عادت طائرة أمبيكى تحلق من جديد فى سماء دولتي السودان لبحث الحلول المفقودة فى القضايا العالقة، الا انها هذه المرة كأنها بدأت من الصفر وهى تحاول اقناع الطرفين بالعودة الى طاولة المفاوضات اولاً ، وفى السابق كانت تقدم الحلول والمقترحات لتقريب وجهات النظر، فى ظل علاقات هشة بين السودان ودولة جنوب السودان تتصاعد بين العداء والصفاء، والمفاوضات والحرب، والتقدم فى طريق الحلول ومن ثم نسف ماتم التوصل على طريقة «السلم والثعبان» فما ان تصعد الدولتان بسلالم التوافق نحو الحوار حتى يضربهما ثعبان الخلافات فيعودان الى مربع الصفر والتحرك فى دائرة مفرغة دون الوصول الى حلول حقيقية تنهى النزاع بين البلدين. وقبل العودة الى طاولة المفاوضات ومحاولات اقناع الطرفين بالجلوس الى بعضهما واستئناف المباحثات من قبل الوساطة الأفريقية تلبد الجو بالغيوم بفعل تصريحات متبادلة من قبل الجانبين أتت بالتزامن مع جولات رئيس الآلية الأفريقية ثابو امبيكى لكل من الخرطوموجوبا، وآخر هذه التصريحات مطالبات كبير مفاوضي دولة جنوب السودان باقان اموم من الاممالمتحدة بفرض عقوبات عاجلة على السودان لعدم التزامه بقرار مجلس الامن الداعي لانهاء الاقتتال واستئناف المفاوضات بين الخرطوموجوبا بشأن النفط والنزاعات الحدودية على حسب قوله، وأشار باقان، الى عدم التزام الخرطوم بالقرار الصادر في الثاني من مايو الجاري والذي أمهل البلدين اسبوعين لاستئناف المحادثات بشأن خلافاتهما والتي احتدمت وتحولت الى اشتباكات على الحدود الشهر الماضي، وعلى غير العادة انتقدت حكومة جنوب السودان كلا من الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي لعدم تعاملهما بحزم مع السودان، ووصفت موقفهما بالمتخاذل عن اتخاذ اجراء حيال الهجمات السودانية المتكررة على اراضيها حسب قولها، واكدت ان عدم سحب السودان لجنوده من أبيي رغم انسحاب قواتهم منها يعد انتهاكا واضحاً يجب ان يرد عليه مجلس الامن بعقوبات رادعة. ولكن كبير مفاوضى دولة جنوب السودان عاد واشار الى ان بلاده مستعدة لابرام «اتفاق تجاري عادل» مع الخرطوم بشأن رسوم مرور صادرات النفط بضمانات دولية لمثل هذا الاتفاق، بحيث يصبح الضامن هو مجلس الأمن الدولى بالاضافة الى الأطراف المعنية المستثمرة فى نفط البلدين « الصين والهند وماليزيا». الا ان الحكومة السودانية على لسان المتحدث الرسمى بوزارة الخارجية العبيد مروح تأسفت على تصريحات كبير مفاوضى حكومة جنوب السودان باقان اموم ومطالب حكومته من مجلس الأمن فرض عقوبات على السودان، ووصفتها بالمؤسفة ولا تساعد فى تهيئة اجواء مناسبة لعودة المفاوضات بين البلدين. وقال المروح ل «الصحافة» ان مثل هذه التصريحات من قبل حكومة الجنوب قبل العودة الى طاولة المفاوضات تعقد الأمور أكثر مما هى عليه ولاتساعد فى التوصل الى حلول، واضاف انه من الافضل للطرفين جعل المفاوضات فى مقدمة الأولويات وتهيئة الأجواء قبل استئناف الحوار، وعلى ذات الطريقة المتبعة فى تبادل الاتهامات جدد الناطق الرسمى باسم الخارجية اتهامات الخرطوم لحكومة جنوب السودان بانتهاك قرارات مجلس الأمن بمواصلة اعتدائها على الأراضى السودانية، واستهجن المروح مطالبات جوبا بفرض عقوبات على السودان وقال ان مجلس الامن والاتحاد الافريقي لديهما آليات للمراقبة وهما من سيحدد الجانب الذي ينتهك القرارات ليس حكومة الجنوب كما تدعى. الا ان المحلل السياسى الدكتور صفوت فانوس يفسر موقف حكومة الجنوب ومطالبتها على لسان كبير مفاوضيها باقان اموم من مجلس الأمن بفرض عقوبات على السودان بالمزايدات السياسية من أجل رفع سقف المطالب، وقال فانوس ل «الصحافة» ان الخطوة التى قامت بها حكومة دولة جنوب السودان لاتخرج من باب المزايدات السياسية من اجل رفع سقف المفاوضات باعتبار ان حكومة الخرطوم تمارس ذات النهج، خاصة وان اى من الطرفين يحاول ان يبرز اقصى ماعنده من مواقف متشددة على أساس الدخول فيما يسمى بسياسة التنازلات حتى يدعى كل طرف انه قدم عددا من التنازلات لتبييض وجهه امام المجتمع الدولى لعكس حرصه على السلام، واضاف فانوس الا ان كل واحد من الطرفين يقف على موقف تفاوضى ثابت ولن يتراجع عن موقفة الأصلى، وأشار الى انه فى هذا الأطار اصدرت دولة جنوب السودان خارطتها الجديدة التى تضم منطقتى هجليج وأبيى لرفع سقف المفاوضات، وقال فانوس انه على الحكومة ان تمارس ذات اللعبة فى ردها على تصريحات باقان اموم ومطالبته لمجلس الأمن بفرض عقوبات على السودان وان تصرح انها لن تدخل فى مفاوضات بشأن قضية النفط وكيفية تصديره ومروره عبر الأراضى السودانية الا بعد حسم الملفات الأمنية وبشرط انسحاب الفرقتين «التاسعة والعاشرة» من الجيش الشعبى من حدود 1956، وأشار فانوس الى تصريحات مطرف صديق الأخيرة والتى قال خلالها ان المجتمع الدولى والاقليمى أصابه الملل من «الجرجرة» والمماطلة المتبعة من قبل الطرفين، وقال ان المجتمع الدولى لن يصبر كثيراً على استمرار العلاقات بين البلدين بهذه الطريقة. ونوه فانوس الى تبعات قرار مجلس الأمن «2064» وقال انه حاسم لقطع الطريق امام استهلاك الوقت خاصه وانه أعطى مواعيد زمنية محدده للاتفاق على الملفات العالقة بين السودان ودولة جنوب السودان، واضاف اذا لم يتوصل الطرفان الى اتفاق فى المواعيد المحددة يصبح من حق مجلس الأمن ان يفرض عقوبات رادعة على الطرف الذى يخل بالاتفاق بناءً على توصية من الاتحاد الأفريقى، وقال فانوس ان رسالة قرار مجلس الأمن الدولى «2064»واضحة وان مفادها للطرفين «من الأفضل لكما التوصل الى اتفاق فى جميع القضايا العالقة ووضع حد للنزاعات والتوترات فى الفترة المحددة والا سنضطر الى فرض الحلول من جانبنا»، وقال فانوس انه على حكومة السودان ودولة جنوب السودان دراسة قرار مجلس الأمن الدولى جيداً ومن ثم العودة الى التفاوض بروح جديدة من اجل الوصول الى حلول ناجعة للقضايا العالقة تجنباً لمواجهة المجتمع الدولى خاصة وان دولتي السودان تواجهان ظروف اقتصادية صعبة.