وجه الأستاذ الطيب مصطفى قبل فترة نداءً في صحيفته «الإنتباهة» خص به الأخ الأستاذ حميدة وكيل الوزارة بشأن إعلان ترتيب المدارس الثانوية في امتحان الشهادة، واقترح الأستاذ الطيب أن يعدل مجلس الامتحانات قراره الخاص بعدم إعلان ترتيب المدارس الثانوية حسب أداء طلابها في امتحان الشهادة الثانوية، إلا إنني رأيت أن ذلك شأن عام وتربوي يستحق أن أدلي فيه بدلوي، خاصة أنني قد اشتركت في اتخاذ القرار حين كنت عضواً في مجلس امتحانات السودان. ولا شك عندي أن دوافع الأخ الطيب نبيلة وهادفة، ولكن اتخاذ القرار قد بني أيضاً على أسس تربوية. وأهم تلك الأسس أن تميز أداء الطلاب في امتحان الشهادة لا يعكس بالضرورة تميُّز المدرسة، إذ أن الذي يعكس جهود المدرسة لتميز طلابها هو مدى التقدم الذي يحرزه الطلاب في مستويات التحصيل في امتحانات الشهادة الثانوية مقارناً بمستوياتهم في مستوى شهادة مرحلة الأساس، فإن المدرسة التي يأتي ترتيبها متقدماً، لا يعني بالضرورة أنها قد بذلت جهوداً أعظم من مدرسة أخرى يأتي ترتيبها أدنى من ترتيب تلك المدرسة. وأضرب بذلك مثلاً: فإذا التحق تلاميذ متفوقون بمدرسة ما فمن الطبيعي أن يحرزوا نتائج أفضل في امتحانات الشهادة الثانوية. وربما يلتحق طلاب أقل تفوقاً في مدرسة أخرى ويبذل أساتذتها جهوداً أكبر فيحدث تقدم ملحوظ في تحصيلهم في شهادة الثانوية، وعليه تكون المدرسة التى تستحق الترتيب المتقدم، هي التى حصل تقدم ملحوظ في تحصيل مستويات طلابها في المرحلة الثانوية. وأذكر أن دراسة قد أجريت في معهد التربية بخت الرضا على مدرستين تابعتين للمعهد: هما مدرسة النيل الأبيض ومدرسة الدويم شمال المتوسطتان، وكان المفهوم أن مدرسة النيل الأبيض هي الأكثر تميزاً. وعندما أجريت الدراسة وحللت النتائج إحصائياً، وذلك بمقارنة تحصيل الطلاب عند التحاقهم بالمدرستين بتحصيلهم في امتحانات الشهادة المتوسطة، تبين أن المدرسة المتقدمة في الترتيب هي الدويم شمال، على الرغم من أن تلاميذ النيل الأبيض قد أحرزوا نتائج أفضل في امتحان الشهادة المتوسطة في عام إجراء الدراسة. والأساس الثاني الذي روعي في عدم إعلان ترتيب المدارس في امتحان الشهادة الثانوية، هو أن العديد من المدراس أصبحت تسعى لاهثة لإحراز التحصيل الأفضل على حساب جوانب تربوية مهمة. وذلك بالتركيز فقط على المواد الممتحنة وإغفال الأنشطة والمواد الأخري التى يؤمل أن تبنى شخصية الطالب. لذلك كله وغيره أرى ألا يعلن ترتيب المدارس في امتحان الشهادة لأنه مضلل في عكس الأداء الفعلي لمستويات المدرسة. وواضح أن المغريات التى تقدمها المدارس لاستقطاب المتفوقين من الطلاب يصب في نفس الاتجاه، وهو إحراز مراكز متقدمة في الترتيب، مما يكسب المدرسة سمعةً تنعكس على الإقبال عليها. وهذا ينعكس أيضاً على العائد المادي للمدرسة. وأرجو أن يستمسك مجلس امتحانات السودان بقراره الخاص بعدم إعلان ترتيب المدارس في نتيجة الشهادة الثانوية. والله أسأله التوفيق للطيب من القول والعمل. ٭ كلية التربية جامعة إفريقيا العالمية.