اثار منبر «الصحافة » قضية شائكة وجذورها ضاربة في العاصمة القومية ،هي المخالفات التي تحيط بمدينة الخرطوم من كل النواحي ، والان بميلاد الجهاز التنفيذي لحماية الاراضي ورصد وازالة المخالفات وتدشينه لبداية عمله ، ثمة امال تلوح في الافق البعيد ، بان الخرطوم ستصبح عاصمة منظمة وخالية من المخالفات ، ذات وجه حضاري ، هذا ماوعد به الجسم الجديد في بدايه عمله الذي اعلن داخل «الصحافة » ، وتنتظره في شوارع الخرطوم مهمات صعبة ومعقدة ، وسيجد ما لايخطر ببال ، من الانقاض وملايين المخالفات داخل العاصمة وحولها ، وحتي يتحقق الشعار الذي رفعه الجهاز التنفيذي « غاية الوطن الجمال » فإنه يحتاج الي تجاوب وتفهم كبير من المواطنين ، مايدل علي انه لابد من حمله اعلامية تقلل في مسامهات المواطنين وتسكن اذهانهم ، تجنبا للاحتكاكات وسوء الفهم ، وحتي لايشعر المواطن انه مستهدف ، فهل سينجح جهاز حماية الاراضي في المهمه ؟ وهل تصبح الخرطوم خالية من المخالفات ؟ . وفي البداية كانت الكلمة للصحافة ، وتحدث رئيس تحريرها النور أحمد النور ، الذي قال ان وجه العاصمه تشوهه الكثير من المخالفات والانقاض والنفايات ، وونتيجه لذلك اختفي الوجه المدني لولاية الخرطوم بعد ان وفد اليها الكثير من السكان من ولايات السودان المختلفه بثقافاتهم الريفية ، وقال ان هذا النزوح الهائل الذي شهدته الخرطوم جاء نتيجه لازمات كانت في اطراف البلاد ابرزها حالة الجفاف و الحرب الاهليه التي نزح منها الجنوبين الي الشمال و وسكنوا في احياء اسمتها الدوله عشوائية ، وكانت هذه بداية فترة تردي الخدمات في الولاية ، ونزح الكل الي الخرطوم وارتفعت نسبة التعداد السكاني من مليون الف نسمة في العام 1988 م الي 11 الف نسمة في اخر تعداد سكاني تسعه مليون منها هم سكان الخرطوم ومليونين يدخلون الخرطوم صباحا ويخرجون منها مساء ، وباتت العاصمة لاحدود لها ، واضاف النور ان هناك خلل كبيرفي استخدام الخدمات وانعكس ذلك سلبا علي البيئة الحضريه في العاصمة ، وتشوهت بشكل كبير، لأن الناس استخدموا ثقافتهم بصورة غير قانونية ، ولاتنحصر المخالفات في الارضي فحسب بل هناك جزء كبير منها متعلق بالنفايات والصرف الصحي ومايسميه المعمارين بالشغب المعماري . ومضي في الحديث ليقول ان كل تلك الاسباب مجتمعة وضعت الخرطوم في مؤخرة القائمة ، فهي الان تصنف من بين العواصم القذرة ، ممايطلب جهد كل ولاية الخرطوم للخروج بها من هذا التردي المريع الذي تشهده ، ولكن جهاز حماية الاراضي يقع عليه العبء الاكبر بينما يلعب الاعلام دور كبير في هذا التحدي ، بجانب المعالجات الايجابية لهذه المخالفات والتعاون مع اللجان الشعبية والاهتمام بالدعم الشعبي مع عدد من اهل الفن والابداع والشخصيات العامه ، وفي ختام حديثه وعد بمشاركة « الصحافة » الجهاز التنفذي لحماية الاراضي ورصد المخالفات الهم الكبير في نشر الوعي وسط المواطنين . وكان اول المتحدثين في منبر الصحافة الدوري رئيس الجهاز التنفيذي لحماية