اقام قسم الدراسات الافريقية والاسيوية بمعهد الدراسات الافريقية والاسيوية بجامعة الخرطوم امس محاضرة بعنوان «منهجية البحث في دراسة الحركات الاسلامية، الحركة الاسلامية السودانية نموذجا» قدمها الاستاذ بجامعة ملبورن في استراليا، الدكتور محمد فيصل احمد اوشيك الذي نال درجة الدكتوراة في ذات الموضوع المقدم. وافتتح الندوة رئيس قسم الدراسات الافريقية والاسيوية، الدكتور حامد عثمان احمد، مقدما اوشيك للحضور معتبرا دراسته من الدراسات المهمة والنوعية في المضمار. وابتدر الدكتور محمد فيصل احمد اوشيك حديثه بوضع ملخص عام لما حوته دراسته، من منهجية البحث واهميته والاختلاف في طريقة التناول لقضايا الحركة الاسلامية بوجه عام والحركة الاسلامية السودانية على وجه الخصوص التي هي محور دراسته مركزا على الخلفية الاجتماعية والسياق الذي نشأت وتطورت فيه. وقال اوشيك ان اهمية الموضوع تتمثل في تناول الجانب الاجتماعي داخل الحركات الاسلامية، والتركيز على المنهجية، مضيفا الى انها تتناول النخبة السياسية بصورة عامة في السودان، ومن ضمنها الحركة الاسلامية، محددا ان الدراسة تشمل الفترة ما بين عامي 1989 و2004، واضاف المحاضر في جامعة ملبورن الاسترالية ان دراسة الحركات الاسلامية من المواضيع المهمة، لافتا الى انها بدأت في الظهور بكثافة في العام 1969، مشيرا الى انها حاولت القاء الضوء على الحركات الاسلامية الموجودة خاصة «الاخوان المسلمون» بمصر، غير انه يستدرك ان معظم تلك الدراسات كانت تاريخية ولم تكن هنالك دراسات من منظور سياسي اقتصادي اجتماعي، وقال ان المنهجية العلمية تتطلب طرح اسئلة بصورة دقيقة وحقيقية، معرجا على اشكالية الدراسة «لماذا ندرس الخلفيات الاجتماعية»؟، ويجيب لاعطائك مؤشرات، وقال انه تعامل مع عينة غرضية من مائة فرد من الاسلاميين موزعين على النطاق الديموغرافي والاقليمي، معتبرا ان ميزتها كونها دعمت بادوات بحث تؤدي لجمع المعلومات. وقال مقدم المحاضرة ان دراسته تكونت من عدة فصول، حيث كان الفصل الاول متعلقا بمشكلة البحث، والثاني كيفية التعامل مع الدراسات السابقة، اما الفصل الثالث فكان حول علاقة تكوين الحركة الاسلامية من منظور تاريخي ومنظور بنائي. ولفت اوشيك الى ان دراسته توصلت الى ان التعليم كان متغيرا اساسيا في تركيبة الحركة الاسلامية السودانية، وتحدث عن انه من الخصائص الاجتماعية المفهوم الطبقي والملكية المنتجة كخلفية اجتماعية، معتبرا ان التعليم الممتاز في ظل تعدد ثقافي في اطار ايدلوجي كان عاملا اساسيا في صعود الحركة الاسلامية حسبما توصلت الدراسة، مضيفا ان دراسته كانت مؤشرا لتركيبة النخبة، متعرضا لمفهوم النخبة، قائلا انها تطلق على مجموعة لديها قوة سياسية، مؤكدا انها ساهمت مساهمة فكرية في تغيير المجتمع. وقال اوشيك ان نتائج بحثه تمثلت في: ان هنالك مستوى تعليم عال بين اعضاء النخبة، وتباين في التركيبة الاجتماعية، اتوا من جذور ومناطق متباينة، اثر «الشلة» والزمالة في استقطاب اعضاء للحركة الاسلامية، مستوى التجنيد الفكري واتباعه الجانب السري مستفيدا من بعض الاحزاب العقدية السودانية، «الحزب الشيوعي» الجانب الاقتصادي وكان متغيرا اساسيا لامتلاك ادوات التمكين الاقتصادي، المستوى السياسي العالي لاعضاء الحركة الاسلامية، حيث كانت هنالك تجارب سياسية لبعض اعضائها ساهمت في ما سماه التجانس الفكري. وقال اوشيك ان اجتهادات لبعض اعضاء الحركة الاسلامية ساهمت في بناء الحركة الاسلامية، ومن ثم اصبحت سمات تنظيمية. وعد