أعلن الصوارمى خالد سعد الناطق الرسمى باسم الجيش سيطرة القوات المسلحة على كافة مسارح العمليات بما فيها النيل الأزرق، مؤكدا ان القوات السودانية قد بسطت سيطرتها على منطقة هجليج الغنية بالنفط ماعدا بعض الجيوب التى لا زالت تتعامل معها من الجيش الشعبى لدولة الجنوب ،واعدا بتحقيق نصر مؤزر وتدمير الآلة الحربية للقوات المعتدية ، وازالة المهددات الأمنية بالمنطقة . وكانت تصريحات سلفاكير رئيس دولة الجنوب الوليدة بمثابة صب الزيت على النار ، فقد استفزت وأغضبت أبناء السودان، وهو يعلن ان هجليج جزء من أرض الجنوب وان قواته استردتها من القوات السودانية ، ويعلن رفضه لكافة الدعوات المحلية والاقليمية والدولية بسحب قواته من منطقة هجليج ،بل تمادى مطالبا اجبار السودان على سحب قواته من ابيي مهددا بالهجوم عليها وعلى كافة المناطق موضوع النزاع، مشترطا على الأممالمتحدة مقابل سحب قواته نشر قوات محايدة في هجليج تظل بالمنطقة الى حين التوصل لتسوية بين الطرفين ، هذا التصريح الاستفزازى أثار حفيظة كل الشعب السودانى فهب أهالى القرى والفرقان والأحياء والمدن وفى كل مكان من بقاع السودان بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية لاسترداد الدار ورد الاعتبار ، تماما كما يطالب الجيش قائده باطلاق يده لرد الصاع صاعين ؟،وقد أعدت قبيلة المسيرية «7» آلاف فارس لرد الاعتبار، وطالب عبد الرحمن جبارة أحد القيادات الشابة بالمنطقة الحكومة اطلاق يد فرسان المسيرية للدفاع عن أرض أجدادهم ،ورد كرامة الانسان السودانى التى حاول سلفاكير النيل منها، ولا يستبعد الأمير مختار ان تقود هجليج لحرب شاملة بين الدولتين حيث يطالب منتسبون لقوات الدفاع الشعبى الدولة باطلاق يدهم ويقول جميعهم ان جوبا ليست ببعيدة مرددين «جاتك تارة يا سلفاكير أركز» ! . ولكن دعونا نطرح السؤال: لماذا الهجوم على هجليج أي ما هو الدافع؟ اتفق كثير من المراقبين ان الصراع على هجليج صراع أجندات محلية واقليمية ودولية تريد خنق السودان اقتصاديا ، وأخرى متعلقة بدولة الجنوب بسبب مطامع البترول ،ويقول العمدة حسن شايب الخبير فى شؤون الادارة الأهلية ل«الصحافة» ان للدينكا والنوير أطماع توسعية فى المنطقة ظهرت بظهور البترول فيها فى العام 1979 ،ويؤكد ان هجليج أرض سودانية 100% وهى أرض للمسيرية منذ 1765 وتعرف ب «مرافعين» ومفردها مرفعين وهو الذئب لكثرته بها ،الا ان سلفاكير وأعوانه يدعون بان هجليج أرض جنوبية وتعرف ب«فانطاو» ان كما ألجانا حجتهم للعام 1979 ،وقالوا انها كلمة مركبة من جزئين «فان» وتعنى بلدة و«طاو» وتعنى هجليج وتعنى اجمالا «بلدة اللالوب» ، وصفها شايب ب«الحجة الواهية» وقال انها لا تستند لدليل قوى ولا حجة ولا منطق وكل الشواهد على واقع الأرض والأعراف القبلية والوثائق التاريخية والأحكام الدولية كلها تؤكد ان هجليج أرض سودانية ،ويقول الناظر/ مختار بابو نمر أشهر نظار المسيرية ل«الصحافة» ان هجليج لم تكن فى يوم من الأيام جنوبية ولم يستقر فيها اطلاقا أحد من قبائل الجنوب ،وان محكمة لاهاى حكمت بانها أرض سودانية ، فيما كذب أحمد هارون والي جنوب كردفان بشدة ادعاءات حكومة الجنوب ملكية هجليج ،وقال انها أرض سودانية ولم تكن موضع نزاع اطلاقا بين السودان شماله وجنوبه فى اي مرحلة من مراحل التفاوض السابقة ،ولن تصبح مسار تفاوض بين حكومة السودان وحكومة الجنوب ،ولا يمكن ان تتبع لدولة الجنوب ،والا اذا اشرقت الشمس من الغرب !، بما يعنى استحالة التسليم بان هجليج جنوبية ،وزاد ان هجليج سودانية بل هى حقيقة ثابتة لا تقبل التأويل اوالجدل . الخبير شايب يدحض ادعاءات سلفاكير بالحجة والبرهان والوثائق ،ويقول شايب ان حمدان أبو هزلة أحد أعيان المسيرية اول من جاء الى منطقة «دينقا» وهى المجلد الحالية فى منتصف القرن الثامن عشر الميلادى متتبعا أثر ثور له حتى وجده بهذه المنطقة الغنية بالماء والكلأ وخالية من اي وجود للبشر ،فجاء بعشيرته وأتباعه عام 1765 واستقروا بها ،ثم انتشرت أبقارهم بالمراعى بالمنطقة جنوبا حتى كبرى أبو نفيسة «40» كيلو متر جنوب بحر العرب والذى سماه الانجليز فيما بعد باسمه حيث وجدوا ان لديه خلوة يدرس فيها القرآن ومعه الشيخ أبوقرون جد