الاراضي ورصد وازالة المخالفات ، عبد القادر همت ، والذي اعلن الشروع في انفاذ مهام الجهاز مطلع مايو المقبل ، بإزالة التعديات على الاراضي والشارع العام في المستقبل القريب ، وكشف عن رصد «135» الف مخالفة في «6» احياء فقط شرقي العاصمة،مشيرا الى عظم المسؤولية الملقاة على عاتق الجهاز والمواطنين والاعلام على حد سواء «في ولاية يبلغ عدد سكانها بالنهار011.5» مليون نسمة ، بينها محلية امبدة التي يفوق عدد سكانها وحدها مواطني اربع ولايات هي نهر النيل والشمالية والنيل الازرق والنيل الابيض». وقال همت في منبر« الصحافة» الدوري والذي ناقش قضايا السلوك الحضري ،ان امام الجهاز عملا كبيرا في اعادة العاصمة الخرطوم لوضعها الطبيعي امام العواصم الاخرى،مؤكدا ان الخرطوم حاليا في ذيل قائمة العواصم ،وشدد على ضرورة تكاتف الجهود الرسمية والشعبية لانتشال الولاية مما هي عليه الآن بترقية السلوك البشري، واعلن عن بدء الجهاز مهامه عبر ثلاث ادارات كبيرة هي حماية الاراضي والخدمات والتفتيش،مبينا ان ادارة حماية الاراضي ستعمل على تأمين الاراضي من الاعتداءات ،مشيرا الى ان هناك اعتداءات من مواطنين على اراضي «بمنتهى الانانية وحب النفس والاستهبال بدون شهادة بحث»،واضاف ان هناك آخرين اثروا «وادخلوا الملايين في جيوبهم عبر بيع اراضي لا يملكونها وبدون شهادات بحث»،مؤكدا ان الجهاز سيعمل على تصحيح هذه الاوضاع ،بجانب حماية المتبقي عبر تحديد «32» موقعا مقترحا في الولاية لمنع الاعتداء عليها عبر قوة عسكرية تتكون من «206» افراد، مع ترتيبات لزيادتها الى «600» عنصر، بجانب انشاء محاكم خاصة. وابدى همت استعداد الجهاز بالتنسيق مع مصلحة الاراضي على تقنين وتسجيل «السواقي والاراضي» لاصحابها،مؤكدا ان الجهاز سينتشر في كل المحليات ال«7». واشتكى همت من ان هناك فوضى وعدم انضباط في التعدي على الشوارع وقطع الاشجار،مؤكداً ان الجهاز من اولى مهامه ازالة الانقاض والتعديات على الشارع العام عبر الانذارات الشفهية اولا ومن ثم انفاذ قراراته عبر القانون، مع فرض غرامات على المخالفين،وكشف عن تخصيص ميدان عام خلف الطريق الدائري ببحري لتجميع الحاويات التي يرفض اصحابها ازالتها من امام البيوت والعقارات مع فرض غرامات. وشدد همت على ان الجهاز سيقوم بتطبيق قراراته عبر الحسنى واللطف في المعاملة «والاّ عبر القانون مع فرض غرامات» ،موضحا ان الجهاز اعد كوادر مدربة للتعامل مع المواطنين،لكنه رغم ذلك توقع وقوع صدامات ومواجهات،مطالبا الاعلام بتحمل مسؤولياته في تنوير المواطنين. واشار الى ان الادارة الثالثة وهي ادارة الخدمات ستعمل على مراقبة المحال التجارية في الشوارع الكبيرة والعمل على تنظيمها ومراقبة المخالفات فيها. وقبل ذلك قارن همت حال الخرطوم العاصمة خلال حقب مختلفة الي ان وصلت الي الوضع الحالي ، منذ عهد الانجليز والثورة المهدية ، وكيف تنقلت العاصمة تاريخيا من سنار الي ودمدني ومن ثم الي الخرطوم ، ومن بعد ذلك جاءت الحكومات الوطنية وتمددت