غريب أمر هذه الهرجلة والخرمجة و«السواطة» التي سادت الانتخابات وأفسدتها منذ يومها الأول وأطلقت عليها قيادات المفوضية وقيادات حزب المؤتمر الوطني «بالتزامن» وقع اللسان على اللسان، «أخطاء فنية»، وتعهد قياديو الحزب قبل قيادات المفوضية بمعالجتها بأعجل ما تيسر، فتصوّر، ولكن الأغرب من ذلك أن الشجرة التي قالت عنها زرقاء اليمامة السودانية محذرة قومها منذ أيام السجل والتسجيل إني أرى شجراً يسير، هذه الشجرة التي إتخذها الحزب الحاكم رمزاً له لم يمسسها أي سوء من سوءات ما سُمّى بالاخطاء الفنية، فرغم أن عدداً من المرشحين من ذوي الحظوظ الكبيرة في حلبة التنافس الانتخابي قد سقطت أسماءهم من السجل، إلا أن لا أحد من زمرة مرشحي الشجرة قد سقط إسمه، ولا واحد ب «الغلط» من مرشحي المؤتمر الوطني قد سقط إسمه، هذه واحدة من«الاخطاء الفنية» التي قضت على بعض المرشحين بالضربة الفنية القاضية فيما نجا منها مرشحي الحزب الحاكم كافة وعلى أي مستوى إنتخابي، دعونا نعتبرها من «كرامات» هذا الحزب التي عصمت أسماء مرشحيه من السقوط، ثم خذوا عندكم الثانية، وهي المفاجأة الصاعقة التي أذهلت بعض المرشحين الذين انفقوا مالهم ووقتهم وجهدهم طوال أيام الحملة الانتخابية التي ناهزت الشهرين وهم يدعون لأنفسهم وبرامجهم تحت شعار معين حتى آخر ليلة، فاذا بهم صبيحة يوم الانتخابات يصعقوا بأن صار لهم شعار آخر، وهذه أيضاً من «الاخطاء الفنية» التي لم تقع على أي واحد من مرشحي شعار الشجرة التي ظل أصلها ثابت وفرعها في السماء لا تتبدل ولا تتغير حتى ولو إلى شجيرة سيال أو دقن الباشا، ولا شعار واحد من شعارات الشجرة في بطاقات الاقتراع الثمانية وللمستويات الانتخابية التنفيذية والتشريعية قد تبدل لأي واحد من مرشحي المؤتمر الوطني، وهذه أيضاً دعونا نعدها من «خوارق» هذا الحزب «الخارق» الذي لا تأتيه «الاخطاء الفنية» من بين يديه ولا من خلفه ولو أصابت المرشحين جميعاً، وأما الثالثة، والثالثة ثابتة كما يقولون هي أن هذه الشجرة ظلت رغم كل «الجوطة» والربكة و«الزيطة والزمبليطة» التي ضربت بقية المرشحين وشعاراتهم، ظلت ثابتة وراسخة لا تتزحزح، عزيزة في نفسها ومعتزة بمرشحيها، لا تتخالط مع الشعارات الاخرى ولا تذهب لغير أصحابها من المرشحين، فهي ليست مثل الشعارات الأخرى التي تخالطت، ومرشحيها ليسوا كبقية المرشحين الذين تطابقت شعاراتهم فأصبح لمرشحين مختلفين شعار واحد أو بالأحرى تقاطعت، شعار ذاك صار شعار هذا وبالعكس، وهذه الثالثة لم نجد لها مبرر بعد أن استنفدنا باب الكرامات والخوارق، فدعونا نقول عنها ما إعتاد الناس قوله في مثل هذه الحالات، «الثالثة ثابتة»... ولأن شجرة المؤتمر الوطني عند أهلها هي شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار كما لا يستطيع أحد أن يمسها في أي شأن إنتخابي حتى لو كان هذا الاحد هو مولانا أبل ألير رئيس مفوضية الانتخابات، فإن أحداً لم يجرؤ على إعتراض السيدة وداد بابكر حرم الرئيس الحالي والقادم وإعادتها أدراجها ومنعها من الاقتراب حتى من حرم مركز التصويت إلا بعد أن تغير ثوبها أبو شجرة المعروف في أوساط النساء الساخرات ب «البشير فاز» الذي يغلب الظن أنها إرتدته قاصدة به ممارسة الدعاية حتى آخر رمق انتخابي رغم مخالفة ذلك لابسط الاعراف والقوانين الانتخابية المرعية، ولهذا ولقدسية الشجرة مقرونة بقداسة حرم الرئيس فقد ظهرت السيدة الفضلى وداد لحظة إدلائها بصوتها وهي في كامل زينتها ب «الثوب أبو شجرة»، وشجرة وشجرة تساوي شجرتين وزايد شجرة بتعمل غابة، فهل كان باستطاعة أحد من مدعي الحياد والنزاهة من منسوبي المفوضية أن يجرؤ على مجرد «قولة بغم» دعك من أن يعمل «غاغة» حول هذا الخرق البائن.. الاجابة أوضح من شجرة وحيدة في صحراء مقفرة.