٭ قرأت بصحيفة الانتباهة بالعدد رقم «2161» الصادر بتاريخ الثلاثاء 13/ مارس الجاري بالصفحة العاشرة الأمر الصادر من النائب الأول لرئيس الجمهورية بإعفاء خمس مجموعات من السلع الرأسمالية «الماكينات والمعدات والآلات اللازمة للانتاج» من ضريبة القيمة المضافة، وخلال الأيام التي تلته عمم نشر ذلك الاعلان بالعديد من الصحف المحلية الأمر الذي أدى لنوع من الاستقرار في مناخ الاستثمار بالبلاد؟!!. ٭ ذلك لأنه قبل صدور هذا الأمر السيادي كان هنالك نوع من البلبلة تسبب فيها القرار الذي نشرته بعض الصحف حول فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة «15%» خمسة عشر في المائة على السلع الرأسمالية؟!! وكرد فعل على ما نشر بادر اتحاد عام أصحاب العمل برفض ذلك القرار جملة وتفصيلا ونشر رفضه بالصفحتين الأولى والثانية بالصحافة بالعدد رقم «6684» بتاريخ الخميس 8/ مارس الجاري. وسبق ان أشرت لذلك في مقالي الأسبوعي «كلام في الاقتصاد» بصحيفة إيلاف الأسبوعية بالعدد رقم «364» بالأربعاء 14/ مارس الجاري، وحذرت من خطورة تطبيق ضريبة القيمة المضافة على السلع الرأسمالية بالاستثمارات بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، خاصة ان هنالك زخما كبيرا حول صدور قانون جديد للاستثمار؟!!. ودون شك اذا لم يصدر ذلك الأمر من النائب الأول وأوقف كافة التحركات التي كانت قد بدأت لمناهضة قرار فرض ضريبة القيمة المضافة على السلع الرأسمالية لأدى ذلك لطرد كل من يفكر في الاستثمار بالسودان سواء من الوطنيين او الأجانب؟!. ٭ إن الدولة منذ الاستقلال في عام 1956م أصدرت قانون الميزات الممنوحة والذي كان يمنح الاستثمارات الحديثة الميزات الاستثمارية التالية: * قطعة أرض مناسبة بالسعر الاساسي المقدر، وهذا معناه ما كان يعادل «10%» عشرة في المائة من قيمة الأرض التي بيعت في نفس المنطقة بأسعار المزادات العلنية. ٭ اعفاء الماكينات والمعدات والآلات اللازمة للانتاج وقطع الغيار من الجمارك وكافة رسوم الوارد. ٭ إعفاء مدخلات الانتاج المستوردة من الجمارك وكافة رسوم الوارد. ٭ الإعفاء عن دفع ضريبة أرباح الأعمال لفترة خمس سنوات من تاريخ الانتاج التجاري «قابلة للتجديد اذا ما ثبت ان المنشأة الاستثمارية كانت تعيد استثمار «15%» من أرباحها السنوية». ٭ ميزات الاعفاءات من الجمارك وضريبة ارباح الاعمال كانت تمنح أيضاً كاملة لاستثمارات إعادة التأهيل والتحديث وخطوط التوسع الجديدة ولقد تم الغاؤها بالتعديل الذي ادخل على قانون تشجيع الاستثمار الحالي في عام 2003م وتبني ذلك التعديل أحد وزراء الدولة بالمالية واصفاً استثمارات إعادة التأهيل والتحدياث بانها نوع من الاستهبال؟!!. ٭ حقيقة أتمنى أن يستمر اهتمام النائب الأول بإزالة التشوهات التي تبناها بعض الوزراء ووزراء الدولة في قوانين ومناخ الاستثمار وأدت لإلحاق اضرار كبيرة جدا بالعباد وبالبلاد؟!!. ٭ فمثلاً أذكر ونحن في بداية عملنا بوزارة الصناعة والتعدين بعد أن تخرجنا في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم في نهاية النصف الاول من عقد السبعينات من القرن الماضي «1973» كانت تتمتع كافة المنشآت الاستثمارية بهذه الميزات الى ان صدرت بعض المقالات في صحف الاتحاد الاشتراكي في ذلك الزمان تحت عنوان «وزارة الصناعة جثة هامدة!!» وتبع ذلك ما حدث من اعفاءات لبعض الوزراء المميزين «أولاد النظار» وضمن تلك التعديلات خرج من وزارة الصناعة والتعدين المرحوم الاستاذ موسى عوض بلال احد مؤسسي النهضة الصناعية بالبلاد خاصة في قطاعات السكر والغزل والنسيج والجلود وكافة الصناعات التحويلية، وقبل كل هذا وذاك احد خبراء الادارة الحديثة بالسودان، ومن قيادات مركز تطوير الادارة والكفاية الانتاجية. في ذلك الزمان اكتشفت بعض المخالفات في بيع بعض المصانع من ضعاف النفوس للمواد الخام لصناعة الملابس الجاهزة والاحذية والاستفادة من فروقات السعر من الاعفاءات الجمركية؟!! وبدلاً من معاقبة المخالفين صدر قرار بعقوبات جماعية لكافة مصانع هذين القطاعين