دفع فشل الحكومة في اقامة مشروعات التنمية بالمناطق الريفية الى هجر الريف نحو المدن الكبرى خاصة العاصمة التي حظيت بتركيز كافة الخدمات واسباب التوظيف ونتج عن ذلك التوجه ان تضاعف عدد المستعمرات العشوائية الفقيرة حول العاصمة والتي يعتمد سكانها على امتهان الاعمال الهامشية، وتعمل النسوة في بيع الشاي والعصيدة ويقوم الاطفال ببيع المياه الباردة بينما يمتهن الشباب من الخريجين بيع الرصيد والفكة وذلك في مواقف المواصلات وحول الجامعات وحول شارع النيل بالعاصمة . وبرغم ان المسئولين الحكوميين يدرون ان الاعمال الهامشية باتت الوجهة الحقيقية لآلاف الايدي العاملة في وقت عجزت فيه الحكومة عن القيام بما يخفف ملامح القضية الاجتماعية المتأزم الا انها ظلت تلاحق هذه الشرائح عبر ما عرف بالكشات وذلك بدعوى انها تشوه وجه العاصمة وتشكل مظهرا سالبا للمدينة ما دفع بها الى تذيل المدن العربية من ناحية الموجهات الحضرية . (الصحافة) تلقت عددا من شكاوي المواطنين يطالبون فيها بوقف حملات المطاردة لحين توفير فرص العمل. يقول مزمل ابوالقاسم - الذي يعتمد على بيع الرصيد لإعالة اسرته برغم ان سنه لا تتجاوز الثالثة عشرة - انه من اسرة فقيرة ترك المدرسة حتى يساهم في زيادة دخل اسرته ،واضاف مزمل ان اكبر مهدد يسد الطريق امام توفير لقمة العيش هي عربة الكشة التي تشكل له واقرانه الآخرين اكبر هاجس ولا تطمئن نفوسهم الا برؤية عربة الكشة وقد غادرت السوق ويتكرر مجيئ عربة الكشة يوميا ما يجعلهم في حالة من الضغط النفسي بضع ساعات في اليوم. وكشف مزمل الذي يعمل بالقرب من مباني جامعة الخرطوم ان عليه دفع عائد ايام عندما تقع كرتونته في ايدي منسوبي المحلية . من جانبه ذهب عبدالله النور وهو صبي في الرابعة عشرة من عمره الى انه يضطر لاستغلال فترة الاجازة في تقديم ما ينفع الاسرة بزيادة دخلها عبر العمل في بيع الرصيد وذلك خلال فترة الاجازة خاصة ان عليه دفع رسم المدرسة . الحاجة شموم الماحي تعمل بائعة للمأكولات الشعبية قالت للصحافة انها استطاعت عبر بيع الكسرة ان تفي بكافة استلزامات اسرتها المكونة من ستة اطفال الذين يلتحقون بالمدارس كما تفي بمتطلبات ايجار المنزل غير انها تخشى على اسرتها من الكشات المتواصلة التي تقوم بها السلطات المحلية والتي تتم خلالها مصادرة كل احتياجات العمل. وترى الحاجة شموم ان التنظيم وتفعيل القانون مطلوب ولكن على السلطات ان تدرك بان الذي يدفع امرأة واماً في مثل سنها للعمل في السوق هو الحالة الاقتصادية والاجتماعية وان العمل هو السبيل الوحيد لصون كرامة الاسرة وعليه فالمطلوب المعالجة قبل المحاكمة مشيرة انها وآلاف النسوة امثالها يقبلن بتوصيات اية دراسات اجتماعية وبحثية بشأن بائعات الشاي والطعام . ويقول صديق خالد الحاج وهو خريج ويعمل في بيع العملة الفكة بالاستاد انه مضطر جدا للعمل حتى يساهم بالقليل في مصروفات الاسرة خاصة بعد ان فشلت كل محاولاته في الحصول على وظيفة ثابتة. ويرى صديق بان العمل الوحيد المتاح هو ان يعمل طلبة في البناء والتشييد غير ان العائد غير مجز اضافة الى طبيعة العمل الشاق للطلبة، ماضيا للقول ان تجربة ابن عمه الخريج في بيع الفكة قد دفعته الى امتهانها وبات يحصل على عائد مجز غير ان الكشات المتواصلة باتت تهددهم، وطالب صديق سلطات الولاية بالعمل الفوري على ايقاف اعمال الكشة وذلك الى حين توفير فرص العمل.