«الإنقاذ اقتربت من نهايتها»،هكذا قاطع طالب جامعي صديقه وهما يتحدثان داخل حافلة اقلتنا من مركز الخرطوم نحو بحري ، ليفتح بهذه المقاطعة المسموعة، بابا للنقاش التلقائي داخل الفضاء المتحرك للمركبة،ليقابل رجل خمسيني تأكيد الجامعي بنهاية حقبة الانقاذ بتشكيك «دي حكومة روحها طويلة»،الا ان شاباً لم يتجاوز العشرين من عمره كما توضح ملامحه رد غاضبا على تعليق الرجل الخمسيني «لكل بداية نهاية»، ليظل بعدها كل الركاب في نقاش حول الامر الى ان وصلت الحافلة الى مقصدها الأخير. فهل وصل قطار الانقاذ الى محطته الاخيرة كما اكد الطالب الجامعي وبلغ شوط هذا العهد مداه ام مايزال لعمر حكم الاسلاميين بقية،اسئلة يفرضها الواقع المحيط بالنظام الحاكم الذي يجابه تحديات كبيرة تحدق به من كل جانب ،وتعتري طريق استمراريته في الحكم عقبات متعددة بعضها من صنعه واخرى فرضتها ظروف لم تكن في الحسبان ،ويعتقد مراقبون ان الازمات التي تحيط بالانقاذ احاطة السوار بالمعصم تختلف كليا عن التي واجهها النظام خلال العقدين الماضيين ،والتي نجح خلالها قطار حكم الاسلاميين في تجاوز مطبات محطاتها بخسائر لم تكلف قادته اهتزاز عرشهم،ويؤكد متابعون ان ازمات الحرب الدائرة بولايتي النيل الازرق وجنوب دارفور ،وتوتر العلاقة مع دولة الجنوب ،والقرار الاممي 2046 بكل تبعاته ،واقتراب اقتصاد البلاد من حافة الانهيار مولدا ضائقة معيشية غير مسبوقه ،والخلافات وسط الاسلاميين وقادة الانقاذ ،علاوة على استمرار الاوضاع في دارفور دون تغيير كبير ملموس ،يؤكدون انها أزمات لم تواجهها الانقاذ من قبل مجتمعه،لذا يرجحون امكانية تجسد فرضية ذهاب النظام خلال فترة ليست بعيدة ،الا ان هؤلاء المتابعين فشلوا في رسم سيناريوهات توضح كيفية نهاية حكم الانقاذ، ولكن هناك من يتفق مع الرجل الخمسيني الذي افتى بطول (روح) الانقاذ وهؤلاء يؤكدون ان الانقاذ اكتسبت مناعة ضد الازمات والتحديات وانها تملك القدرة على تجاوزها ،بيد ان اصحاب هذا الرأي يقرون بصعوبتها هذه المرة. ويؤكد رئيس حزب التواصل بولاية البحر الاحمر حامد محمد علي ان الاوضاع بالبلاد وصلت الى مرحلة حرجة على الاصعدة كافة ،الا انه وفي حديث ل(الصحافة) لم يشر الى اقتراب نهاية الانقاذ،ولكنه اوضح وجود مخرجين لازمات البلاد والانقاذ ،قائلا ان اقتناع الحزب الحاكم والمعارضة بان البلاد في مفترق طرق يمثل الحل الامثل للخروج من الازمات،وانه لابد من الضغط على الجراحات وعدم المكابرة ،و ان يدرك من هم في السلطة انهم فشلوا وليس امامهم سوى احداث تغيير او مواجهة الطوفان. الطوفان الذي توقعه رئيس حزب التواصل هل يتحسب له الحزب الحاكم ويعمل على ابطال مسبباته ،ام تعوزه الحيلة هذه المرة في ظل جسامة التحديات واختلاف مشهد العشرية الثالثة من عمره عن سابقتيها،يعترف القيادي بالحزب الحاكم ومستشار وزير الاعلام الدكتور ربيع عبد العاطي بمصاعب تواجه استمرارية الانقاذ وإن لم يشر الى ذلك مباشرة في اتصال هاتفي مع (الصحافة) فقد قال ان علاج الازمات التي تواجه البلاد والانقاذ يحتاج لعملية جراحة،اشترط لنجاحها ان تجري بواسطة مختصين على درجة عالية من المهارة والمقدرات،وتابع:اذا توفرت مطلوبات اجراء الجراحة لدى منفذيها سيتم تجاوز الازمة بكل سلاسة. حديث القيادي بالحزب الحاكم يحمل اشارات مباشرة واخرى بخلاف ذلك؟