كاشط شفرات.. أسعار زهيدة ومخاطر أكيدة الخرطوم: ولاء جعفر تشهد محلات بيع مواد التجميل بأسواق العاصمة إقبالاً كبيراً من طرف الزبائن خاصة من شريحة الفتيات اللائي يقبلن بشغف على شراء المواد التجميلية والكريمات الخاصة بحماية البشرة. واللافت أن غالب تلك المواد منتهية الصلاحية وتحمل تسمية ماركات عالمية، وقد أخفيت منها الملصقات التي تشير إلى تاريخ صلاحيتها. وما يزيد من مخاطر تلك الكريمات عرضها تحت الشمس وسط ارتفاع درجة الحرارة، ويساهم تراجع أسعارها في زيادة الاقبال عليها من الفتيات المتعطشات لاقتنائها دون أدنى اعتبار لصيحات التحذير التي يطلقها اختصاصيو أمراض الجلد والعيون التي تؤكد الأخطار التى تسببها هذه المواد التجميلية. «الصحافة» ولجت عالم الكريمات المنتشر في الأسواق لتجد مختلف أنواع مستحضرات التجميل من كريمات الوجه والعطور وقوارير الزيوت والشامبوهات ومراهم التبييض وغيرها من المواد، تعرض على طاولات بمنتصف الطريق تحت اشعة الشمس، بالرغم من علم الجميع بأن الشمس أهم عامل يتسبب في إتلاف مستحضرات التجميل، في وقت توصي فيه ديباجة التعريف بمكوناتها بضرورة حفظها في ظروف مناسبة بعيداً عن الضوء والحرارة. أمام إحدى طاولات بيع المواد التجميلية لاحظت «الصحافة» حالة من اكتظاظ الفتيات، وكانت كل منهن تحمل الكريم وتسأل عن سعره لمعرفة مدى إمكانية شرائه. اقتربنا من البعض منهن لمعرفة خصوصية بعضها ومدى إقبالهن عليها.. هديل أحمد ابتدرت حديثها مؤكدة أهمية الكريمات لكل فتاة خاصة مع قدوم فصل الصيف، ماضية إلى القول إن السعر هو الفاصل عند شراء اي منتج، وذلك لتعارض الأسعار مع محدودية الدخل، الأمر الذي يجبر بعضهن على التوجه الى طاولات بيع مواد التجميل التى تعرض بسعر أقل بعد مقاطعة المحلات الكبيرة لغلو أصحابها في الاسعار. خالدة خالد قالت: «نجد ضالتنا في هذه الطاولات والاكشاك»، مشيرة الى اسعارها التى تتناسب مع قدرتهن المالية، مما زاد الاقبال نحو هذه الطاولات بعيداً عن أصحاب المحلات الذين يبالغون في الاسعار بدعوى انهم يدفعون الضرائب، أما في هذه الاكشاك فيمكن الحصول على ذات السلعة بأسعار أقل. «المهم عند شراء الكريم وجود تاريخ الصلاحية» هكذا ابتدرت إسراء عبد الله حديثها ماضية إلى أن غلب زبائن هذه المنتجات من ذوات الدخل المحدود وما أكثرهن، وجميعهن يركزن على عامل السعر، أما الجودة والنوعية فهي آخر اهتماماتهن رغم الأضرار التي منها الحساسية والأمراض الجلدية. أحد أصحاب أكشاك التجميل أوضح أنهم يجلبون الكريمات من موردين، وكشف عن اقبال منقطع النظير على كريمات معينة من شاكلة «كاشط شفرات واستيل مانز»، مشيراً إلى أن مسؤولية الاضرار تقع على عاتق الزبون، مضيفا: «يهمنا الربح فقط». ويؤكد اختصاصيو الأمراض الجلدية أن تأثير المستحضرات التجميلية على البشرة لا يظهر في الحال إلا بالنسبة لذوات البشرة الحساسة إذا كانت صلاحية الكريم قد انتهت لمدة طويلة، أو أن مكونات مستحضر التجميل رديئة ومضرة بالبشرة، كما أن التأثير يظهر على المدى الطويل ويساهم