الخرطوم ، من الاجهزة التي تم تكوينها بينها جهاز قلب الخرطوم وتحول الي هيئة تطوير سط الخرطوم ، وعندها الشوارع لم تكن كلها بهذا الطول وتقف في مناطق معينة ، وذكر منها شارع الجامعة ، الجمهورية ، السيد عبد الرحمن ، المك نمر ، البلدية وشارع الزبير باشا ، قبل ان يقول ان حالة الاكتظاظ التي شهدها وسط الخرطوم كانت ولاتزال لأن سوط الخرطوم به عدد كبير من مواقف المواصلات والبصات وسيارات يصل عددها الي 32 موقفا ، كانت وسط الخرطوم ، وقال ان هنالك ثماني خطط مرت بها ولاية الخرطوم كلها اوصت بنقل هذه المواقف . واضاف همت ان عدد المسطحات الخضراء زاد بشكل كبير ايام القمة العربية والافريقية وقامت مسطحات وحدائق لم تشهد الخرطوم مثلها من قبل ، وايضا استخدام الاشجار المثمرة في التظليل فكرة كانت في مكانها واصبح ذلك ديدن ولاية الخرطوم ، بجانب زراعة النخيل في الشواع الضيقة ، وقال همت هناك كثير من الاماكن كانت سيئة وبها ممارسات اسوأ تم تحويلها الي مسطحات خضراء وذكر منها علي سبيل المثال تحت الكباري والتي ظهرت بثوب جديد . وقال ان ولاية الخرطوم تقوم يوميا بترخيص 300 عربية جديدة ، في الوقت الذي اوصت فيه الدراسات الخطط بنقل مواقف المواصلات الي الجهة الغربية وعمل اربعة مواقف في الخرطوم ، لمواصلات ام درمانوالخرطوم وسيتم ذلك في القريب العاجل . وعن حماية الاراضي اوضح انه سيتم انذار اولا ومن ثم اتخاذ الاجراءات اللازمة اذا لم يستجب المواطن للانذار ، وقطع بعدم السماح بتحويل الاراضي الزراعية الي سكنية ، وحذر من الانبعاثات التي تشكل خطورة علي المواطنين وقال من المفترض ان تتحول كل محلات الغسيل الجاف من وسط الاحياء السكنية الي المنطقة الصناعية ، واضاف انه من المناطق الصناعية ان تكون من اكثر المناطق كثافة في التشجير . ممثل اللجنة الاعلامية ايمان محمد حسين ، قالت ان الشعب السوداني من اكثر الشعوب نظافة علي المستوي الشخصي والعام في الارياف والمدن، وانها تحترم جميع ثقافاته ، وبدت متفائلة وهي تتحدث عن تأثير هذه الحملة علي المواطنين ، واوضحت انها بدأت قبل شهر ونصف من الان وقد قامت ورش ضمت المجتمع الاعلامي بمدارسه المختلفة والفني والدرامي وتخصصات مختلفة ، واضافت ان الحملة الاعلامية لاشراك كل المؤسسات الخاصة والعامة وترقية السلوك الحضري ، وتوعية المواطن وليس معاقبته ، من خلال خطة ترمي ملامحها الي الانتشار ومراعاة الثقافة السودانية واعلاء لغة المشاركة مع المواطنين ، وبمشاركة عدد من المؤسسات منها وزارة الشباب والرياضة ، وزارة الصحة ، الاندية وائمة المساجد ، وانحازت ايمان الي شعب السوداني وقالت انه شعب نظيف جداً . واضفي نوع من الحيوية علي المنبر الصحفي الخبير في شئون التنمية الاستاذ بله علي عمر الذي ادار دفة الحوار في المنبر واثراه بمداخلته الحية والموضوعية ، وتخلل المنبر فقرات شعرية وغنائية تتعلق بالمخالفات وتناقش هذه القضية بعمق وكان هناك عدد من النجوم والمبدعين شاركوا في المنبر .