دخلت المجتمعات الخليجية الصغيرة بسبب تعاظم الوجود الآسيوي فيها، في أتون مأزق تاريخي يصعب تصور امكانية الخروج منه. لم يعد الأمر يهدد الهوية الثقافية التي همشت، والثوابت الوطنية التي اهتزت، بل يشكل خطرا مستقبليا على ما تبقى من الوجود العربي ذاته.، وتبين الاحصائيات الرسمية وشبه الرسمية لعام 2006 2007، الخارطة الديموغرافية كالآتي: تصل نسبة العمالة الأجنبية في الكويت إلى 60%. البحرين 50%. السعودية 40 إلى 50%. عمان 30%. أما في قطر فتصل إلى 85%. وتصل نسبة المهاجرين في الإمارات إلى 90%،..هذا ماخطه الدكتور حسين غباش في جريدة الخليج الاماراتية. بالطبع الخليج أمام أزمة معقدة تتطلب تغيير التوجهات التنموية وفتح الباب واسعا أمام العمال والمهنيين العرب، وتجنيس العرب المقيمين في الخليج، الذين خدموا المجتمعات الخليجية منذ عقود وخصوصا الجيل الأول الذي شيد دول الخليج وساهم في نهضتها لمعالجة الاختلالات التي تمضي نحو مرحلة خطرة يمكن أن تغير الخريطة الديموغرافية. ظل السودان منذعقود يستقبل بطرق شرعية وغير شرعية أعدادا كبيرة من الأجانب من غرب افريقيا وشرقها، ورغم الآثار الاجتماعية والثقافية،الا أن أيادي الساسة تدخلت غير مامرة لسودنة بعض الجماعات الوافدة من اجل مكاسب سياسية مرتبطة بالانتخابات. وترافق مع التدفق الاجنبي ظهور نوع جديد من الجريمة دفع الدولة للتفكير في ضبط الوجود الاجنبي في ظل عدم وجود تشريعات تحد من إخطاره على الأمن القومي.. ولكن نسبة عدد سكان السودان مع المقيمين الاجانب بطريقة شرعية وغير شرعية لا تدعو للقلق،فقد قالت وزارة الداخلية في تقرير رسمي أمام مجلس الوزراء في يناير الماضي،إن عدد الأجانب بالبلاد تجاوز أربعة ملايين شخص معظمهم من غرب وشرق أفريقيا ودولة جنوب السودان، وأن عدد الأجانب المقيمين بطريقة شرعية في البلاد قد بلغ 38 ألفا معظمهم من الصين والهند وبنغلادش.، واشار التقرير الى ايجابيات خلفها الوجود الأجنبي الشرعي بينها الإسهام فى استخراج النفط وتشجيع الاستثمار الأجنبي وسد نقص الايدي العاملة والتخصصات في بعض المهن. غير أن هناك بعض من يمشون مكبين على وجوههم ظلوا يصرخون منذ انفصال الجنوب يطالبون بطرد الاخوة الجنوبيين وانهاء الوجود الجنوبي من السودان،وكأن بلادنا قننت كل الوجود الاجنبي ولم يتبق الا الجنوبيون،فإن كان هناك نحو 500 ألف جنوبي في السودان يقيمون بطريقة غير شرعية، فإن ثلاثة ملايين ونصف المليون من جنسيات أخرى يقيمون بذات الطريقة،وينسى أصحاب الحلاقيم الكبيرة والأوداج المنتفخة من الصراخ والتهويل أن ملايين من الأفارقة صاروا جزءا من المجتمع وتولوا مناصب عليا في الدولة كما قال رئيس النيجر الذي عندما زار الخرطوم قبل سنوات ان مواطنيه في السودان يتجاوز عددهم سبعة ملايين،غالبيتهم تحولوا الى مواطنين. نعم صار مواطنو الجنوب منذ اعلان نتيجة الاستفتاء رعايا اجانب، وانتهت امس فترة توفيق اوضاعهم ،ومن سلطة الدولة تقنين وجودهم في البلاد، ولكن من الحكمة معاملتهم معاملة كريمة وتسهيل اجراءات تسجيلهم واقامتهم، وقد أحسن الرئيس البشير عندما طمأن خلال اجتماعه مع الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي أن السودان كان وما زال من أكبر دول العالم استقبالاً للاجئين" ومن أحسنها، بل أحسنها تعاملاً معهم". ينبغي أن نستثمر علاقتنا مع الجنوبيين في الشمال فهم بذرة الوحدة التي لا نزال نحلم بها ،وهم أيضا من عوامل استقرار العلاقات بين البلدين ،فمرحلة التوتر والمواجهات عابرة وسيتجاوزها الجانبان بتوفر الارادة واعادة الثقة المفقودة،وعندما نشير للوجود الجنوبي في السودان، يجب أن تتحدث لغة المصالح ونتذكر الوجود السوداني في الجنوب، ومئات الآلاف من الرعاة الذين يقضي غالبيتهم شهورا في الجنوب بمواشيهم،دعونا نفكر بعقولنا ومصالحنا حتى يتحول انفصال الجنوب الى انفصال سياسي لا اقتصادي واجتماعي.