كثيرة هى المواقف المحتدمة بين الخرطوم والمنظومة الدولية خاصة الاممالمتحدة ومجلس الامن الدولى، ودوما ما تأتى التعقيدات بشأن بعض القرارات التى تأتى فى الغالب وفقا لمراقبين ظالمة للسودان . قبل اعوام مضت ثار جدل كثيف بين الخرطوم ومجلس الامن بشأن القوات الدولية التى كان من المقرر لها ان تأتى لدارفور الا ان الخلاف الذى حدث بشأنها قاد فى نهاية الامر الى دخول قوات هجين متعددة الجنسيات تسمى (اليونميد) في اول سابقة من نوعها في العالم، هذا الى جانب الكثير من القرارات التى صدرت بحق السودان واحدثت جدلا ساعد على خلق قاعدة مناهضة لها. اخيرا بشأن ازمة جنوب كردفان الماثلة فى هجليج التى دخلتها قوات الجيش الشعبى لجنوب السودان وبعد ان تمكنت القوات المسلحة من استعادتها وما صاحبها من تطورات قدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار بشأن الأحداث الجارية بين السودان وجنوب السودان من شأنه أن يؤدي إلى فرض عقوبات على الجانبين.وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس إن مجلس الأمن سيبدأ مناقشة مسودة القرار، لافتة إلى أن المحادثات بين الأعضاء ستستغرق بضعة أيام قبل تقديمه إلى الاقتراع.كما أوضحت أن النص يهدف إلى «دعم قرارات الاتحاد الإفريقي سريعاً وبحزم في وقف النزاع بين الطرفين فى وقت اعلنت فيه وزارة الخارجية رفضها التام لهذا الاتجاه الرامى لاحالة الملف لمجلس الامن الدولى باعتبار ان ذلك تحوير صريح ومنحى لطمس دور الاتحاد الافريقى، وقد سبق للحكومة ان تمسكت بوساطة ثامبو امبيكى حينما فكرت دولة الجنوب فى توسيط اروبا لانجاح مسارات التفاوض بينها وبين السودان فى اديس وقال السودان امس الاول انه يرفض تدخل مجلس الامن الدولى فى خلافاته مع دوله الجنوب مفضلا فى الوقت ذاته الدور الافريقى على الدولى الامر الذى اعتبره مراقبون تحديا جديدا قد يدخل البلاد فى مواجهة مباشرة مع مجلس الامن الدولى، خاصة فى ظل اصرار على ضرورة نشر قوات دولية فى جنوب كردفان عبر الشريط الحدودى مع دولة الجنوب منعا لاية صدامات قد تحدث .تأتى هذه التطورات فى قت ينظر فيه المجتمع الدولى الى ما يحدث من تطورات بين الجانب السودانى والجنوب سودانى باعتباره مقدمات لحرب جديدة اشارت حكومة الخرطوم الى ضلوع جهات اجنبية فى اتونها، وتكشف ذلك فى العملية التى نفذتها باعتقالها لاربعة اجانب فى منطقة هجليج كما قالت. على كل، رفضت حكومة الخرطوم القرار الرامى الى تحويل الراهن السياسيى والعسكرى بينها وبين دولة الجنوب الى مجلس الامن الدولى، فى وقت اكد فيه وزير الخارجية على احمد كرتى ان تدخل مجلس الامن من شأنه ان يؤدى الى تغليب الاعتبارات السياسية المعلنة والمواقف المسبقة ذات الغرض من التسويات السلمية العادلة وبما ان الحكومة هنا اعلنت تمسكها بدور الاتحاد الافريقى فى تهدئة الصراع بينها وبين دولة الجنوب، الا ان الاتحاد الافريقى نفسه دعا الثلاثاء الماضى مجلس الامن الى ضرورة التدخل بشأن الازمة لضمان وقف العدائيات بين السودان وجنوبه على ان يعود التفاوض بين الجانبين خلال ثلاثة اشهر ورفض الخرطوم لتدخل مجلس الامن فيما يحدث من تطورات على ارض الواقع بينها