غبنا مع ثلة من زملائي عن الوطن أياما ولم يغب عنا ،فقد حللنا ضيوفا على المملكة العربية السعودية التي فتحت لنا أذرعها،وارتحنا من الهموم والتوتر في جو روحي فياض في الحرم المكي الشريف ومدينة المصطفى عليه السلام، التي تذهب عنك الحزن والكدر،وأدينا شعيرة العمرة وسط جموع قدموا من أركان الدنيا في مشهد يعكس عظمة الاسلام وعالميته،ورغم الاعداد الكبيرة المتدفقة على الحرمين الشريفين، الا أن المملكة تسهر على راحة ضيوف الرحمن وتذلل الصعاب وتحول المشقة إلى يسر حتى يتفرغ المعتمرون والزائرون للعبادة. ما لفتني منذ آخر زيارة الى الحرمين استمرار توسعة الحرم المكي برعاية مباشرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز،بميزانية ضخمة ليضاف الى التوسعة الاخيرة في عهد الملك فهد رحمه الله،وكذلك التوسعة في الحرم المدني واضافة مظلات تطوى ليلا ،كما صار الحرم مفتوحا طوال اليوم بعد أن كان يغلق ساعات بالليل،وباتت الصلاة في الروضة وزيارة مرقد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ميسورين وقلت مشاهد التدافع. وفي كل زيارة الى السعودية لا تخطىء العين حركة التطور والنهضة في مدنها التي لديها نكهة خاصة مثل جدة لؤلؤة البحر التي يعشقها السودانيون ويستنشقون عبر البحر الأحمر هواء بلادهم ولا يشعرون فيها بالغربة،والسوادنيون في المملكة يحظون باحترام وتقدير ويحوزون ثقة تلك الديار الطيبة،ويكفي ان العامين الاخيرين شهدا التعاقد مع مئات من الاطباء واساتذة الجامعات والكوادر الفنية السودانية بأعداد لا يمكن مضاهاتها مع من قدموا من دول أخرى. السودانيون المنتشرون في السعودية يحملون وطنهم في حدقات عيونهم بمختلف مشاربهم وأطيافهم، وكل من أتى من السودان زائرا أو معتمرا يحظى بحفاوة بالغة وهذا ما وجدناه من الجالية السودانية في جدة والمدينة المنورة والقنصلية السودانية واللجنة العليا لتكريم المبدعين برئاسة محمد الحسن الهواري ومنتدى وهج الغربة برئاسة الاعلامي محمد طه،ورابطة الاعلاميين في المنطقة الغربية، وكل أفراد الجالية الذين يطمئنون من يزورهم بأن السودان لا يزال بخير بأهله وحبهم لترابه وأرضه واشفاقهم على مستقبله رغم أن رياح السياسة هزت تماسكهم وان لم تنل من أصالتهم وسودانيتهم. والشكر أجزله للأمير أحمد بن عبد العزيز الذي دعا مجموعة من رؤساء التحرير وكبار الكتاب لأداء العمرة ،ومنسوبي مكتبه الذين رافقونا منذ وصولنا وحتى مغادرتنا أرض المملكة، وسهروا على راحتنا في حلنا وترحالنا،والشكر الى السفير السعودي بالخرطوم فيصل بن معلا الذي سهل الوصول الى الاراضي المقدسة،والبروفيسور عز الدين عمر موسى عميد كلية الدراسات الاستراتيجية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الذي رافقنا أياما،وشكل مع رئيس وفدنا البروفيسور علي شمو رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات ثنائيا خلال جلسات لوفدنا في مقار اقامته في جدة والمدينة المنورة كان محورها تاريخ السودان الحديث والتليد،ونأمل أن تستمر روح الصفاء والاخاء للمجموعة المعتمرة،ونسأل الله القبول والمغفرة.