ما هي السعادة؟! فأجاب: إن السعادة قائمة، على مبدأ التقشف والتوازن، وقليل من الخبز، وقليل من الماء، وقليل من الأصدقاء. ٭ ونضيف - قياساً على ذلك - للفلاسفة اليونان: وقليل من الحب! ٭ اتصل بي صديق، من أولئك (الذين جبت معهم رياض المعرفة، ودنيا السياسة، ومغاني الإمتاع)، وبدا لي كئيباً (ليس كعهدنا به)، أحسست أن صوته ضعيف و(المورال) خافت، و(شعره الكثيف يتساقط شعرة شعرة، كعائلة أرستقراطية مهددة بالإفلاس)، كانت الكلمات تبدو من صوته، وكأنها نزلت عليه كما تنزل الصاعقة، أو تندك الأوتاد دكاً. قال لي :إنه لا ينوم الليل،ويسرح في (واحدة) ، غيرها كثير، يرسل لها الرسائل، ويغازل (موبايلها)، بالكلام (الدوغري) وبالmiss call وهي تبادله حباً بكراهية وإقبالاً بإدبار ولطفاً بقسوة وسماحة ب(بياخة) ٭ قلت له: يا صديقي، دعك من النساء، (حتى الرجال تعسرت صحبة الأماسي معهم)، كما ذهب إلى ذلك د. منصور خالد. (إن الناس قد مسخوا خنازير، فمن وجد كلباً فليتمسك به)، أو هكذا قال الطبراني، أو من نقلوا عنه. ٭ أخذ صديقي (نَفَساً)، حسبته عبر الهاتف زئيراً، ثم قال في نبرة خافتة: أعرفها جيداً ،وأعرف تفاصيلها ومع ذلك أحببتها ٭ قلت له: الحب ليس معنياً بالتفاصيل. ٭ قال: جميلة وذات وجه فاتن. ٭ قلت: (في الحب لا تكفي فتنة الوجه الجميل) ٭ قال: بدت لي (واقعية)، وكان في خيالي أن أقطع معها المشوار للنهاية. ٭ قلت: الواقع دائماً أكثر روائية من الخيال، أو كما قال ماركيز: (يجب أن يتفوق الخيال ليس على الواقع، وانما على خيالية الواقع). ٭ وفجأة، أحسست، أنه تماسك، وغالب وجعه، كأن كوباً من الثلج قد اندلق في جوفه في نهار قائظ. ٭ قال لي: عفواً، أرجو أن تغفر لي، فالحب... ٭ قلت: الحب لا يزال قيد التعريف، بالرغم مما نقل عن أريك سيجال في ترجمة ركيكة (الحب هو ألا يكون لنا أن نقول إننا آسفون)، وللأسف ليس للحب معاهد للتدريب أو (مدارس كادر). ٭ قال لي: ماذا عن هجليج؟ ٭ قلت له: لن نتركها للآخرين، وان تواضعت أحلامنا، نرسم خريطتها وفقاً لتضاريس حبنا، وعزمنا وصلابتنا و(كل شبر من الأوطان نغسله، بألف نهر لدى الجلى تسيل دماً).