شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    شاهد بالفيديو.. بعد غياب طويل الفنانة شهد أزهري تعود للظهور بفستان مفتوح من الصدر ومثير للجدل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفر الرئيس .. حساب أم كوار؟!

حتى الآن لم تعلن الحكومة السودانية صراحة موافقتها على مشاركة الرئيس عمر البشير في قمة الشمال والجنوب المقرر انعقادها في جوبا بحلول الثالث من ابريل القادم، وهو الامر الذي ينطبق على مشاركة رئيس البلاد في القمة العربية المقبلة بالعاصمة العراقية بغداد. وذهبت كل تصريحات قيادات الحزب الحاكم الى ان مشاركة الرئيس في المناسبتين تخضع لحسابات دقيقة يتعين وضعها في الحسبان. فقد اعلن المؤتمر الوطني بالامس فيما يلي مشاركة الرئيس في قمة جوبا عن موافقة مبدئية على الزيارة، لكنه رهن الخطوة بمستجدات الاوضاع الامنية وتطبيق الملف الامني على ارض الواقع ، ووقف التدريب والتشوين العسكري وطرد الحركات المسلحة، غير ان المؤتمر الوطني عاد ليرفع النقاب في المقابل عن اعمال لجنة امنية قال انها من سيحدد نهاية زيارة رئيس الجمهورية للجنوب من عدمها. فيما تولت الحكومة العراقية توضيح الصورة الضبابية فيما يخص زيارة بغداد و كشفت عن تعهدات تلقتها من الرئيس عمر البشير خلال اتصال هاتفي جمعه مع الرئيس العراقي جلال طالباني، بالمشاركة شخصيا في القمة العربية التي ستعقد في العراق. ورغم ان الحكومة لم تقطع حتى الآن بيقين في مغادرة البشير لاى من العاصمتين، فإن قيادات من الحزب الحاكم دعت الرجل مباشرة الى عدم التوجه الى جوبا، واعتبر القيادي في الحزب الفادني الزيارة مغامرة غير محسوبة. وهي ذات الزاوية التي ينظر من خلالها للقضية آخرون في المؤتمر الوطني، وقد رأى القيادي امين حسن عمر أن زيارة رئيس الجمهورية لجوبا سابقة لأوانها، وعدها ضرباً من ضروب حرق المراحل ، مشيرا الى ان البلدين ما يزالان في مرحلة أولية من بناء الثقة، ثم مضى امين متسائلا: فكيف نذهب للمحطة الأخيرة التي نستأمن فيها حكومة الجنوب على سلامة رئيس السودان بعد أن صرح رئيسها أن عليه تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية؟. لكن الكثيرين لا ينظرون الى العلاقات بين الخرطوم وجوبا من تلك الزاوية، فأغلب المراقبين يضعون هذا الزيارة في مقدمة اولويات المرحلة، مؤكدين على مدى اهميتها بالاشارة الى انها يمكن ان تذوب الجليد المصطنع بين العاصمتين، وتنزع فتيل التوتر بين الجارين المتشاكسين، معددين ما يرونه من فوائد ستعود على البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والامنية، فهل الامر كذلك؟ ام ان لمخاوف وهواجس بعض قيادات الوطني ومنبر السلام العادل اساس قوى؟!.
تهديد أم تهريج؟!
منبر السلام العادل يشن هجوما عنيفا على مؤيدي زيارة الرئيس عمر البشير المرتقبة الى جوبا، ويقول ان المؤتمر الوطني منقسم بشأنها، ويرجح رئيس منبر السلام العادل، الطيب مصطفى في حديثه ل(الصحافة) امس، ان الرئيس البشير لن يغادر الى الجنوب بنسبة (90% )، مشددا على ان زيارته الى جوبا تمثل خطرا جديا على سلامته، مشيراً الى «تصريحات لوكا بيونق وكشف المبعوث الروسي للسودان لها». واكد رئيس منبر السلام العادل ان لا امل من زيارة الرئيس البشير الى جوبا، ما دامت الحركة الشعبية هي من تحكم الجنوب، معتبرا اياها اس المشكلة، لافتا الى ان هدفها هو اقامة مشروع معادي توسعي يستهدف السودان. ووصف مصطفى المرحبين بزيارة وفد الجنوب للخرطوم برئاسة باقان اموم بالسذج والاغبياء قائلاً «هل تبادل الابتسامات والضحكات يغير مواقف باقان اموم والحركة الشعبية»، وتأسف الطيب مصطفى على ما سماه الخلط بين الآني والاستراتيجي، مؤكدا من ناحية اخرى انه يحس بالاطمئنان حول زيارة الرئيس المرتقبة الى العاصمة العراقية بغداد، واشار الى ان الرئيس عمر البشير سيكون محميا وهو بين العرب وان العراق يسعى الى تحسين علاقاته بالسودان، مستبعدا اية مخاطر جدية يمكن ان تواجه الرئيس عمر البشير هناك.