وسحبت منهما الاعفاءات الجمركية على المواد الخام..؟!! ومثل هذه الافكار بالعقوبات الجماعية للمنشآت الاستثمارية أضرت كثيراً بمناخ الاستثمار حيث نجدها دمرت قطاعي صناعة الملابس الجاهزة والأحذية حيث اليوم نجد أن اكبر مصانع الاحذية ليس في السودان وحسب بل في كل افريقيا متوقفة تماما واذكر منها مصانع ساتا للأحذية ولاركو للأحذية كأمثلة بالمنطقة الصناعية بالخرطوم بحري والاخير جرت تصفية شركته؟!! ومثال آخر للعقوبات الجماعية ما يحدث في الاراضي الاستثمارية وتحويلها من سلعة خدمية الى سلعة تجارية، وفي العقد الماضي وفي ظل الحماس بدون خبرة صدرت قرارات نزع مثلاًِ في مربع «35» بالسوق المحلي بالخرطوم من وزارة الاستثمار بكشوفات شملت بعض القطع التي اشتريت بالاسعار التجارية وبالمزادات وعندما لجأ اصحابها لسلطات تسجيلات الأراضي اصدروا لهم خطابات باللجوء للقضاء لاسترداد حقوقهم، بينما لم تتم محاسبة الموظفين الذين اعدوا للوزير كشوفات قرارات نزع تلك الاراضي ضمن الاراضي الاستثمارية الممنوحة بالسعر التشجيعي؟! ٭ بالتالي ومرة أخرى أتمنى اهتمام النائب الاول بازالة تشوهات مناخ الاستثمار من خلال نقاط وموضوعات محددة كالآتي: ٭ الاستمرار في اصدار الأوامر السيادية بالإعفاء من ضريبة القيمة المضافة على باقي السلع الرأسمالية التي لم ترد في المجموعات الخامسة التي صدرت بالأمر الأخير. وضرورة ان تشمل هذه الاعفاءات مولدات الكهرباء الاحتياطية وقطع الغيار لكافة الماكينات والمعدات والإطارات للعربات وقطع غيارها، حيث لا يعقل ان يتم اعفاء الماكينات والآلات وهي كاملة من ضريبة القيمة المضافة والجمارك، ولكن عندما تتعطل وتحتاج لقطع غيار تتم مطالبة المنشآت بدفع الجمارك وضريبة القيمة المضافة عليها؟!!. ٭ في آخر اجتماع للمجلس الأعلى للاستثمار في أغسطس من العام الماضي أعلن رئيس الجمهورية ان الاراضي شهدت تسيباً في عهد الانقاذ لم يحدث من قبل ، ودون شك هذا التسيب الذي ذكره رئيس الجمهورية شمل الأراضي الاستثمارية وأدى لتطفيش معظم المستثمرين، واليوم اذا ما حدثت مراجعات لمكاتب تخفيض الاراضي للمنشآت الاستثمارية سوف نجد ان هنالك مئات الطلبات مقدمة للحصول على أراض لإقامة منشآتهم الاستثمارية منذ سنوات بينما هنالك بعض المحظوظين استلموا قطع أراضيهم في مواقع مميزة خلال نفس الشهر الذي تقدموا فيه «خيار وفقوس» أتمنى أن تحدث هجمة تفتيشية من القيادات السيادية على مكاتب تخصيص الاراضي الاستثمارية بمفوضيات وادارات الاستثمار بولاية الخرطوم وخلافها من الولايات وان تنظر في كافة الطلبات المقدمة لهم والمركونة منذ سنوات بحجة عرضها على اللجان والتحقيق والمساءلة بحزم في اسباب ركنها وتأخيرها وتمرير الطلبات الأخرى التي جاءت بعدها بسنوات واستلمت قطع الأراضي؟!. لأن الاصلاح الفعلي لمناخ الاستثمار يبدأ بمثل هذه الزيارات التفتيشية للمواقع الحكومية المسؤولة عن تنفيذ قرارات الاستثمار وفتح الدواليب وأدراج الترابيز لمعرفة المخزن فيها في الاضابير من طلبات المستثمرين التي تعامل بسياسات «الخيار والفقوس» وتتأخر بحجة أن اللجان لم تجتمع كأسباب لتأخيرها بينما خلافها في التي أصحابها من المحظوظين تكتمل اجراءاتها سريعاً..؟! ٭ في الختام أتمنى أن تمتد مجهودات النائب الاول لاعادة المصداقية لمناخ الاستثمار بجانب الاعفاءات الجمركية للسلع الرأسمالية ان تمتد مجهوداته لمدخلات الانتاج خاصة للسلع الأساسية اضافة للقمح والسكر ولمدابغ الجلود ولصناعة الأحذية ولمصانع الغزل والنسيج ومصانع مواد البناء لتخفيض التكلفة وزيادة الانتاج وتحريك القوى الشرائية وتوليد المزيد من فرص العمل في قطاعات الانشاءات وتوفير الملبوسات المحلية بتكلفة معقولة في إطار مجهودات الدولة لتخفيف المعاناة عن أهل السودان؟!. ٭ كما أتمنى أن يتضمن هيكل المجلس الأعلى للاستثمار انشاء مجلس فني للمجلس الأعلى للاستثمار يضم بعض وكلاء الوزارات والخبراء والكفاءات الفنية من ذوي الصلة والخبرة بمجالات الاستثمار.. «نواصل إن شاء الله تعالى»..