للإنجليز مثل يفيض علماً وينضح حكمة هو عصارة الفكر الإنسانى فى مسيرته الطويلة نحو الكمال و تحقيق الجودة والتميز ، منطوق المثل يقول : (there is always a better way to do things ) وترجمته (هنالك دائما طريقة افضل لعمل الاشياء ) كنت دائما اتأمل هذه الحكمة واتعجب كيف يغفل عنها الكثيرون ولا يستحضرونها وهم يسلكون طرائق وسبل مختلفة لتحقيق اهدافهم ، عقار والحلو و عرمان دعاة السودان الجديد فى الشمال وبعد صدمة اختيار الجنوبيين للانفصال وتبخر احلام السودان الجديد وتحول السودان الى اغلبية مسلمة ذات ثقافة اسلامية غالبة تجيز له بمنطق الديمقراطية الغربية نفسها إختيار نظام حكم يلبى آمال وتطلعات الاغلبية المسلمة فى شمال السودان ويبتعد بالسودان عن العلمانية كما قال رئيس الجمهورية فى خطابه الشهير بالقضارف الاحد 19/12/2011، وهذا ما يصعب تحقيق نظرية السودان الجديد ، اصبح امام قطاع الشمال فى الحركة الشعبية عدد محدود من الخيارات لتحقيق اهدافه منها المضى قدما فى العمل السياسى وتطوير التنسيق مع المعارضة ومجموعة تحالف جوبا مع تحويل التحالف من تحالف تكتيكى يحمل فى داخله بذرة فنائه الى تحالف استراتيجى محصن من عوامل الفناء ،وهنالك خيار اعادة بناء وتشكيل قطاع الشمال ليصبح حزباً سياسياً مكتملاً الاركان ذو قاعدة جماهيرية عريضة وبناء تنظيمى متماسك يتيح له قيادة المعارضة وإسقاط الحكومة القائمة وإستبدالها بأخرى عن طريق الوسائل الديمقراطية ، لكن بكل اسف قطاع الشمال لم يقرأ الحكمة الانجليزية ويستلهمها و يهتدى بها عند تحديد خياراته او قل لم يعرها كبير إهتمام وهويختار اخشن الخيارات لإحداث التغييرالمنشود ، فقد اختاروا التمرد وحمل السلاح لإحداث تغيير راديكالى يفرض نظرية السودان الجديد الوجه الآخر للعلمانية وهذا ما قاله عبد العزيز الحلو فى بيان تمرده الذى نشر يوم 9 يونيو2011 ، قال عبد العزيز : نحن نرفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام لتحقيق التغير الجذرى فى المركز؟، ثم اردف قائلا : المشكلة ليست مشكلة وظائف اومشكلة ذات طبيعة يمكن معالجتها على مستوى ولاية جنوب كردفان إنما نتاج للسياسات التى تُصنع فى الخرطوم وتُولد الحروب الاهلية والتفرقة وعدم الاستقرار 0ويمضى عبد العزيز ليدعو للعصيان المدنى والاضرابات والتظاهرات لاسقاط الحكومة ، إذا ما تم فى كادقلى هو ساعة صفر لانتفاضة كان عبد العزيز يحلم ان تنتظم البلاد كلها وتؤدى لاسقاط النظام فالدمار للبنية التحتية والتقتيل الذى تم للابرياء والتشريد الذى حدث للضعفاء والاطفال والنساء والترويع الذى اصاب مواطن جنوب كردفان هو كله ثمن لتحقيق مشروع السودان الجديد. انه خيار خشن لم يراعِ الحكمة الانجليزية : (هنالك دائما طريقة افضل لعمل الاشياء ) ، بنى عبد العزيز وحلفاؤه من الحركة الشعبية قطاع الشمال آمالهم على إرث الحركة من المقاتلين المدربين ذوى الخبرة التى اخفقت الترتيبات الامنية احد حزم اتفاقية السلام الشامل فى الاجابة على السؤال الملح المتعلق بمصيرهم ومستقبلهم ، بنى قطاع الشمال خياره الخشن لتغيير النظام كذلك على المعسكرات وميادين التدريب المتاحة فى الجنوب والتسهيلات اللوجستية و شبكة العلاقات التنظيمية مع الحزب الحاكم فى الجنوب والعلاقات الشخصية المتشابكة مع قيادة الجنوب والارث القديم من العلاقات الخارجية مع الجهات ذات المصلحة