في ظهور بقع الحساسية والتجاعيد المبكرة، لذلك لا بد من تجنب كل المستحضرات خاصة المشكوك فيها التي لا تطابق المعايير العالمية من حيث المكونات والصلاحية وبيئة البيع، مثل تعرضها للشمس لفترة طويلة. ممارسات أكل عليها الدهر «قنبور» الصغير.. عين الحسود فيها عود الخرطوم: عالصحافة يفضل البعض حلاقة «الكاري»، والبعض يفضلها على طريقة الراستاما والبوب مارلي، وغيرهم كارل لويس، وحلاقة المارينز.. وآخرون مالتيني وميسي .. مقلدين فنانيهم ومعجبين بلاعبيهم المحببين، غير ان تقليعات شباب الايام الخوالي كان يفرضها الموروث الثقافي والاجتماعي والروحي، والقنبور الذي يعني ترك قصة من شعر الصغير في مقدمة الرأس او بوسطه بعد الإزالة الكاملة لبقية الشعر باستخدام الموس، ممارسة معمول بها في أنحاء واسعة من سودان الخمسينيات والستينيات وحتى اوائل السبعينيات من القرن الماضي. «الصحافة» ألقت نظرة على ماضي القنبور، معناه ودلالاته ومصدر بروزه، ولمست اجماعا على أن للقنبور قدرة على درء الحسد والعين عن الصغير. واشتهر المجتمع السوداني بقوة تقاليده التي حافظ عليها طوال قرون، ولم تتغير كثيراً وانما يعدل ويغير فيها دون اضافة الكثير، ولأن افراد المجتمع يعيشون في بيئات قاسية من ناحية الحيوانات المفترسة وقوى الطبيعة الخارقة، وبعض من افراد المجتمع «الحسودين والناقمين» فإن المجتمع يخشى من الاعين المتربصة و«خلق الله» التي لا ترحم، ولأن الاطفال هم أكثر النعم التي يمنحها الله للأسر، فإن الجميع يخشى عليهم من نظرات الحسد، لجهة صحة اجسادهم الجيدة وتصرفاتهم البريئة وضحكاتهم المجلجلة، لذلك عمد الناس لحمايتهم من صغرهم بحلاقة شعر رأسهم على طريقة الصلعة، مع ترك خصلة شعر في مقدم الرأس درءاً لنظرات الحسد. يقول أحد العاملين بالقطاع الحكومي بولاية النيل الابيض «فضل حجب اسمه» إن أسرته كثيراً ما كانت تحلق له شعره «صلعة» مع ترك «قنبور» في مقدم رأسه، موضحاً أن جميع أطفال القرية كانت أسرهم تلحق لهم على طريقة «القنبور»، مشيراً الى أن القنبور كان مصدر تباهٍ وافتخار لهم. بينما يقول أستاذ الصادق الذي فضل ذكر اسمه الاول، إن «قنابيرهم» كانت في مقدمة رأسهم مبللة بزيت السمسم ابو ولد، مشيراً الى وصية امه له بالحفاظ عليه درءا للحسد وجلبا للحظ السعيد، مشيراً إلى أن «القنبور» يلازمه وضع التميمة في ساعده. ويذكر عبد الحميد جلال انه كثيراً ما يشاهد عربات عمال لقيط القطن وهم يمرون بالمدينة متجهين الى مشروع الجزيرة، مضيفا أن اطفالهم كانوا حليقي الرأس مع خصلات شعر متدلية في مقدم الرأس، وأبدى إعجابه بتلك الحلاقة، بيد انه استدرك قائلا: «سيضحك علي أبناء المدينة». وتوضح حاجة حواء ان حلاقة «القنبور» تقي الاطفال من امراض الرأس و«القوب» وتحميه من القمل، مضيفة أن شعرات «القنبور» تمنع عين الحسود من اصابة الاطفال، لجهة أن شر الحاسد يتجه إلى خصلات الشعر وليس جسد الطفل، وبكلمات تنم عن قوة اعتقادها تضيف قائلة: «يضحك البعض على حلاقة أولادنا» مشيرة إلى صحة اطفالها، وهذا يتمنونه لهم .