تم امس الاول إيقاف مدير عام مستشفى الخرطوم د. الهادي بخيت على خلفية التحقيقات التي تجريها وزارة الصحة بخصوص التجاوزات التي ارتكبت خلال الفترة الماضية وهي فترة تغطي المدة الزمنية التي تولي فيها منصب المدير العام للمستشفى د. عبدالله عبدالكريم ثم اعقبه د. الهادي وكلاً تم تعيينه بواسطة الوزارة سواء في عهد الوكيل السابق د. كمال عبدالقادر او الوكيل الحالي الصادق الوكيل ، اذن لجنة الوزير مامون حميدة أنهت أعمالها وتريد وفق التحليل المنطقي لعدد من القرارات ان ترسل رسائل مفادها ان إصلاحات ما تتم في الصحة من بينها ايقاف مدير مستشفى الخرطوم ويبدو ان من بينها أيضاً القرار الخاص بإعادة تأهيل مستشفى أم بدة. وبحسب المعلومات التي رشحت من خلف الكواليس فإن د. بخيت لا ناقة له ولا جمل في ما جري وما يجري باعتبار انه تسلم مهام منصبه ليجد ان المستشفى الجنوبي الخاص - وهو الموضوع الرئيس في مسألة التجاوزات - يعمل وفق عقد مبرم سلفاً وليس بمقدوره تجميد العقد وان المديونية المستحقة على الشركة التي كانت تدير المستشفى تمت تسويتها عبر تفاهمات بين المدير السابق. ولكن السؤال هو كيف تمت تسوية الامور من قبل المدير السابق اثناء تولي د. بخيت لمهامه كمدير؟ انه سؤال جوهري باعتبار ان ما رشح يفيد بأنه طلب من المدير السابق المجئ الى الخرطوم لإكمال ما يعتقد انه وقع في فترة سابقة بيد ان المنطق يقول لماذا لم يشرك المدير الجديد رؤساء الاقسام معه في الهم الاداري؟. ان وزارة الصحة تمر هذه الايام بفترات حرجة ليس أدناها شغل المجالس والرأي العام بقضية التجاوزات دون الالتفات الى معالجة الاوضاع الراهنة المزرية لعدد من المستشفيات ومن مظاهر التلهي عن القضايا الجوهرية هو حكاية إعادة تأهيل مستشفى لم يتجاوز تشييده العقد الواحد من الزمان فكيف يتصور الرأي العام ان شركة ما بنت مستشفى بكلفة مليارات الجنيهات من ميزانية وزارة الصحة ثم تقوم الوزارة بعد سنوات قلائل بإعادة تأهيل المستشفى الجديد !!! كم هو عمر مستشفى الخرطوم ومستشفى بحري وام درمان وغيرها من المستشفيات؟ لماذا لم نسمع بمشروع يسمى إعادة تأهيل مستشفى مر عليه قرن من الزمان؟ انها امور تفسر بانها إنصرافية في وقت يدور فيه الحديث عن تجاوزات كبيرة وخطيرة تستهدف نهب المال العام والتواطؤ مع آخرين على نهبه والتآمر لإفراغ المستشفيات من الخدمات الاساسية لصالح المستشفيات والمستوصفات الخاصة والتلاعب في الدواء ليصبح باسعار خرافية..كل هذا التردي يلزمه عمل ثوري كبير فهل يعتقد البعض من اصحاب الملفات الشائكة انهم مؤهلون لقيادته؟. ان تقرير لجنة التحقيق اوضح العديد من الجوانب السالبة في العمل الصحي وأبان الثغرات التي يلج عبرها الفساد ولذلك يتوجب على الوزارة ان توضح ثم ماذا بعد هل لديها ادنى فكرة عن كيفية معالجة هذا التردي المريع في كافة الخدمات؟ ان اوضاع العديد من عنابر المرضى والتنويم هي اوضاع مأساوية ونقص الاجهزة التشخيصية والمعدات يعتبر جريمة يتهم اصحابها بانهم يتعمدون توسيع الهوة بين المستشفيات الحكومية والمستشفيات الخاصة، كما ان تعقيد الامور على الاطباء والخبرات النادرة والكوادر الصحية وتعكير بيئة العمل عليهم هي مؤامرة لإفراغ المستشفيات الحكومية من الكوادر الجيدة وهي خطوة متقدمة باتجاه تدمير الخدمات الصحية في السودان بحيث تهاجر خبراتنا الوطنية بسبب قبح بيئة العمل او تجد نفسها مضطرة لخيانة شرف المهنة بالتفرغ لعلاج المرضى الميسورين في المستوصفات الخاصة فقط.