مدخل: جوزيف كوني وتوماس لوبانقا وتشارلس تايلور هم مجرد قمة جبل الجليد، فاستغلال الأطفال جنوداً أمرٌ يمتد أبعد من إفريقيا. اكتشفت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي منتصف شهر مارس الماضي أن القائد العسكري الكنغولي توماس لوبانقا كان مرتكباً جريمة تجنيد الجنود الأطفال واستخدامهم في الصراع المسلح في تلك البلاد بحيث قرر مصيره باعتباره مجرم الحرب الأول المدان لدى المحكمة الجنائية الدولية. وفي ذات الوقت فإن الفيديو الفيروسي المسمى «كوني 2012» قد حقق فيما يبدو هدفه بجعل جوزيف كوني قائد تمردٍ آخر يواجه مذكرة اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية لسوء السمعة بسبب ارتكاب جرائمه المزعومة التي تشمل اختطاف ما يقدَّر ب30000 طفل لصالح جيش الرب التابع له. ولقد شاهد ملايين الناس الفيديو بجانب ملايين أكثر بدأوا يعرفون جوزيف كوني الذي ما زال طليقاً وذلك من خلال تعميم التغطية الإعلامية للحملة. إن جوزيف كوني ولوبانقا وتشارلس تايلور يعتبرون القواد الثلاثة الأسوأ سمعة في عالم اليوم لقيامهم بتجنيد الجنود الأطفال، فتشارلس تايلور الرئيس الليبيري السابق في انتظار حكمٍ من محكمةٍ خاصة في سير اليون وذلك بسبب تهم تتعلق بتجنيد الجنود الأطفال إضافة إلى جرائم أخرى. وربما يتحمل ثلاثتهم معاً مسؤولية إرغام عشرات الآلاف من الأطفال على الدخول في حروب وحشية ومُهلِكة، ولكن استخدام الجنود الأطفال يمتد لأبعد من وسط وغرب إفريقيا، فاليوم نجد الجنود الأطفال يخوضون الحروب في أربعة عشر بلداً على الأقل تشمل كولومبيا ومينامار (بورما) وأفغانستان، وفي معظم هذه الحالات لم تكن هناك مذكرات اعتقال ولا محاكمات ولا إدانات ضد المسؤولين عن التجنيد. وقد حددت الأممالمتحدة أكثر من دزينةٍ من «مرتكبي الجرائم الدائمين» والحكومات والمجموعات المسلحة المشهورة باستخدام الجنود الأطفال في الصراع المحموم لأكثر من عشر سنوات، فمثلاً متمردو القوات المسلحة الثورية في كولومبيا قاموا بتجنيد أطفالٍ يبلغون من العمر سبع سنوات وأجبروهم على الدخول في الحرب، كما أنهم يقومون بإعدام المحاربين الذين يحاولون الفرار من الجندية. وفي بعض الحالات لا ينجو المُجنِّدين العسكريين من العقاب فحسب بل يكافؤون مقابل إدخال الأطفال في قواتهم، فعلى الحدود البورماوية/ التايلاندية قمتُ بإجراء مقابلة مع الأطفال الذين فروا من جيش بورما وكان بعضهم يبلغ من العمر 11 عاماً فقط عندما هددهم المجنِّدون أو أجبروهم على الانضمام إلى الجيش، فقالوا لي إنهم عندما وصلوا إلى مركز التجنيد لم يغضَّ القواد العسكريون الطرف عن أعمارهم الصغيرة فحسب بل إنهم مَنَحوا المجنِّدين نقوداً وجوالات أرز. لكن الوضع في بلدانٍ قليلة أصبح سيئاً بدرجةٍ ملحوظة، ففي أفغانستان زادت حركة الطالبان من استخدامها للأطفال للقيام بهجماتٍ انتحارية، وفي الصومال استهدفت حركة الشباب الإسلامية المسلحة باستمرار الأطفال للتجنيد القسري وقامت في كثير من الأحيان باختطاف الأطفال ذوي العشر سنوات من منازلهم أو مدارسهم. أما إدانة لوبانقا فتعتبر قراراً تاريخياً مهماً لكن المطلوب إجراءات أكثر لمعالجة المشكلة عالمياً إذ يجب على الحكومات على المستوى القومي اتخاذ إجراءاتٍ صارمة ضد القواد الذين يقومون بتجنيد الأطفال، إذ نجد بورما قد قامت بمحاكمة جنودٍ من ذوي الرتب الدنيا بيد أنها لم تحاكم ضباطاً رفيعي المستوى. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية لم يكن بوسكو نتاغاندا أحد الستة قواد المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب تجنيد الأطفال حراً طليقاً فحسب بل تمت ترقيته إلى رتبة [الفريق] في الجيش القومي. وربما كانت حكومات أخرى متآمرة في استخدام الجنود الأطفال بواسطة بلدان أخرى، فالولاياتالمتحدة مثلاً ظلت تقدم المساعدات العسكرية للحكومات التي تستخدم الجنود الأطفال في قواتها القومية، وتشمل البلدان التي تتلقى المساعدات من الولاياتالمتحدة جمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن برغم القوانين الأمريكية التي تمنع مثل هذا العون. إن لوبانقا وتايلور يواجهان عواقب حقيقية لاستخدامهما الجنود الأطفال، وإذا تم اعتقال جوزيف كوني فإنه سيواجه أيضاً عقوداً في السجن. لقد بلغت محنة الجنود الأطفال أنحاء العالم، ولا يمكن أن نقف في محطة هؤلاء الثلاثة كوني ولوبانقا وتايلور لنضع حداً لاستخدام الجنود الأطفال. *جو بيكر هي مديرة مناصرة حقوق الأطفال التابعة لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان. وقد قامت جو بيكر بالتحقيق في تجنيدل الجنود الأطفال واستغلالهم في يوغندا وبورما وسيريلانكا والهند ونيبال.