استضاف نادي الجسرة الاجتماعي الثقافي الشاعر الكبير هاشم صديق،مساء الجمعة 6 أبريل ، في أمسية نظمتها رابطة المرأة السودانية «سوا» ورابطة الاعلاميين السودانيين في قطر،في الذكرى السابعة لانتفاضة مارس -أبريل السودانية المجيدة ،التي اسقط فيها الشعب السوداني نظام الديكتاتور جعفر نميري عام 1985. طلب الشاعر هاشم صديق في مستهل الامسية من الحضور الوقوف دقيقة صمت وترحم على ارواح الراحلين الكبار: الشاعر محمد الحسن سالم «حميد» والمغني محمد عثمان»وردي»، والاستاذ والمفكر محمد ابراهيم نقد الذين رحلوا عنا تباعا. قدم السيد عبد الرحمن الجيدة عضو النادي «درع الجسرة» للضيف الكبير الذي كرمته الرابطتان . و قرأ شاعرنا عددا من نصوصه الجديدة وبعض من أشعاره القديمة تعانقت فيها سيرة الكفاح الموضوعي ضد الظلم والسعي للحرية،مع سيرته الذاتية الرافضة للمساومات الايديويولوجية،وبحثه المستمر عن معادل موضوعي وجمالى لكفاح وبطولات الناس العاديين من ابناء الشعب الكادح. تحدث شاعرنا هاشم عن موقع المرأة في تجربته الاجتماعية والابداعية،ودورها كحصن ضد الانكسار والانحناء للظلم ،وشريكة في صياغة عالم مشبع بالاحترام والمودة. كما حيا صديق الاعلاميين الذين حملوا راية الاستنارة والنضال في السودان منذ تأسيس اول صحيفة سودانية عام 1903 وحتى الآن،وحيا الشاعر القائمين على ادارة نادي الجسرة الثقافي ،الذي احتضن امسيته الاولى قبل اربع سنوات،وظل منبرا دائما للمعرفة والفكر في دوحة الابداع والثقافة. ثم تحدث الشاعر عن المفارقة التي تدعو للحزن والأسى ، التي جعلتنا كما قال نحتفل بثورتي أكتوبر وأبريل المجيدتين احتفالنا ب»راحل مقيم» اذ كلما فجرنا ثورة وقدمنا التضحيات ، واحسسنا اننا أمسكنا بقياد فرس الحرية،انقض اعداء الحرية علينا، وجعلونا نحتفل بثوراتنا في السر. حيث تذهب في ظل الانظمة الشمولية زهرة شباب البلد ، وتوضع احلام الثورة وقصائدها وأغانيها في المخزن أو السجن. وتحدث الشاعر عن وجه آخر للمفارقة ، وهو ان الانظمة الشمولية لا تكتفي فقط بتسفيه احلام الشعوب في الحرية، بل تعيد الاعتبار للديكتاتوريين الذين ساموا شعوبهم سوء العذاب ، وضرب مثلا بالديكتاتور جعفر نميري الذي عاد الى السودان بعد اسقاطه في أبريل،عاد في عهد الانقاذ كي يفرش له البساط الاحمر ويمشى في الاسواق وبين الناس ،بل ويراه من عذبهم رأي العين. وقال هاشم صديق ان هذه المفارقة المدهشة خلقت التباسا عجيبا بين شخصية الديكتاتور في المسرح وشخصيته في الواقع. واختتم الشاعر كلمته بالاشارة الى ان الانظمة الشمولية ابلغتنا مقام الحاجة الى رئيس متخصص في الامراض العصبية و النفسية، وقال لا امتلك اجابة على سؤال الحاجة الى رؤى فكرية وسياسية جديدة تعيد صياغة الحال،لا امتلك الاجابة ولكنني غير يائس. وقرأ هاشم صديق عددا من القصائد استهلها بقصيدة» أوديسة العام الثاني عشر . . . بعد الألفين بتقويم أبو الحصين « ومطلعها: لكنك تعلم أن الأرضَ تكُفُ عن الدوران ان كفّ الآذانُ عن التنبيهِ بأن الأرض تدور. . . . . . . . . . . . . . لكنك تفهم أن كآبتك المنصوص عليها في سِفْرِ الأحزانِ تراوحُ رقصتَها في كُلِ الأركانِ علي الزمنِ المسعورْ . كما قرأ قصيدته «حكاية الوردة والشارع» وهي مكتوبة بالعامية ، وهي مبنية جمالية على تمجيد وتبجيل انحياز الشاعر لقوة الجمال وليس قوة السلطة وغواياتها ،وفيها يستلهم الشاعر جانبا من سيرته الذاتية في مواجهة محاولات الاخضاع ، صادحا في متنها باختياره للجمال ودفع ثمن ذلك الاختيار فقرا وضيق حال،اذ يقول: إنحنيت للوردة ما للريح ولا سيف الخليفة إنحنيت لي بسمة صالحة ودمعة صادحة ولقمة مالحة وراحة في سُترة رغيفة . . . . . . . إنحنيت بي كُلِّي لي ستي الشوارع ولي بلد معشوق وفارع لي عشم من «جرحي» طالع لي قلم ما بخون ويبايع ولي عيون صاحية وشريفة . . . . . . . . السيدة عفاف حامد ألقت كلمة رابطة المرأة السودانية «سوا» ،حيت فيها الشاعر ومواقفه الداعمة لنضال المرأة السودانية،وحيت كفاح رائدات الحركة النسوية السودانية وشهيداتها في الماضي والحاضر. رابطة الاعلاميين السودانيين في الدوحة كرمت الشاعر هاشم صديق، والقي الصحفي محمد الربيع محمد صالح كلمة بالمناسبة، أشار فيها الى تقدير الرابطة والاعلاميين السودانيين في الدوحة وفي كل مكان للشاعر الكبير هاشم صديق أحد حداة وحراس «بطولة الأعماق» السودانية بالتبشير المتصل بقيم البطولة والحب والجمال في أشعاره ومسرحه وكتاباته الصحفية ،المنطلقة من لغة حرة جسورة ومكافحة ضد الهزيمة والانكسار. وقال محمد الربيع ان الاعلاميين السودانيين عندما يحتفون بهاشم صديق انما يحتفون بانفسهم وبالكلمة الانيقة النزيهة الشريفة،وان تجربة الفنان هاشم صديق تحلق بعدة اجنحة كأنها طائر اسطوري هي الشعر البارع الجميل والدراما الرائدة والكتابة الرفيعة،وقد قال الشاعر الالماني هولدلرلين: ان الشعراء آنية مقدسة تحفظ فيها الآلهة خمر الحياة وروح البطولة، وتجربة هاشم صديق عنوان للجمال والبطولة، واختتم الربيع كلمته بالاشارة الى ان الاعلاميين السودانيين يظلون حملة لمشاعل الاستنارة والنضال.