انعش الاتفاق الاطاري للحريات الاربع الذي تم توقيعه ليلة الاربعاء الماضي باديس ابابا بين شطري السودان امال الدولتين بطي صفحة الخلافات وتسوية القضايا العالقة وازالة الاحتقان السياسي وامكانية التوصل لتفاهمات مقبلة بخصوص ملفات تصدير النفط وابيي وغيرها من الملفات الساخنة، وبرغم الارتياح والترحيب الكبير الذي قابل به قطاع كبير من الشارع السوداني الاتفاق الذي يسمح بحرية التنقل والتملك والعمل والاقامة لمواطني البلدين الا ان الشكوك تساور الكثيرين منهم ، بشأن فرص نجاح تنفيذه لاسيما مع ارتفاع الاصوات المنددة والمهاجمة للاتفاق الذي لم يمض علي توقيعه سوي ايام قلائل. ابعدوا الاتفاق الاطاري عن ايدي بعض النافذين واعتبر يحيى فتح الله «معلم» اتفاق الحريات الاربع من افضل الاتفاقات التي وقعتها الحكومة مؤخرا الا انه ابدي تخوفا من تغيير مسار الاتفاق بفعل بعض التأثيرات خاصة مع تصاعد اصوات عدد من الجهات المنددة به والتي لها تأثير علي صنع القرار الحكومي، وقال فتح الله ان الشواهد علي ذلك كثيرة مستدلا بما ما حدث للاتفاق الاطاري الذي وقعه مستشار رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع ورئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار والذي كان من شأنه انقاذ ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان من هوة الصراع ، واضاف فتح الرحمن بالرغم من التأييد الذي وجده ، اتفاق «نافع عقار» «الا انه اجهض من بعض النافذين الذين لا يرون في الجنوب سوي انه حجر عثرة للتنمية في السودان» ، وطالب فتح الله كل الحادبين علي مصلحة الوطن ان يدعموا، ويعززوا من مثل هذه الاتفاقيات التي تؤسس لعلاقات اجتماعية اقتصادية وثقافية بين البلدين، وتابع ان المواطنين في كلا الدولتين لم يتأثروا بالمناكفات السياسية وخير شاهد علي ذلك ان اغلب التجار الشماليين لا زالوا يعملون بالجنوب دون مضايقات من الحكومة عدا بعض التفلتات الفردية وغير المقصودة. الجنوبيون هم من اختار الانفصال وليس لهم الحق في اي حريات وشن محمد البشري «طالب علي اعتاب التخرج» هجوما عنيفا علي الاتفاق وقال انه يخدم دولة الجنوب اكثر من كونه يمثل اضافة للشمال، وقال البشري ربما شكل اضافة علي المستوي الشعبي ولكن علي الصعيد السياسي لا اعتقد ذلك، ورأى البشري بانه لايحق للجنوبيين ان يتمتعوا بحريات التنقل والحركة والاقامة والعمل في الشمال لانهم هم من اختار الانفصال، وذهب البشري الي ان علاقات الجنوب الجيدة مع الدول الاخري من شأنها ان تفتح لهم مجالا اوسع للدعم، مبينا ان الاتفاق سيفتح الباب علي مصراعيه امام زيادة البطالة ومعدلات الجريمة والتشرد . الاتفاق مهدد بتوتر الأوضاع الأمنية والسياسية لأنه خاضع لأمزجة الساسة طالب الدراسات العليا بجامعة الخرطوم عبد الرحمن يوسف محمد حكم علي الاتفاق الاطاري بالفشل طالما لم يتكمن الساسة من الوصول الي حلول في القضايا الملتهبة خاصة ابيي ، وقال يوسف» من المستحيل تطبيق الاتفاق وابيي لاتزال معلقة « ، واردف اي اتفاق في ظل اي توتر سياسي وامني واقتصادي بين البلدين سيحكم علي الاتفاق بالفشل، ورأى ان القضايا العالقة تشكل تهديدا كبيرا علي الاتفاق لانها تحكم منعطفات لعلاقة بين البلدين، ولم يستبعد ان يتم تجميد الاتفاق او الغائه نهائيا في حال رأت الجهات النافذة ذلك كما حدث في التنصل عن تنفيذ المشورة الشعبية و فرض سياسة الامر الواقع في منطقتي النيل الازرق وجنوب كردفان، واضاف ما سبق من اتفاقات لم يتم الالتزام بها وكانت تعهدات محمية بقوي اقليمية ودولية فكيف سيكون الحال في الاتفاق الثنائي الذي سيكون خاضعا لامزجة الساسة في الشمال والجنوب، وتساءل يوسف عن مصير اتفاقية الحريات الاربع التي وقعت قبل سنوات بين السودان ومصر، وقال اين هي الان وهل التزم السودان بتنفيذ بنودها ؟ ام كان التقصير من الجانب المصري ، وتوقع يوسف ان تواجه الاتفاقية معارضة شرسة من منبر السلام العادل، واضاف» اتوقع ان يلعب منبر السلام العادل دورا كبيرا في اجهاض الاتفاقية ولا ننسي انه لعب دورا كبيرا في دفع الجنوبيين للانفصال خاصة وان صحيفة الانتباهة الناطقة باسم المنبر لا زالت تتناول قضايا الجنوب بصورة سالبة و بدوافع شخصية من القائمين علي امرها». الحكومة تحاول فك طلاسم أزمة النفط من «طاقة» الحريات الأربع وذهب محمد أحمد التجاني «خريج جامعي» في نفس اتجاه البشرى وقال ان الاتفاق الاطاري يخدم مصالح الجنوب الاقتصادية ، وتساءل لماذا لم تحسم قضية النفط ؟ وقال التجاني ان الاتفاق سيحكم عليه بوقف التنفيذ في حال فشل الساسة السودانيين في التوصل الي اتفاق بشأن تصدير وتحديد رسوم وعائدات البترول، وقال التجاني ان الحكومة حاولت ايجاد حلول للقضايا المعلقة من «طاقة» الحريات الاربع عسى ان تفلح في فك الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد بسبب انفصال الجنوب. الاتفاق حاجة كويسة وقد يعيد لنا السودان القديم يسرى بابكر «طالبة» توقعت ان يساهم الاتفاق في اصلاح ما افسده الدهر بين شطري السودان ، وقالت يسرى «كنا نقف علي بعد خطوات من الحرب التي بدأت تدق طبولها بين الطرفين « ، واضافت ان ما زاد المخاوف من اشتعالها مرة ثانية تصريحات قادة البلدين ، وابدت يسرى تفاؤلها بان يشجع الاتفاق علي عودة السودان القديم مجددا، مشيرة الي ان الانفصال لم يمحُ عن ذهنها تفاصيل انسان الجنوب الاتفاق «دا ما زمنو» . محمد خليل «مهندس» قال ان حكومة الشمال تسرعت في ابرام الاتفاق، وبرر خليل ذلك بالاوضاع الصعبة التي يعيشها الجنوب، واضاف ان الوقت غير مناسب لذلك فالجنوب بوضعه الراهن سيشكل عبئا اضافيا علي الشمال وسيلقي بأزماته مجددا علي عاتقه، ورأى خليل كان لمفاوضي البلدين الانتظار حتي تستقر اوضاع الجنوب ليتم الاتفاق بعد ذلك . الشارع السوداني «بطنو طامة » والخوف من منبر السلام العادل أحمد خير موظف قال ان الشارع السوداني عموما «بطنو طامة «من السياسة بمختلف مسمياتها وينأى بنفسه عن اي اتفاق، واضاف «يعني كان الحكومة دي وقعت اتفاق مع الشيطان .. ما بتحرك فيهو ساكن وكان الجنوبيون ديل كلهم جو هنا ما فارقة معاهو ...» الا ان خير ابدي خوفه من الجماعات المتطرفة تجاه كل ما هو جنوبي خاصة ائمة بعض المساجد الذين بدأوا في قيادة حملة ضد الاتفاق بجانب «جماعة منبر السلام العادل» الذي تسبب بشكل او بآخر في انفصال الجنوب ومن المتوقع ايضا ان يعمل في ذات السياسة، واضاف خير»ستعمل الصحيفة علي التشكيك في نوايا الجنوبيين في محاولة للتأثير علي الشماليين من محاولة الاستفادة من هذه الحريات « ، و»العمل علي مضايقة الجنوبيين الذين سيأتون لنفس الغرض» ، واكد خير ان نجاح هذه الاتفاقية مرتبط بتغيير كثير من القوانين وتغيير جذري في الدستور الا انه استبعد حدوث تغيير في الوقت الحالي ، وقال « ده الحكومة في الوقت الحاضر ما عندها ليهو نفس « ولم يستبعد خير ان ينشأ صراع داخل اروقة صناع القرار عن الاتفاق كما حدث في اتفاق اديس ابابا مع الحركة الشعبية قطاع الشمال. الحريات الأربع ستعيد المياه الي مجاريها بين البلدين مجدداً وذهبت آية حسين «طالبة « في ذات اتجاه يسرى واضافت ان الاتفاق من شأنه ان يعيد المياه الي مجاريها بين البلدين مجددا، واشارت آية الي ان الانفصال شكل كارثة حقيقية وهناك الكثيرون من ابناء الجنوب يرغبون في العيش في الشمال وهذا الاتفاق سيمكنهم من ذلك ، واردفت ان الاتفاق يجعلنا نأمل في ان يعود الجنوب الي الوطن قريبا. تطبيق الحريات الأربع مرهون بالتزام الجنوب وبقاء المؤتمر الوطني فيما رهن الاعلامي وليد الطيب النجاح في تطبيق الاتفاق وانزاله علي ارض الواقع بجملة قضايا تتمثل في التزام الجنوب بقطع الدعم عن الحركات المتمردة وطردها من جنوب السودان والتوصل لاتفاق مرضي حول رسوم النفط كما انه مرهون ببقاء المؤتمر الوطني الحاكم في السلطة ، واعتبر الطيب ان نجاح الاتفاق سيساهم في استقرار الاوضاع الاقتصادية في شمال السودان وبالتالي الاوضاع الامنية في الحدود المشتركة بعد التوصل لاتفاق مرضي حول المناطق الحدودية المختلف عليها.