«. لكن المحلل السياسي، د0 خالد التجاني يرى ان الجدل الذي رافق تفاهمات اديس ابابا الاخيرة واعلان زيارة البشير لجوبا غير مبرر ووصفه بالتهريج والمزيدات، وقال ل»الصحافة « امس ان الاعتراضات التي ظهرت في الخرطوم على زيارة الرئيس في النهاية تمثل اساءة بالغة للرئيس فكانما تضع البشير في موقع العاجز عن اداء مهامه، واوضح انه من الطبيعي ان تكون هناك علاقات جيدة بين الدولتين المنفصلتين وتطبيع كامل وهناك مبررات موضوعية لذلك واكد انه لا خيار امام الخرطوم وجوبا سوى اكمال حلقة انعقاد القمة المنتظرة في ابريل والترتيب الجيد لها لاحداث نقلة نوعية ونقل العلاقات بين البلدين لمربع جيد. وحذر النور على ان اي تراخ او عدم جدية في قيام علاقات بين الدولتين سيكون البديل له الحرب الشاملة. واكد التجاني ان هناك اطرافاً داخل النظامين سواء في الخرطوم او جوبا ليست حريصة على تطبيع العلاقات بين الدولتين المنفصلتين وتقوم بمقاومة اي تقارب واكد انها اوضح في الشمال اكثر وشدد على ضرورة ان لا تلتفت قيادة الدولة لتلك الاصوات وتقدم بجدية نحو تنفيذ الالتزامات المتفق عليها وتجسيدها لارض الواقع، واكد ان مقاومات نجاح القمة المنتظرة اكبر باعتبار ان الظروف المحيطة بها مختلفة تماما عن القمة الاخيرة التي اقيمت باديس ابابا وفشلت في تحقيق مأربها واوضح هذه المرة تأكد للشمال والجنوب انهما وصلا لحافة الهاوية و لنهاية الشوط وان البديل الحرب الشاملة ولا مناص من الحوار والتركيز على المشتركات «واضاف «كما ان الاثنين ادركا مقدرة كل طرف على ايذاء الآخر .»
نيفاشيون ضد القمة..!
كتب القيادي بالحركة الشعبية بدولة الجنوب لوكا بيونق بالامس لصحيفة « الدولة الجديدة» مقالا قال فيه ان القمة تعتبر محكاً دبلوماسياً واخلاقياً للدولة الجديدة. لافتا الى أن القمة المقرر عقدها بين الرئيس سلفا كير والرئيس البشير في جوبا في الأسبوع الأول من أبريل نتجت عن نقاشٍ صحي في جنوب السودان حول النتائج الدبلوماسية والسياسية والأخلاقية لهذه الزيارة، فالزيارة المرتقبة كما يقول بيونق خلافاً لزيارات الرئيس البشير السابقة للجنوب ستكون أول زيارة له منذ أن أعلن جنوب السودان استقلاله وتبنى الالتزامات الدولية الجديدة في يوليو 2011م. ملمحا الى أن زيارة الرئيس البشير قد يُنظر إليها باعتبارها رداً على زيارة الرئيس سلفا كير إلى الخرطوم في أكتوبر 2011م لكنه يقول ان فكرة هذه القمة في الواقع أتت من تلقاء الوفد السوداني المفاوض في أديس أبابا عندما أصبحت المحادثات التي تلت الانفصال على وشك الانهيار، مبينا أن الوفد السوداني لم يبتدر هذه القمة فحسب بل اقترح أيضاً الأشخاص الذين يجب أن يقوموا بزيارة إلى الخرطوم لإيصال خطاب الدعوة إلى الرئيس البشير، ولما كان باقان أموم المفاوض الرئيس للجنوب هو الأعلى صوتاً حيال سلوك الخرطوم المشين المهين فيما يتعلق بقضايا اتفاقية السلام الشامل وقضايا ما بعد الانفصال التي لم تكتمل، اقترح الوفد السوداني المفاوض باعتبار ذلك الاقتراح إيماءة حسن نية أن يكون باقان أموم جزءاً من الوفد الذي يقوم بتسليم خطاب الدعوة إلى الرئيس البشير في الخرطوم. ومضى لوكا بيونق ليقول مشككا في صحة رغبة جوبا في الزيارة، انه رغم عدم علمه بمحتوى خطاب الدعوة الموجهة للرئيس البشير أشك أن الرئيس سلفا كير ربما كرر الحاجة إلى حسم القضايا العالقة حزمةً واحدة في القمة القادمة.
