سعيدون أيما سعادة أن الادب السوداني قد بدأ يأخذ حيزه المتوقع ومكانه الطبيعي، ويخطو بخطوات الثبات تجاه العالمية في مجال الإبداع الكتابي. فها هما أميز مبدعي بلادي يتقدمون الصفوف ويحرزون اول النتائج ويسطع نجمهما في سماء عالم «زين» الجميل عبر الاحتفاء والاحتفال بعرس الزين والعبقري الروائي العالمي الطيب صالح «الرجل الزين». ٭ إن كان لا بد من التخصيص والحديث بالاسماء، فلنفرد الحديث بالإعجاب عن المبدع الراحل محمود محمد مدني القاص الرائع بكل ما تحمل فنيات القصة من روعة الدكتور بشرى الفاضل «تقني العبارات وخلاق المفردات الجديدة». ٭ فهما ألمع النجوم في سماء القصة وعالم الترجمة، اللذان عطرا سماء أرضنا بأريج الفنون وعبق الغناء، وابدعا حينما آثرا الصمود رغم ما وجداه من ظلم الخصوم وعاشاه من فعل الطغاة.. فها هما قد وضعا اسميهما في قمة الابداع بعد ان تحسسا سكة المحتفى به معنى ومبنى، فكان هذا الشبل من نسل ذاك الاسد، والمفارقة المدهشة ان اسمي هذين المبدعين هما اسمان لشهداء سطروا بدمائهم اروع المواقف البطولية في تاريخ السودان، وحقا فإن الاسماء تورث الصفات، فعبر تميزهما هذا نقدم التحية للبشرى والفاضل ومحمود محمد طه شهداء الدين والوطن. ٭ فأستاذنا الراحل محمود محمد مدني مفرح بحد التبع، رحل عن دنيانا بغير ما ضوضاء كأنه كان نسيماً عابراً، ولكن ها هي أعماله الخالدة تعيده بيننا حضوراً أنيقاً لتحلق بروحه الشفيفة والمتميزة وحسن التجربة «ذكراه كأعظم ما تكون الذكرى»، فلله در من أكثر العمل بالإنصاف ورد الفضل لأهله، وحقاً لا يعرف مشقة الإبداع إلا من أصيب بدائه العضال. ومن هنا يأتي ويزداد امتناني بصدق القائمين على امر جائزة الطيب الصالح للابداع الكتابي، واخص بالشكر مجلس الامناء ولجانه من الذين تذكروا ان في السودان مبدعين جهل مقدراتهم البعض من باب الحسد، لذا لا بد من إنصافهم وقد كان، وإن يكن قد ظلمتهم الفرص غير العادلة في التوزيع وهم أحياء بتجاهل عطائهم الإبداعي، فها هم بكل الفخر والإعزاز يعودون للساحة مكرمين بالسيرة الحسنة، ويعود لهم حقهم الذي ظل ضائعاً ما بين أضابير وأخبية كل من جعل الإبداع مدخلاً لمحاربة المبدعين، حتى ظننا أن حياة المبدع في السودان قد صارت عبثاً لحظة أن حمل المدعو «...» وزير الثقافة في أول عهد الإنقاذ معوله وعمل على تكسير روائع المنحوتات في كلية الفنون الجميلة.. وأغلقوا المعهد العالي للموسيقى والمسرح لقرابة الاربعة اعوام.. بجانب حرقهم لكل أشرطة واسطوانات أميز الفنانين بالإذاعة السودانية، من حقيبة وأغانٍ حديثة، ولكن ولله الحمد، قد قيض الله للفن واهله من يعيد للابداع ضلع مربعه الذي تم كسره بواسطة من لا يعرف للفنون والإبداع قدراً، ولا يقيمهم بثمن، وهنا لا بد أن نكرر الشكر أجزله «لزين وعالمها الجميل»، ولكل المبدعين الذين وقفوا على نجاح هذا العمل الطيب، إلى أن صار جزءاً عزيزاً من تاريخ الإبداع في السودان، بل والعالم أجمع. شكراً لهم وهم قد استطاعوا أن يجمعوا قبيلة المبدعين من الذين «أصلهم الكلمة وفرعهم اللحن» و«أباهم الحرف وأمهم اللغة» وأبناؤهم القصة والرواية ووالدهم «الشعر والنقد».. فالتحية والتجلة إلى الأساتذة الأجلاء مع حفظ الألقاب «شمو، عبد الباسط عبد الماجد، مجذوب عيدروس، مهدي بشرى والبقية»، وكل الكوكبة من «زين» التي ساهمت بكل جهدها المالي والفني والتقني والمعنوي، في إخراج جائزة كاتب رواية «عرس الزين» الطيب صالح الرجل الزين.