المسيرية الحمر ،وقد أقام الأخير خلاوى فى جنوب أبيى للعرب من المسيرية فى ذلك الوقت ،ويؤكد شايب ألا وجود للدينكا او اي من قبائل الجنوب فى المنطقة ، ويعرف شايب هجليج بانها «فاوة» من الطلح او رجل مائى من بحر العرب ، ويقول ان قبيلة المسيرية تتجول فى المنطقة «8» شهور فى العام لأكثر من مائة كيلو جنوبا فى مناطق المصايف فى حفائر «أم شبشاية ،الملم ، كواك ،مانسيك ، دليبة ، والمشلعة » ،ويؤكد شايب ان أقرب مناطق الدينكا للمسيرية هى «التوج» وهى عبارة عن مستنقع مياه راكدة لا تنبت فيها الأعشاب ولا يقطنها الدينكا وهى عبارة عن عازل طبيعى بين العرب والدينكا ،ويضيف شايب ان الشواهد التاريخية تؤكد ان عجيل جودة الله أحد أعيان المسيرية كان يقطن بانتيو وكان يعمل على معالجة القضايا المجتمعية عام 1960 التى تحدث بين بعض العرب والدينكا ، وهكذا يكذب شايب كافة افتراءات دولة الجنوب حول تبعية هجليج ويقول انها سودانية 100% . اذا لماذا تمارس أمريكا ومجلس الأمن مع السودان اسلوب سياسة الكيل بمكيالين؟ ،هل يستطيع اي منهما ان يبرئ حكومة الجنوب او يبرر دعمها السخى والمتواصل للحركة الشعبية الشمالية التى تقاتل فى جنوب كردفان وفى النيل الأزرق !،وهى تقدم خدماتها ودعمها الكامل فنيا ولوجستيا وماديا ومعنويا للفرقتين التاسعة والعاشرة للجيش الشعبى بالمنطقتين ،ودعم وايواء تحالف الجبهة الثورية والتى تنطلق بأعمالها العدائية من أراضى الجنوب لاسقاط النظام فى الخرطوم، والتى لا تحتاج لكبير عناء لاثباتها بل هى حقائق ثابتة يعلمها القاصى والدانى ويدفع ثمنها انسان جنوب كردفان ،فاتورة باهظة التكاليف لتنفيذ أجندات خارجية لا ناقة له فيها ولاجمل !، فالبيان الأمريكى جاء ينم عن انحياز واضح لصالح حكومة الجنوب ،فقد استنكرت وزارة الخارجية الأمريكية هجوم سلفاكيرعلى هجليج ووصفته بانه عمل يتجاوز حدود الدفاع عن النفس !، وطالب مجلس الأمن الدولي السودان بانهاء فوري وكامل وغير مشروط للمواجهات الدائرة بين السودان وجنوب السودان ، وقال انها تهدد بحرب شاملة وازهاق الارواح بصورة مأساوية وزيادة المعاناة وتدمير البنى التحتية وتدمير الاقتصاد ،وتهدد الامن والسلم الدوليين ،مشددا على ضرورة وقف الخرطوم للغارات الجوية وسحب جوبا لقواتها من حقل هجليج النفطي ،مهددا باتخاذ خطوات تصعيدية اذا لزم الامر، فلماذا اذا ازدواجية المعايير ؟ أليس من حق السودان وحسب المتعارف عليه دوليا مطاردة فلول التمرد التى حاولت النيل من أراضيه ؟ وأليس من حقه توجيه ضربات اجهاضية لاعاقة وتعطيل المهددات الأمنية التى تنطلق من داخل دولة الجنوب لتهديد أراضيه أيضا وكيف يستقيم عقلا ان ينكر سلفاكير دعمه للحركة الشعبية الشمالية «عقار ،الحلو، عرمان» ولحركات دارفور المتمردة، وكل الشواهد التى وقف عليها وفد اعلامي محلي واقليمي ودولي تؤكد تورط جوبا فى دعم التمرد فى المنطقتين سيما جنوب كردفان ،وكيف تنكر جوبا قتلاها ومعداتها وآلياتها ومدرعاتها ومتحركاتها وعتادها الحربى وشاراتها العسكرية وجنيهاتها التى تمولهم بها والكثير من الوثائق والمستندات التى تثبت وتؤكد دعمها لكافة الأعمال العدائية ضد الخرطوم ، فلا زالت دماء الأبرياء من أبناء السودان والجنوب تروى أرض هجليج وتلودى وأم دوال ومفلوح والأبيض وكادقلى وطروجى والبرام وام دحيليب ومرنج وغيرها ، وعن كل هذا العداء للسودان ؟ يقول أحمد هارون والي جنوب كردفان انه لأجندة خاصة بسلفاكير ومعاونيه من الذين لا زالت عقولهم لم تتحرر عن عقلية «رجل الغاب» وتتحول ل«رجل الدولة» ،هربا من التزاماتهم تجاه مواطنيهم تسعى من خلال عدائها للسودان لتوحيد جبهتها الداخلية المفككة باختلاق عداء وهمي مع الشمال لتعبئة واستنفار مواطنى الجنوب ،فضلا عن ان حكومة الجنوب نفسها وقد أصبحت بمثابة مخلب القط لتوجيه الصراع العالمى بين الصين وأمريكا بعد ان خسرت الثانية حقوقها فى النفط وقد تحولت المنافع النفطية لدولة الصين بجانب أجندات اسرائيلية واوربية وأخرى محلية واقليمية ودولية ، وهكذا يكون الاستنفار الحالي ليس لاعادة هجليج للوطن فحسب بل لرد الاعتبار ،ومن حق السودان بسط سيادته على أراضيه والدفاع عنها ومن حق قواته ان ترد الصاع صاعين كما ونوعا.