توقع مراقبون ان تشهد المرحلة المقبلة حالة شد وجذب بين الحكومة و المجتمع الدولي، على خلفية عدم الوصول الي تفاهمات حول التحفظات الجوهرية التي قالت بها حكومة السودان ودعت مجلس الامن الدولي لوضعها في الاعتبار، فضلا لافتقاد الخرطوم لحائط صلب تستند عليه وهى تعمل على تخفيف الضغوط التي يشكلها على البلاد قرار مجلس الامن الدولي رقم «2046». والشاهد ان الحكومة السودانية رغم ترحيبها بالحوار كمبدأ للوصول لاي حلول مع دولة جنوب السودان، فانها لازالت تتمسك باشتراطاتها لاستئنافه. فبالامس شدد مندوب السودان الدائم لدى المنظمة الدولية على تمسك السودان بالبدء بالملف الامني في المفاوضات ، وقال السفير دفع الله الحاج ،في تصريحات للصحفيين» من الصعب وغير المقبول الخوض في عملية المفاوضات حول اي موضوع من التي تضمنها قرار مجلس الامن مع دولة الجنوب في ظل دعمها للتمرد في جنوب كردفان والنيل الازرق». وكل ذلك يجري تزامنا مع ايداع ممثل الامين العام للامم المتحدة في السودان وجنوب السودان هايلي منكريوس تقريرا بشأن اوضاع السودان وجنوب السودان على منضدة مجلس الامن الدولي في ساعات متأخرة من ليلة امس. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول طبيعة المرحلة القادمة، بخاصة وان تلك المرحلة لن تحدد فقط مستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب، وانما قد تشكل داخليا ملامح مختلفة لاوضاع منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق. وربما لهذا تذهب مواقف كلا من الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الى رفض العودة الى طاولة المفاوضات دون حسم الملفات الامنية، وهذا ما جدد التأكيد عليه بالامس الناطق باسم الحزب الحاكم الدكتور بدر الدين أحمد ابراهيم، فقد اشار ابراهيم في حديثه الى « الصحافة» بان المؤتمر الوطني والحكومة لا يزالان على اشتراطاتهما بان يكون الملف الامني مدخلا للعملية التفاوضية، لان ذلك البداية الصحيحة للحوار في ظل وجود فرقتين عسكريتين لدولة الجنوب تحتلان اراضي سودانية في جنوب كردفان والنيل الازرق، واعتبر الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني مبادرة الجنوب بضم مناطق حفرة النحاس «كفيا كنجي» وكفن دبي وأبيي وهجليج لخارطة الجنوب، تطورا جديدا في القضية بعد صدور القرار، مما يستدعي اعادة النظر في كل المسائل برمتها، واضاف « نحن اعلنا انفتاحنا على التفاوض لكن تلك التصرفات تنم عن غير ذلك من قبل جوبا»، وطالب بدرالدين الاممالمتحدة بان تظهر دورا واضحا في القضايا العالقة بين الدولتين، بخاصة فيما يلي علاقة الحركة قطاع الشمال بالجنوب. وكشف بدر الدين ان الحكومة سحبت مندوبها الدائم في الاممالمتحدة السفير دفع الله الحاج يوسف بغرض اجراء ترتيبات خاصة لمواجهة قصور وخلل ورد في بعض بنود القرار « 4026». ورغم كل تلك التحفظات التي ابداها بدرالدين، فان الناطق الرسمي للمؤتمر الوطني بدر الدين أحمد ابراهيم عاد واكد على ان وفد الخرطوم المفاوض جاهز متي ما طلب منه التحرك، مشيرا الى ان الحكومة لم تتلق دعوة حتى الان من اللجنة رفيعة المستوى في الاتحاد الافريقي للذهاب الى اديس ابابا. بينما يقول الاستاذ استاذ القانون الدولي والعلوم السياسية في جامعة سوربول بفرنسا ادم أحمد الصافي ل«الصحافة» ان القرار الذي اصدره مجلس الامن فى بداية شهر مايو الجاري قرار ملزم لدولتي شمال وجنوب السودان بوقف العدائيات و العودة الى طاولة المفاوضات لحسم القضايا العالقة بينهما، مشيرا الى ان الخرطوم ملزمة بالدخول في العملية التفاوضية بدون قيد او شرط مع الحركة الشعبية في الشمال، وفق اتفاق اعلان المبادئ الذي توصلت اليه لجنة حكماء افريقيا برئاسة ثامبو امبيكي ووقع عليه ممثل حكومة السودان نافع علي نافع ومالك عقار اير رئيس الحركة الشعبية شمال السودان، وقال استاذ القانون الدولي ان الزامية القرار كلية وليست جزئية ، كما وان كلتا الدولتين السودانيتين اعلنتا قبولهما للقرار. واوضح الصافي ان التصريحات الرافضة للقرار ستلقي بظلال على الدبلوماسية السودانية وقد تضعف الموقف الدولي المدافع عن السودان وعلاقاته الدولية وتعطي انطباعات بان السودان يريد ان يستمر التوتر، بين الخرطوموجوبا، وانه لن يدخل فى محادثات مع جنوب السودان بشأن النفط أو التجارة أو المواطنة ، قبل حل الخلاف القائم حول قضايا الأمن. مشيرا الي ان اجواء الاتهامات المتبادلة بين البلدين وغيرها من التصرفات العدائية ستكون من ضمن موضع التقرير الذي يقدمه مسؤول الاممالمتحدة اليوم وان هذا التقرير لن يخرج عن ابراز الاحتقان بين الدولتين وتوضيح ايهما اكثر التزاما بالقرار. ومع شروق شمس اليوم تنتهي المهلة المحددة في قرار مجلس الامن 2046 لاستئناف التفاوض بين السودان وجنوب السودان فهل تنطلق المفاوضات في موعدها المحدد أو قريبا منه أم ان الاشتراطات المتبادلة الموضوعة من قبل طرفي التفاوض ستوقف قطار التفاوض الى حين؟.