خلال الأسبوع الأخير من مارس الماضي، أعلن رئيس الجنوب سلفاكير ميادريت أمام اجتماع مجلس التحرير في جوبا، أن جيشه احتل منطقة هجليج،ولكن حديثه خرج "بندق في بحر"،ولكنه عكس نوايا مبيتة، وتخطيطا للاستيلاء عليها،وتكرر الهجوم للمرة الثانية لكنه فشل،وأمس تجدد الهجوم على المنطقة بقوات جنوبية ضخمة تقدر بأكثر من عشرة آلاف جندي، وبعض متمردي "الجبهة الثورية"،وزعم قائد الفرقة الرابعة في الجيش الشعبي جيمس جاتلوك أنهم تقدموا 30 كليومترا شمال هجليج. وجاء الهجوم على هجليج بعد ساعات من إعلان وزير إعلام جنوب السودان بارنابا ماريال بنجامين أن أربعة مدنيين بينهم طفل أصيبوا بجروح عندما قصفت الطائرات السودانية منطقة أبيمنون على بعد حوالى أربعين كلم من الحدود بين البلدين،ما يشير الى أن حديثه عملية تمهيد وتغطية للاعتداء على المنطقة التي تقع داخل الأراضي السودانية، ولم تكن محل نزاع بين الطرفين خلال اجتماعات لجنة الحدود،وحسم أمرها قرار هيئة التحكيم الدولية بشأن أبيي الذي وضعها خارج مناطق النزاع. ورشحت معلومات أن من أشرف على الهجوم على هجليج هو الدكتور رياك مشار نائب رئيس الجنوب الذي كان يصنف من الوجوه العاقلة التي تعمل على تأسيس علاقات تستند على المصالح والاحترام المتبادل بين دولتي السودان،واذا كان العاقل من يقود العمليات فإن الجنوب قرر خوض حرب مفتوحة وشاملة مع السودان. الوضع في غاية الخطورة .انها الحرب الخيار الأسوأ الذي كان يخشاه الجميع . انفصال الجنوب واندلاع الحرب،انها حرب مفروضة على السودان ،السودانيون مطالبون بالوقوف صفا واحدا خلف قواتهم المسلحة التي تسهر على حراسة الثغور وتدفع المهج والأرواح للحفاظ على التراب والسيادة الوطنية،المطلوب توحيد الجبهة الداخلية لمجابهة التحديات الجسام،وتناسي الخلافات وتجاوز المرارات ،الوطن في حاجة الى الجميع حتى يظل وطنا،ولو استمرت حالة الاستقطاب والتناحر السياسي والتقاذف بالألفاظ المستفزة والتلاسن بلغة التحدي بين قياداته ونخبه فلن نجد غدا وطنا نتصارع عليه.. وبينما الوطن يواجه هذه التحديات،طالب عضو البرلمان دفع الله حسب الرسول، خلال جلسة المجلس الوطني أمس وسط تكبيرات النواب، بإصدار قرار يقضي بمنع دخول المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب الي السودان، وقال إنه سيستجوب الوزير المسؤول لمعرفة سبب دعوة المطربة المصرية للغناء في الخرطوم، وشن حسب الرسول هجوما قاسيا علي الفنانة المصرية، وطالب بإعادتها من مطار الخرطوم الى القاهرة؛ لأنها من بقايا نظام حسني مبارك الذين ضاقت بهم مصر الثورة. تخيلوا البلد في شنو والنائب المحترم في شنو؟..كنت أتوقع أن يستدعي البرلمان وزير الدفاع لمعرفة الحقائق عن الاوضاع العسكرية لا اثارة قضايا انصرافية..هم في شنو والبلد تواجه قضايا مصيرية ترتبط بوجوده،نأمل أن يتجاوز البرلمان العمل الروتيني الى الاهتمام بأمر الوطن ومستقبله.. السودانيون وقياداتهم ونخبهم في الحكم والمعارضة في حاجة الى وقفة مع الذات،فلم يعد الوطن يحتمل مزيدا من الصراعات والتدابر..نكسوا راياتكم السياسية، واعلوا راية الوطن قبل أن تبكوا على ما تبقى منه ،ولن تعيد الدموع بلدا،ولن ترفع شعبا انهكته هموم الحياة ودفع ثمنا غاليا من حرب الى حرب.