اصطفاه دون نظيره ناصحا له ومبدئيا قلقا، وطالبا منه ضبط النفس، وعبره نقل مناشدته لدولته ولجارتها» السودان» بالتهدئة والاتفاق،تلك بعض ما أتت به أخبار تفاصيل اتصال الرئيس الأمريكي باراك اوباما برئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت،ولم تكن دعوة اوباما التي خص بها سلفاكير بعد التوترات والاشتباكات الحدودية مع حكومة الخرطوم بمستغربة باعتبار أن اتصالاته مع الأخيرة لم ترتق منذ تولى منصبه في الادارة الأمريكية أن يتعامل مع رئيس حكومتها. ولم تقتصر دعوة اوباما على سلفاكير وحده بل شملت جيشه الشعبي حيث انه « دعا جيش جنوب السودان الى ضبط النفس بعد المعارك الحدودية مع قوات السودانية»،ليؤكد بعدها بحسب بيان للبيت الأبيض، على أهمية تجنب أية تحركات أحادية، وطالب بضمان أن يمارس جيش جنوب السودان أقصى درجات ضبط النفس، وأن لا يشارك أو يدعم أي قتال على طول الحدود خاصة في جنوب كردفان، ولما لم ترشح اى تفاصيل عن ماذا قال سلفاكير للرئيس اوباما؟ يمكن من خلاله معرفة موقف الرجل،وهو الذي خاض بدوره في صراع هجليج من قبل عندما صرح على الملأ ان قواته سيطرت على هجليج قبل ان تنفي الخرطوم ذلك وتفرض سيطرتها على المنطقة. وعلى خلاف سلفا رأى نظيره الرئيس عمر البشير أن الهجوم على هجليج الغرض منه تشويه سمعة السودان حيث قال أمس في اجتماعات مجلس محافظي مجموعة بنك التنمية الاسلامي بالخرطوم « الذي حدث في الهجوم على حقول البترول في منطقة هجليج ما هو الا محاولة لتشويه سمعة السودان بما يجعله يبدو وكأنه دولة غير مستقرة « . تركيز الادارة الأمريكية على جانب واحد من طرفي الصراع بحسب الكثيرين يدعم الآراء السابقة بأنها الراعي الأكبر لدولة الجنوب،ويرجح خيار أن تقف معها لو ارتفعت وتيرة التوتر بين الدولتين ودخلت مرحلة الحرب الشاملة بالدعم العسكري و اللوجستي وذلك في اطار الاستهداف الأمريكي على السودان، الأمر الذي ما انفكت حكومة الخرطوم تردده وتصف واشنطون بالعداوة، وانها وراء مخططات الحرب الحالية، ولعل حديث الرئيس البشير أمس يسير في ذات الوجهة حيث قال أمس « ان السودان يحتاج لوقفة تضامنية قوية لمجابهة الضغوطات التي تمارس ضده من قبل القوى المهيمنة لأنه من الدول ذات المواقف المستقلة تجاه القضايا الاسلامية «. الا أن البعض يرى بأن حديث اوباما لسلفاكير لا يعدو كونه صوت لوم لدولة الجنوب لابتدارها الصراع واندفاعها للقتال بشكل أوسع واعلانها التعبئة العسكرية الشاملة تجاه السودان، بينما يذهب آخرون ابعد من ذلك على اعتبار أن الدعوة لضبط النفس قصد بها جيش الجنوب، وذلك في الأساس اعتراف ضمني بان الجيش الشعبي هو وراء اشعال الأخير للأحداث بين الدولتين . وينظر المحلل السياسي البروفيسور حسن الساعوري للأمر بأكثر من زاوية أولها: اتصال اوباما يمثل درجة من درجات الضغط على حكومة الجنوب، وثانيها:انه يحمل رسالة مبطنة لحكومة الخرطوم مفادها «بأننا كادارة أمريكية لسنا منحازين للجنوب حسب اتهاماتكم لنا، وها نحن حذرناهم من مغبة الاستمرار في عدم الاتفاق معكم»، ويربط الساعوري بين ظهور نتائج اتصال «اوباما- سلفاكير» ،و ما ستخرج به جولة مفاوضات أديس أبابا ، من تغيير في استراتيجية حكومة الجنوب التفاوضية،وقال ل»الصحافة» أمس» نتائج الضغط الأمريكي ستظهر في حالة تغير حكومة الجنوب لاستراتيجيتها في التفاوض من «عدم الاتفاق، الي الاتفاق» مع السودان»، وزاد «والتأكيد على جدية أمريكا، وحكومة الجنوب سيحدث بتغير موقف الأخيرة الداعم للجبهة الثورية». وتزامن الحرص الأمريكي الموجه لدولة دون الاخري بضرورة ايقاف التوتر بين دولتي «السودان، وجنوب السودان»على الحدود مع نداء أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طالبا بالاسراع بعقد لقاء بين الرئيسين « عمر البشير ،و سلفاكير ميارديت»، وقال أمس « أدعو رئيسي السودان وجنوب السودان الى عقد لقاء بأسرع ما يمكن للحد من التوتر بين البلدين». تطورات الأحداث على الأرض بين دولتي السودان وجنوب السودان، لا يمكن فصلها عن مجمل الأوضاع في المحيط الاقليمي والدولي بحيث أن هناك أكثر من ملف يواجه المجتمع الدولي وتتباين فيه المواقف الدولية كالأزمة السورية، وملف ايران النووي،وكوريا الشمالية،فضلا عن التوتر في منطقة القرن الافريقي فمن جهة ما تزال الصومال مشتعلة ولا تعرف لأزمتها نهاية ومن الجهة الثانية بلغت التوترات بين اثيوبيا وارتريا مرحلة قد تقود الى حرب مزلزلة، مما يجعل الملف «السوداني ،الجنوبي « يأتي في ترتيب غير مستقر ، ويتأرجح صعودا وانخفاضا في اهتمام المجتمع الدولي وفق دوافع المصالح التى تتحكم في صعود ملف و انخفاض اخر في ظل تقاطعات التحالفات الدولية «الامريكي -الاوربي»، و التحالف الاخر الذي يضم « روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند » وهو ما يسمي بمشروع دول « البريكس» بحسب رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي دكتور صالح بكر الطيار والذي قال في مقال نشر له أمس بأسبوعية مصر الجديدة أمس « انه مشروع بدأ يأخذ شكل تحالف دولي حيث يشكل ما نسبته 18 % من الانتاج العالمي و 40 % من التعداد السكاني «، وروسيا احد أعضاء هذا الحلف وصفت الوضع أمس حسب المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش بقولها « انه تفاقم في الآونة الأخيرة بالمناطق المتاخمة للحدود بين السودان وجنوب السودان ووصل الأمر الى نشوب اشتباكات مسلحة بين وحدات الجيشين السودانيين، ويحدث ذلك على خلفية اطلاق اتهامات متبادلة باختراق السيادة وسلامة الأراضي ودعم المعارضة المسلحة ومجموعات الثوار. وتجدد نزوح اللاجئين من منطقة النزاع، الأمر الذي يلحق اضرارا بالمشاريع الاقتصادية».