كشفت الحملة الإعلامية المسعورة على التيارات الإسلامية في مصر التي تصدرت المشهد السياسي إثر الانتخابات التشريعية لمجلسي الشعب والشورى، عن ضحالة الإيمان بقواعد اللعبة الديمقراطية والقبول بنتائج صناديق الاقتراع والاحترام للإرادة الشعبية لدى التيارات الليبرالية واليسارية والقومية التي سمت نفسها «القوى المدنية» ومع احتدام السباق للرئاسة، ورغم تعدد مرشحي التيار الإسلامي، حيث تقدم للمنافسة أربعة مرشحين أساسيين هم الشيخ/ حازم صلاح أبو إسماعيل ممثلاً للتيار السلفي والدكتور/ عبد المنعم أبو الفتوح المستقيل من جماعة الإخوان المسلمين والمرشح المستقل الدكتور/ محمد سليم العوا، وأخيراً المهندس/ خيرت الشاطر عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان. رغم هذا التعدد والتنوع عند الإسلاميين الذي يعبر عن ثقة كبيرة في السند الجماهيري للمرشحين بفتح أبواب التنافس الانتخابي الحر وعدم غلق انتخابات الرئاسة على مرشح إسلامي واحد، الأمر الذي يصب في مصلحة القوى العلمانية «المدنية»، إلا أن الحملات الإعلامية المنظمة الهادفة لاستئصال الإسلاميين تتوالى بتحالف غريب بين القوى «المدنية» والمجلس العسكري.. وبدا واضحاً أن شعار القوى العلمانية «المدنية» المنادية بسقوط حكم العسكر قد تبدل إلى المطالبة بسقوط الإخوان المسلمين قبل أن تتاح لهم فرص المشاركة في الحكم بحجة منع «تكويش» الإخوان على السلطة، وليتهم قبلوا الطرح الإخواني بالمرشح التوافقي بدلاً من التحالف مع فلول النظام السابق ومحاولة الدفع بنائب المخلوع رئيساً لمصر وإعادة صياغة حكم الطاغية بنظام «مبارك +». ومن الغريب أن تختفي نوازع النقاء العرقي عند بعض المصريين عندما يحكم العسكر، فيقبل المصريون أن يكون أول رئيس جمهورية لمصر بعد زوال ملك أسرة محمد علي «الألباني» سودانياً بالميلاد، حيث ولد الرئيس الراحل اللواء محمد نجيب بالخرطوم، وإن كانت زعامة محمد نجيب قد أنهت العهد الملكي وورثت اتحاد مصر والسودان تحت التاج «الخديوي».. فإن استقلال السودان لم يحرم الرئيس الراحل محمد أنور السادات من تولي الرئاسة خلفاً للزعيم جمال عبد الناصر، ولم تحل أمه السودانية «ست البرين» دون توليه الرئاسة، كما لم يشكك أحد في وطنية الرؤساء السابقين مثلما يحدث الآن من نبش أصول أمهات المرشحين والحظر عليهن في التمتع بازدواج الجنسية رغم أصولهن المصرية الخالصة !! وفي الوقت الذي يتولى فيه باراك حسين أوباما الكيني الأب رئاسة أكبر دولة في العالم، يمنع حازم أبو إسماعيل من خوض انتخابات الرئاسة في أعرق دولة في التاريخ بحجة أن والدته المصرية الأصل مزدوجة الجنسية!! ويبدو أن بعض ترزية القوانين وبقايا إعلام «الفلول» بقاهرة المعز يحاولون بمماحكاتهم هدم حضارة عمرها سبعة آلاف سنة، لتهاجر القيم الحضارية إلى الدنيا الجديدة «أمريكا» وتبقى أم الدنيا تحت تسلط من يجهل دور مصر وعظمتها وريادتها للأمم!!