وهو يؤثر على الشمال لمدى محدود ، نظرا لكثرة تنوع الصادرات ، ولعل الواقع الجديد جعل الحكومة تلتفت باهتمام للزراعة ، وتعلن عن زراعة واستصلاح مساحات شاسعة لتزرع بالقمح ، ومن قبله الذرة.. وهاهو والي الولاية الشمالية فتحي خليل يحصل على وعود غير مسبوقة من السعوديين ، للانخراط في الاستثمار ، بل وقف الرجل يوم امس الثلاثاء على تجارب كبرى مزارع الالبان في الشرق الاوسط «نادك والمراعي» ، وهو سيعود اليوم الى الخرطوم وفي جعبته الكثير . لانريد لجوبا ان تبتعد من الخرطوم .. ولنا ان نتساءل الم تسيل دموع كثير من اهنا في الجنوب لرحيل فنان افرقيا الاول محمد عثمان وردي ..نعم بكى اهل الجنوب كما اهل الشمال تماما .. اذاً هي روابط صعب ان تنفك هما تطرف باقان اموم ، وقابله بذات التطرف د. نافع علي نافع . وهناك ثمة حقيقة ان أي حرب اذا قدر لها ان تندلع لن يكون فيها منتظر ، الا ان خسائر جوبا ستكون افدح لسبب بسيط ، وهو ان دولة الجنوب لاتزال تتلمس الخطى نحو كيفية بناء الدولة ، وهي بطبيعة الحال لن تقوى على مقارعة الخصوم ،خاصة ان الذين يعارضون الانفصال وربما نيفاشا سيكون امامهم متسعا ليقولوا كلمتهم .. وما اصعب الكلام بالبنادق. نتمنى ان تزول اسباب الاحتقان ، وتعود المياه الى مجاريها ، ونصبح افضل نموذج افريقي للتعايش السلمي بعد فراق بالمعروف.