شاهدت على جهاز الموبايل صورًا وفيلمًا إباحيًا قال لي من أثق به ثقة عمياء إنه وجده في ذاكرة سقطت من طلاب في المرحلة الثانوية رآهم ملتفّين حول ذلك الفيلم على جهاز الموبايل وقد اضطربوا عندما رأوه يقترب منهم وسقطت الذاكرة التي حدّثني عنها وشاهدت جزءاً من محتوياتها. إنني أدق ناقوس الخطر فقد والله صُدمت مما شاهدتُ وكنتُ أعلم أن ذلك أمرٌ تُشنُّ الحرب عليه من خلال حجب المواقع الإباحية الذي تقوم به الهيئة القومية للاتصالات منذ أن كنتُ على رأسها قبل نحو سبع سنوات ومن خلال قانون النظام العام الذي يشنُّ بنو علمان الحرب عليه في إطار معركتهم لتدمير أخلاق هذه البلاد ولستُ ملمّاً بما يجري الآن في أمر حجب المواقع الإباحية والحرب على مقاهي الإنترنت المتفلتة. إن الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود ولا يقتصر على الهيئة القومية للاتصالات ولا شركات الاتصالات ولا قانون النظام العام ولا الشرطة وإنما يحتاج الأمر إلى آلية مركزية تدير هذا الشأن بحيث تتولّى التحقق من اضطلاع كل جهة بدورها في سبيل كبح هذا الخطر الداهم الذي يتهدَّدنا ولن أنسى دور وزارة التربية ووزارة التعليم العالي ذلك أن الجامعات قد تكون هي المستهدَف الأول من حملة تدمير الأخلاق التي تتولى جهات كثيرة عملية تنظيمها والترويج لها. عزيزي حمّيدة في وقت مضى كانت وزارة التربية والتعليم تعلن عن أسماء المدارس العشرين الأولى في امتحان الشهادة الثانوية السودانية مع الإعلان عن الطلاب المائة الأوائل وذلك لتحفيز المدارس وتشجيعها للتنافس في المراكز الأولى وكذلك لإشعال المنافسة بين الطلاب للحصول على المجد والتفوق وتسنم قائمة الشرف. في غفلة من الزمان أو بالأحرى في لحظة غياب للمنطق تقرر أن يُكتفى بإعلان أسماء الطلاب الأوائل وتجاهل الإعلان عن المدارس المتفوقة الأمر الذي أدى إلى تضليل كبير وخلط شنيع فبدلاً من أن نشجع المدارس لكي تجدّ وتكدّ وتجتهد حتى تنال التكريم ضيّقنا واسعًا وقدّمنا المهم على الأهم الذي يسهم بحق في تطوير ودفع العملية التعليمية والتربوية إلى الأمام. الإعلان عن الطلاب المتفوقين وإغفال المدارس المتفوقة تسبَّب في ممارسة عجيبة حيث جعل المدارس الثانوية الخاصة تحديداً تتبارى في إغراء الطلاب الذين يحرزون نتائج متميِّزة في الدخول للمرحلة الثانوية بالقبول المجاني مع تقديم مغريات أخرى مثل السيارات لمن يتفوقون في امتحان الشهادة من طلابها وذلك حتى يُحرزوا نتائج تمكِّن من الإعلان عن اسم المدرسة من خلال وسائط الإعلام حيث أصبحت الوسيلة الوحيدة للإعلان عن اسم المدرسة مهما بلغت درجة تفوقها هي الإعلان عن أسماء طلابها ضمن المائة الأوائل في ذلك المؤتمر الصحفي المشهود والذي يلتفّ معظم الشعب السوداني حول أجهزة الإعلام لمشاهدته. التضليل الذي يمكن أن يحدث هو أن مدرسة بها طالب واحد متفوق يعلَن عن اسمها في حين أن ترتيبها قد يكون من بين أضعف المدارس وقد حدث ذلك مراراً فهناك مدارس تعلَن أسماؤها عشر مرات أو نحو ذلك بالرغم من أنها قد تكون متدنية من حيث نسبة التحصيل أكثر من مدارس لم يعلن عن أسمائها ولو مرة واحدة وهذا لعمري تضليل وخداع يجعل الآباء يتهافتون نحو المدارس المعلَن عنها ويزهدون عن الأخرى التي قد تكون أكثر تميُّزاً. الأستاذ محمد أحمد حميدة وكيل وزارة التربية والتعليم رجل عاش عمره كله في ميدان التربية والتعليم ولا أظن أن هذا الأمر يخفى عليه وقد سمعتُه يتحدّث عن هذه النقطة تحديداً فهل نطمع في أن يصحِّح هذا الخطأ الذي يؤدي إلى تضليل كبير وظلم فادح وخداع للأسر التي تغيب عنها المعلومة الأخرى حول مستويات المدارس من حيث التحصيل الأكاديمي؟؟ هذه نقطة صغيرة قد يقول البعض إنها لا تستحق أن أرهق بها هذا المقال لكنها قضية عدالة وقد كتبتُ قبل أيام عن مشكلة التعليم الكبرى التي لن تجدي إقامة المؤتمرات ما لم يُلتفت إليها وهي مشكلة المبلغ المرصود في موازنة الدولة للتعليم ونسبته من الموازنة العامة فإن حُلت هذه المشكلة لانحلّ جزء كبير من مشكلة تدني مستوى التعليم في السودان.