وقلل لوكا من فرص ان ما يمكن ان تحققه هذا القمة للبلدين مشيرا الى ان تجربته في التفاوض مع حزب المؤتمر الوطني أفضت به إلى أن أكون مستعداً دائماً للأسوأ. مرجحا أن تكون هناك صفقة خلال هذه القمة حول النفط والمساعدات المالية الانتقالية والتوصل إلى اتفاقية حول الحريات الأربع والتجارة الحدودية وقضايا تجميلية ترتبط بأبيي مثل توقيع اتفاقية وضع القوات وانسحاب القوات المسلحة السودانية من منطقة أبيي. ورأى انه من غير المحتمل أن تحسم القمة قضية أبيي معبرا عن قلقه من ان انتهاء هذه القمة إلى كونها مجرد حدث من العلاقات العامة ستترتب عليه مخاطر عالية جداً على الجنوب ذلك أن الدولة الجديدة ستنضم إلى القائمة القصيرة من البلدان التي تغاضت بصورة غير مباشرة عن الجرائم التي ارتكبها البشير وذلك بالسماح له بزيارة جوبا.
ولم يكن المشهد في الشمال مختلفا، فقيادات المؤتمر الوطني المؤثرة لا تبدو متحمسة لهذا اللقاء، او تخشى من عواقب غير منظورة له،ففي توضيح بعث به وزير الدولة برئاسة الجمهورية امين حسن عمر لرئيس تحرير هذه الصحيفة ،نشر امس،» حرص عمر على ان يشدد ان التوضيح يحمل رأيه الشخصي»، اكد الوزير ان زيارة البشير لجوبا سابقة لاوانها واعتبرها ضرباً من ضروب حرق المراحل وقال « فنحن لا نزال في مرحلة أولية من بناء الثقة فكيف نذهب للمحطة الأخيرة التي نستأمن فيها حكومة الجنوب على سلامة رئيس السودان بعد أن صرح رئيسها أن عليه تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية وبعد بيان ما يسمى بمنظمات المجتمع المدنى بدولة الجنوب الداعية لاعتقال البشير وتسليمه للمحكمة الجنائية «واضاف «. وعلى الرغم من عدم رغبتي في ارجاء المصالحة والموادعة، بل ورغبتي في ترسيخها وانجاحها فإن من يقول ان سجل حكومة الجنوب في استدراج من يخالفونها بدعوى المصالحة والتفاوض ثم الغدر بهم سجل لا يدعو للإطمئنان .» واردف « وقد يقول قائل إن أولئك المغدورين متمردون خارجون على شرعية الدولة . وليس ذلك موضع الشاهد بل موضع الشاهد هو الإستدراج بالمصالحة ثم الانقلاب عليها .» ولكنه رجع وقال «أنا لا أرجح هذا الظن لاعتبارات عملية ولأن عاقبته لن تكون بسهولة السوابق السالفة» واوضح « ولكن ليس من الحكمة في كل الأحوال حرق المراحل فالسرعة لها إعتبار ولكن الشعب السوداني يريد أن يطمئن شيئاً فشيئاً إلى تحسن النوايا» واقترح امين اخضاع سفر البشير لجوبا لنظر عميق في أجهزة الحزب والدولة. ورأى ان من الأفضل الاتفاق مع حكومة الجنوب على عقد القمة في أديس أبابا كما كان المقترح الأول. واوضح عمر «فاذا كان لها ثمار تُستطعم أو أفلحت نتائجها في تبديد هواجس عدد هو الأغلب من أبناء شعبنا فعندئذٍ فان جوبا ليست بعيدة،ويمكن للرئيس أن يزورها في أي زمان».