اوشيك دور الاسرة له بالغ الاثر في الحركة الاسلامية، حيث قال انها تتمتع بخصائص لا تتوفر بالخارج وتوجد خصوصية سودانية نتيجة للترابط والتسامح المجتمعي بصفة اساسية. وعلق على الخلفيات الاجتماعية التي اتى منها اعضاء الحركة الاسلامية، حيث انه قال ان معظمهم اتى من بيوتات دينية، معتبرا انهم تشبعوا بالثقافة الغربية بما حازوه من درجات علمية هنالك واكتسابهم للغات اجنبية، ما مكنهم من بناء مشروعهم. وميز الباحث الحركة الاسلامية السودانية عن رصيفاتها في المنطقة العربية والاسلامية، باعتبار ان لها خصوصيتها لجهة سودنتها وخصوصية المجتمع ذاته لذا كانت ذات خاصية سودانية بامتياز. واثار ما طرحه الدكتور اوشيك جدلا كثيفا بقاعة المحاضرة امس بين المشاركين والمحاضر حول عملية المنبت الاجتماعي والخلفية وطريقة التجنيد الفكري للحركة الاسلامية السودانية، والتعدد والتباين في المناطق التي اتى منها اعضاؤها، وهل يعيش الاسلاميون حياة طبيعية مثلهم كالسودانيين الاخرين، ليسرد البعض تجارب ذهبت في اتجاهات مختلفة، بين من قال انهم طبيعيون، واخر نحى باتجاه وجود اختلافات، بالرغم من وجود اكثر من تيار سياسي في البيت السوداني الواحد. ولم يخل الحديث من خروج بعض اعضاء الحركة الاسلامية من بيوتات تدين بالولاء للطائفتين الانصار والختمية وكونها في نهاية المطاف حركة حداثية اوجدتها ظروف موضوعية، وتداخل المشاركون من اساتذة جامعة الخرطوم وطلبة الدراسات العليا بالجامعة ذاتها، وبعض المهتمين والحضور، مع مقدم المحاضرة الدكتور محمد فيصل احمد اوشيك، باسئلة بدت صعبة للغاية كونها من متخصصين واكاديميين، حيث سئل هل ما اذا كان اطلع على دراسة الدكتور عبد الوهاب الافندي عن الحركة الاسلامية، حيث اجاب اوشيك بانه اطلع عليها، غير انه قال بطغيان الجانب السياسي عليها، واخذها من جانب السلطة والقوة لاشتغال الاول بالعلوم السياسية، واشار الى ان اي دراسة بنهاية الامر تمتلك خصوصيتها، لافتا الى الاختلاف في التناول وتركيزه هو على الجانب الاجتماعي، فيما كان سؤال اخر حول ان كانت هنالك عقبات في كون الشخص اسلامي، وهل ما اذا كانت الدراسة طرحت سؤال الاثر ومنهجية الدراسة؟. ليلفت اوشيك من جهته الى ان دراساته وافية وشاملة، بيد انه تقيد بالزمن الممنوح له من مدير الجلسة ورئيس قسم الدراسات الافريقية والاسيوية، الدكتور حامد عثمان احمد ومقداره نصف ساعة لتقديم المحاضرة «وهذا ما اضطرني لعرض ملخص حول الدراسة بحسبه». اما في ما يتعلق بالعقبات فيقول في هذا الصدد، ان دراسته تميزت بانها ميدانية ومقابلته لاعضاء مؤثرين بالحركة الاسلامية كالشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، والدكتور حسن عبد الله الترابي. واجاب عن سؤال ما هو الفرق بين الحركة الاسلامية السودانية والاحزاب الاسلامية الاخرى «حزبي الامة والاتحادي»، بقوله ان الفرق يكمن في ان الحركة الاسلامية تمتعت بالتنظيم في ما عانى الحزبان المذكوران من عملية الولاء، معتبرا انه في حالة الحركة الاسلامية توجد مرونة اكبر، وان اكثر من 86% من منتسيبها متعلمون تعليما رفيعا، بينما تواصل سيل الاسئلة وكان السؤال للاستاذ بجامعة ملبورن الاسترالية، هل كان البحث من الداخل ام من الخارج، وهل عشت التجربة ليرد قائلا: ان موضوع الحركة الاسلامية موضوع كبير، مضيفا ان فكرة الحركة الاسلامية تتمحور حول شمولية الاسلام في شتى نواحي الحياة باعتبارها منهجا، وليست متعلقة بالعبادات لانها عملية خاصة بين العبد وربه.