فى زوال الحكم الاسلامى فى الشمال وإستبداله بنظام علمانى، لكن الذى نسى التمرد حسابه هو ان الدعم المباشر من الجنوب سيحولهم فى نظر السودانيين من ثوار الى مرتزقة لا يملكون قرارهم ومرهونون الى اجندة غيرهم اما الإحتماء بالجهات الخارجية الاخرى وخاصة الغربية فسيحول الحرب من ثورة ضد الظلم الى صراع حضاري سيكون كل سودانى مستعدا ان يشارك فيه وما حدث بعد احتلال هجليج من مناصرة للقوات المسلحة وإلتفاف حولها دليل على صدق ما نقول. لا يزال الحلو وبعد مضى أحد عشر شهراً على تمرده يصر على نفس موقفه من اختيار الخيار الخشن كنا من المناديين بالتفاوض وحل المشاكل عن طريق الحوار لكن الحلو يرفض ذلك ويتبنى الخيار الخشن وهذا ما قاله لصحيفة قلوبال بوست الامريكية الثلاثاء الماضى 8/5/2011، ففى اجابته للصحفى Tristan McConnell حول امكانية التفاوض مع الحكومة قال الحلو : We dont need any agreement with Khartoum because they dont honor agreements, the history of Khartoum in that is known. Our experience since independence [in 1956] is that Khartoum doesnt honor or implement any agreement. وبالتأكيد موقف الحكومة من اتفاقية السلام الشامل التى ادت الى انفصال الجنوب يكذب ما قاله الحلو الحلو يدعى ان جنوب كردفان تعيش حالة صراع عرقى وغير المسلمين ليست لهم حقوق لكن واقع الحال يكذب ذلك سأل الصحفى الامريكى الحلوقائلا What do you see as the root cause of the conflict in the Nuba Mountains? فاجاب الحلو : It is about diversity: Khartoum doesnt want to recognize the diversity in the country. They are going for a monolithic type of state based on only two parameters, that is Arabism and Islam. There is no place for anybody who is not a Muslim, who is not an Arab. This is why the center is attacking its own civilians and this is what led the South to secede [on 9th July 2011]. If people are not careful I think Sudan will break up. Somebody like me, I am a Muslim but I am not an Arab. They say I must accept, I must put on a jellaba and turban and dance the way Bashir is doing! دققوا النظر فى اجابات الحلو ولاحظوا كيف يسعى الى تضليل الرأى الامريكى وايهامه بأن الحرب التى تدور فى جنوب كردفان هى حرب عنصرية ضد النوبة وذلك لاستدرار عطفهم ويمضى الحلو ليحرض المجتمع الدولى حاشدا كثيرا من الاضاليل والاكاذيب هو من سعى الى تمزيق النسيج الإجتماعى فى جنوب كردفان ودمر الاحلاف بين قبائل المنطقة نحن ندعو الحكومة ان تهتم بإنهاء الحرب فى جنوب كردفان باسرع ما يمكن حتى لا تتمزق الولاية بفعل النعرات العرقية التى تثيرها الحركة الشعبية، ونذكر الحكومة ان هنالك طرق افضل لانهاء الحرب غير التدمير ، لماذا لا نطلق حملة لتجريد التمرد فى فى جنوب كردفان من القوة البشرية ؟ لماذ لا يطلق السيد الرئيس او والى جنوب كردفان نداء لجميع المقاتلين لتسليم انفسهم واسلحتهم مقابل العفو عنهم وتأمين حياة كريمة لهم ولاسرهم ؟لماذا لا تكون هنالك مبادرة عمل سياسى قوى لتصحيح المفاهيم الخاطئة التى بثتها الحركة الشعبية مصالحة شاملة تبدأ مع المعارضة غير المسلحة وتنتهى بالجميع انها دعوتنا وموقفنا البحث عن خيارات معقولة وغير خشنة لمعالجة الموقف .