والطريقة التي ينظر بها كل من لوكا وامين الى قمة جوبا تعيد العلاقات بين الشمال والجنوب الى اجواء مرحلة ما قبل توقيع اتفاق السلام، فمن الواضح انها تنطلق من ارضية خصبة من عدم الثقة المتبادل بين شركاء نيفاشا السابقين، وقد لا يذهب الرئيس البشير الى القمة او يكتمل انعقادها في مكان آخر كالعاصمة الاثيوبية، لكن ذات الاجواء التي تسيطر الالآن في قواعد الحزبين الحاكمين في جوبا والخرطوم، قد تصعب من الوصول الى تفاهمات حاسمة.
سفر له ما بعده
تبقى اسبوع فقط لانطلاقة القمة الثنائية مابين الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت وبرغم ان الصورة حتى الآن غير واضحة بشأن قيام القمة في جوبا او نقلها لدولة اخرى لالجام الجدل بشأن امكانية اقدام دولة الجنوب على اعتقال الرئيس البشير الا ان مصادر موثوقة من جوبا اكدت ل»الصحافة» ان هناك مشاورات على مستوى اعلى اقليمي ودولي ينشط لنقل القمة لاديس ابابا لاخراج الدولتين السودان وجنوب السودان من الحرج .
وفي عرف العلاقات الدولية، فإن زيارات الرؤساء تعد مسألة عادية ومهمة تجسد مصالح الدول ولم تكن في يوم من الايام قضية مطروحة، غير ان سابقة توقيف اول رئيس وهو على سدة الحكم جعلت من زيارات الرئيس السوداني عمر البشير الخارجية مثارا للجدل والاثارة خارجيا وداخليا.
وتعد زيارات الرئيس البشير الخارجية عند البعض بطولات تجسد شجاعة نادرة لشخصه وقهرا للغربيين وكسرا لشوكة نفوذهم وهدما لجدار سيطرتهم على الدول الضعيفة، في الوقت الذي لم تؤكد فيه الحكومة السودانية من جهتها بشكل قاطع حتى الآن ان كان الرئيس البشير سيزور بغداد وجوبا ام لا، بينما يرى البعض الآخر ان المؤامرات متواصلة وتحاك باتجاه اعتقال الرئيس البشير، وهم من هذه الجهة يرون ان لا جدوى في سفر الرئيس، وانه من الضروري الحفاظ عليه كونه رمزا للبلاد وان حدث له اي مكروه فمن شأنه تمزيق الوجدان السوداني.
ورغم الجدل الآنف الذكر الذي ما انفك يدور كلما اراد الرئيس البشير ركوب طائرة الرئاسة الى خارج البلاد، فانه من الحتمي ان سفر البشير الخارجي يلقي بظلاله على مستقبل وهيبة السودان ويؤثر في مجرى الاحداث السودانية وله نتائج ربما تكون غامضة في هذه اللحظة.
و يرى مراقبون ان الزيارات الخارجية التي يقوم بها الرئيس البشير، تثير كثيرا من مشاعر الغضب والاستفزاز لدى قطاع واسع من المجتمع الدولي وتزيد من شراسة عمليات الضغط الاعلامي على السودان وتفاقم من الاوضاع السودانية بنظر الخارج، وتفتح بابا جديدا لمزيد من العقوبات الاقتصادية على السودان، حيث تنشط جماعات الضغط في الدول الغربية والدول الافريقية حليفاتها الموقعة على ميثاق المحكمة بالتنديد كلما زار الرئيس السوداني بلدا مطالبة الدولة المعنية بتسليمه، وتبدو المنطقة الخضراء في بغداد التي تستضيف القمة العربية المزمعة وكأنها احدى ثكنات الجيش في الولايات المتحدة الاميركية، اذ ان مدربي الجيش والامن العراقي من الاميركيين لا يزالون موجودين هنالك، بينما تنشط منظمات المجتمع المدني في العاصمة الجنوبية جوبا من أجل الضغط على الحكومة هناك لتوقيف الرئيس البشير حال زيارته جوبا.
