كما يقول المثل السيار « تمخض الجبل فولد فاراً » انتظر الناس تقرير لجنة التحقيق التي كونها وزير الصحة بروفيسر مأمون حميدة فجاء تقريرها خاليا من اي جديد وهو تقرير سبق وان ناقش الرأي العام جوانبه قبل ان يؤدي الوزير حميدة القسم بسنوات ، لقد كتبنا في وقت سابق عن المستشفى الجنوبي الخاص وكانت ادارة مستشفى الخرطوم تشرف علي تفاصيل سريان بنود العقد المبرم بينها بواسطة مكتب المستشار القانوني للمستشفى وبين شركة باجعفر اخوان للانشطة المتعددة والذي تم التوقيع عليه بواسطة د. عبدالله عبدالكريم المدير العام لمستشفى الخرطوم وقتها ، وكانت بنود العقد واضحة جداً حيث التزم الطرف الاول بتوفير الامداد المائي للمستشفى في الجزئية المتعلقة بالتزامات الطرف الاول المتمثل في ادارة المستشفى . كما التزم الطرف الاول ايضاً بتوفير خدمات الصرف الصحي من المستشفى الام الي الجناح الجنوبي الخاص ، فاذا كان الامر كذلك وتم لاحقاً تسوية ايجار المستشفى الجنوبي الخاص بحيث اخلت الشركة المتعاقدة طرفها كلياً من كافة الالتزامات المالية وعملت مخالصة نهائية مع مدير عام مستشفى الخرطوم سابقاً د. الهادي بخيت اذا كانت الامور قد جرت علي هذا النحو فلماذا تريد لجنة الوزير حميدة احداث ضجة في غير محلها وتوهم معركة في غير معترك ؟ انه سؤال جوهري لاننا كمراقبين نعلم ان بعض لجان التحقيق ولجان تقصي الحقائق توجه بحسب الارشادات لتتحصل في نهاية المطاف علي كوم ادانات ضد طرف من الاطراف فيما يفلت لصوص المال العام بالجمل وما حمل . كنا نريد من وزارة الصحة ان تكون لجنة تحقيق متكاملة تدرس وتراجع اسباب تردي الخدمات الصحية واسباب تردي بيئة العمل في مستشفيات ولاية الخرطوم وما اذا كانت هنالك عدة عوامل ساهمت في لخبطة الخدمات الصحية واولها تضارب المصالح الخاصة بين المستشفيات الحكومية وحماتها وبين المستشفيات والمستوصفات الخاصة وملاكها ، هذا هو بيت القصيد لان القاعدة الذهبية تقول « ما افتقر فقير الا بما اغتني به غني » وحينما تري توفر الدواء والكوادر الطبية في المستشفيات الحكومية وانخفاض تكاليف العلاج مقارنة بغلاء فواتير العلاج بالمستشفيات الخاصة ستدرك تماماً ان هذا الوضع لن يستمر طويلاً ولابد من حدوث شئ يقلب الموازين بحيث تؤول المسائل والارباح الي الطرف الاقوي والاخبث . ان التحدي الكبير الذي يواجه الخدمات الطبية اليوم هو الاستراتيجية المفترض تطبيقها من اجل تطوير هذه الخدمات فاذا كانت استراتيجيات الحكومة تسير باتجاه هدم العمل الصحي الحكومي بايدي وبعقول اصحاب المصلحة فان السودان لن يحقق تقدماً مذكوراً في المجال الصحي وسيعود الناس مضطرين الي العلاج بالخارج بعد تلوث بيئة العمل والخدمة وبالتالي النتائج ، نريد مؤتمراً طبياً جامعاً لمناقشة التردي في قطاع الصحة ونريد من وزارة الصحة قبل كل شئ تكوين لجنة تقييم تجوب كافة المستشفيات التعليمية لتجميع المعلومات بدقة عن الكوادر الطبية والمعدات والاجهزة الطبية واوضاعها كما نريد الوقوف علي نوعية الاجهزة التشخيصية المتوفرة هل هي بحجم الموجود في المستوصفات الخاصة ؟ هل يوجد معمل لتزريع الدم في اي مستشفى حكومي ؟ هل هنالك تشخيص متكامل وارشفة للحالات الصحية وربط كمبيوتري عبر الشبكات بكافة الادارات ؟. مجمل القول ان تقرير لجنة حميدة لم يأت بجديد واحتوي علي مغالطات مما ورد علي لسان الاطراف الوارد ذكرها في التقرير والتي ابانت عبر الصحف ووضحت رأيها بما يصادم ما جاء في التقرير فهل نتوقع المزيد من ضبط الآداء بوزارة الصحة ام اننا سنظل ندور في حلقة مفرغة كلما جاء وزير ادار معاركه الصغيرة ومضي ثم جاء آخر وهكذا دواليك فيما تقف الخدمات الصحية علي الاطلال .