وبين جوبا ينظر اليه مراقبون من واقع انه اتجاه لتعميق هوة الخلاف بين الضفتين، وربما قاد الى مآلات من شأنها ان تقود السودان للكثير من التعقيدات والخطوة ربما كانت فى مصلحة جوبا التى تبدو هى الاخرى اكثر حرصا من الخرطوم على حدوث هذه الخطوة باعتبار انها طريق قد يحقق لها الكثير من النجاحات التى فى الغالب وفقا لمراقبين تأتى فى اطار الموازنات . وتمسك السودان بالدور الافريقى يعنى ان هنالك حالة تخوف وغياب للثقة بينه وبين مجلس الامن والذى ربما جاءت تدخلاته لصالح الجنوب لا الشمال . استاذ العلوم السياسية عصام عبد الرازق يشير الى ان رفض السودان لهذا القرار ان لم يكن مبنيا على موقف ثابت لا يجدى، فى وقت اشار فيه الى ان مجلس الامن يحاول ان يلتقط قفاز حل الازمة خاصة فى ظل حرص امريكى على فعل ذلك سيما وان امريكا مقبلة على انتخابات تتطلب حدوث تحولات كثيرة فيما يتعلق باستقرار السودان ولو لفترة مؤقته، روشتة تعتمد عليها الادارة الامريكية فى المرحلة المقبلة ويرى ان امريكا بإمكانها ان تضغط على مجلس الامن بالتدخل الفورى فى الشأن السودانى لصالح عمليات حسابية خاصة بها ووفقا لذلك يرى عبد الرازق في حديثه ل الصحافة عبر الهاتف امس ان رفض السودان فى هذه الحالة لايجدى . وحتى الاتحاد الافريقى من وجهة نظره يعمل جاهدا على ارضاء امريكا وهذا ما اكده الخبير الامنى حسن بيومى فى حديث سابق له مع الصحافة اشار فيه الى ان الافارقة غير حريصين على استقرار السودان وان الوسيط الافريقى ثامبو امبيكى الذى تتمسك الحكومة السودانية به لا يعمل الا لصالح نفسه واخرين، لذلك من غير المتوقع وفقا لعبد الرازق ان يعمل الاتحاد الافريقى على تفكيك هذه القاعدة . الخبير القانونى نبيل اديب اشار الى ان رفض الحكومة لنقل الملف لمجلس الامن غير مجدٍ، وقال للصحافة عبر الهاتف امس (ان هذه الحكومة حيرتنا) وما على كيفها .مشيرا الى ان مجلس الامن هو المسؤول المباشر عن السلم والامن الدولى وبالتالى وفقا لنص المادة (23) من ميثاق الاممالمتحدة يحق له التدخل وقد يلجأ لاستخدام القوة لتنفيذ قرارته وفقا لحديث اديب ان تمنعت الخرطوم بقبول قرار التدخل .و ان كان للخرطوم موقف يدعو الى ضرورة التواجد الافريقى على حساب الدولى الا ان اديب اشار الى ان رفضها لا يجدى وقد يحولها الى موقع الاتهام المباشر من واقع انها دولة معتدية بدلا من معتدى عليها . وربما لجأ مجلس الامن الدولى بحسب اديب لاستخدام بند الفصل السابع من ميثاق الاممالمتحدة بشأن الصراع بين السودان وجنوبه، ولمجلس الامن الحق فى استخدام السلطة لتنفيذ تدخلاته وفقا لما اكده اديب الذى اشار الى ان قرار الرفض لا يخدم الخرطوم وبإمكانه ان يقودها الى تطورات سالبة كثيرة تأتى بتعقيدات اكثر سخونة من الاوضاع الراهنة . على أية حال، سيظل هذا الملف موضوعا على طاولة الاستفهامات بشأن ما يمكن ان يحدث من تطورات حال ان تتمسك الخرطوم بموقفها .وهل يتدخل مجلس الامن بالقوة بموجب الفصل السابع كما هو مقترح في مشروع القرار الذي سيوضع على طاولته؟. ام ان ما تقوم به الخرطوم ماهو الا مناورة لتحقيق بعض التنازلات حتى تصل الى ما تريد في علاقتها مع جوبا؟.