(الوطني) ..همس المصالح..!
لم يرفض الحزب الحاكم الدعوة التي تلقاها من حكومة الجنوب، ولم يصدر عنه رسميا رفض لها، لكنه علق القرار ربما لدراسة الامر من كافة جوانبه او اتقاء ردود الفعل المتوقعة، وقال المتحدث الرسمي بحزب المؤتمر الوطني الدكتور بدر الدين احمد ابراهيم ل(الصحافة) امس عبر الهاتف ان حزبهم قبل من حيث المبدأ دعوتي الزيارتين من جوبا وبغداد استنادا على حسن النية المتوافر، ولكن بناء الثقة سيكتمل وفق الاجراءات التي تقوم بها الترتيبات الامنية والتي هي من صميم العمل الامني الذي تقوم به السلطات الامنية، وانها وحدها من تقدر ذلك، وانه لا يمكن ان يعلن عن القرار الا في المرحلة النهائية لموعد الزيارة. وشدد بدر الدين على ان الامر اصبح متروكاً للاجهزة الامنية، لافتا الى انهم كحزب وافقوا وانهم اخطروا الجهات التي دعتهم بالمشاركة، واوضح المتحدث باسم الوطني ان زيارة الرئيس الى جوبا مرهونة بالتطور في الملف الامني الذي يجري التفاوض حوله في اديس ابابا بين حكومة البلدين مشيرا الى ان زيارة وفد حكومة جنوب السودان الى الخرطوم يعد عندهم مقدمة لحسن النية وبداية لبناء الثقة، ولكنه عاد مستدركا انها ليست النهاية في عملية بناء الثقة الكاملة، مبينا ان العلاقات المطلوبة بين البلدين مرهونة ومرتبطة بشدة بتحقيق السلام، مبديا امله في ان يتم ذلك اللقاء بين الرئيسين في جوبا وان يظل البلدان في حالة سلام شامل ودائم يسهل من عملية التواصل بين شعبي الشمال والجنوب ويمتن علاقة الجوار بين البلدين.
وما انتهى اليه المتحدث باسم المؤتمر الوطني وافق عليه بشدة المحلل السياسي علي عيسى فقد قال ان هذه الزيارة في غاية الاهمية لجهة ما ستعود به على البلاد من مكاسب ربما اقلها نزع فتيل التوتر بين الشمال والجنوب وقد أمن رئيس مركز السودان للدراسات والبحوث، على اهمية زيارة الرئيس عمر البشير الى جوبا في هذا التوقيت، وقال انها ستخمد الشحنات والتوترات بين البلدين وان السودان سيستفيد من هذه الزيارة امنيا وسياسيا وعلى جانبي الحدود وان قبول الرئيس البشير والحكومة لها يعتبر تغليبا لمصلحة البلاد، لان للسودان مصالح كبيرة في الحريات الاربع وستعزز الوجود السوداني بالجنوب وتحقق فوائد اقتصادية جمة ومن شأنها تأمين الحدود وووقف التصعيد العسكري بين البلدين. وعد عيسى امس ل(الصحافة)، زيارة الرئيس عمر البشير المرتقبة الى جوبا، بانها ربما تكون اهم حدث بين الشريكين السابقين عقب اتفاقية نيفاشا بين الجانبين، واكد على ان الوساطة وضعت الكرة في ملعب الطرفين، وان هذا الامر يعبر عن ارادة سياسية في الجانبين، ويعني ان الوساطة حققت نجاحا في لأم ثقة الشمال والجنوب، ولفت عيسى الى ان الزيارة تعبر عن حسن نية وثقة ورغبة لتجاوز الخلافات. ونفى عيسى بالمرة اية مخاطر يمكن ان يتعرض لها الرئيس عمر البشير في جوبا، لجهة ان دولة الجنوب دولة رشيدة، ولا يمكن ان تغامر بتوقيف الرئيس عمر البشير، وهي في الاصل لم توقع على ميثاق روما، مشددا على ان ما يروج له البعض بهذا الخصوص عارٍ من الصحة تماماً، وتساءل عيسى هل الاخطر زيارة بغداد ام جوبا؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.