،وهذا يعني ان الانقاذ باقية ولن ينتهي عهدها كما اكد ،ولكن هل ينتظر الشارع والقوى المعارضة نجاح العملية الجراحية ام يقطعا الطريق امام اجرائها ، يستبعد القيادي بالاتحادي الاصل الدكتور علي السيد ان تضع الازمات الحالية ومنها الانهيار الاقتصادي حدا لنهاية حكم الانقاذ،رغم تأكيده ان الانقاذ في اضعف حالاتها ،مبينا في حديث ل(الصحافة) ان ذهاب نظام الانقاذ يتوقف على قوة الشارع وتوحد الاحزاب السياسية ،مشيرا الى انه في ظل حالة الضعف التي تعتري المعارضة، فان الحكومة تملك القدرة والامكانية على فعل ماتريد حتى لو دعاها الامر لاعتقال وسجن كل الشعب السوداني،وتابع القيادي الاتحادي «الحكومة ضعيفة والمعارضة اضعف منها»، ولم يكتف بذلك فقد اقر على السيد بعدم قدرة المعارضة على تحريك الشارع وتغيير النظام لعدم وحدتها واختراق بعضها من قبل الحكومة وتحييد موقف اخرى ، ولفت القيادي بالاتحادي الى امكانية تحرك الشارع بمعزل عن الاحزاب،الا انه كشف عن ان عدم وجود بديل مقنع يبطئ من تحرك الشارع. ضعف القوى السياسية المعارضة كما اكد السيد جعل الكثيرين يؤكدون استحالة ذهاب الانقاذ ،حتى بسيناريو اقتلاع النظام بقوة السلاح مشيرين لصعوبة نجاحه وذلك استنادا على فشل الحركات المسلحة في ازاحة الانقاذ عن سدة الحكم،ويشير اصحاب هذا الرأي الى ان استمرارية الانقاذ من عدمها تتوقف على نجاحها في الحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي كامل، ربما يكون سببا في خروج المواطنين الى الشارع والذين يعتبرهم مراقبون المهدد الحقيقي لزوال حكم الانقاذ، وهو الامر الذي يؤكدون ان الانقاذ تعمل له الف حساب،والدليل على ذلك حسبما يقولون اعتبار النظام عملية الخروج للشارع خطا احمر حتى لايؤتي من قبله. فيما يؤكد الامين العام للمؤتمر الشعبي بشمال دارفور عبدالله محمد آدم الدومة ان الرسم البياني لحظوظ الانقاذ في تراجع كبير،وقال في تصريح ل(الصحافة) ان وصول الرسم البياني الى القاع يحتم تغيير الاتجاه وذلك لأن وصوله القاع يقود الى النهاية، ولم يشأ القيادي بالمؤتمر الشعبي الاسترسال في الحديث مكتفيا بما قاله. ويعود القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي ليؤكد على قدرة الانقاذ على تجاوز كل المصاعب والمهددات التي تواجهها،كاشفا عن اكتساب قادتها خبرات ثرة خرجوا بها من تجارب كثيرة تجعلهم قادرين على الخروج من الازمات بمقدرة ونجاح،ساخرا من دعاوي البعض حول اقتراب نهاية عهد الانقاذ. ويرسم محلل سياسي خارطة طريق يراها مثلى لتوفير خروج آمن للبلاد والانقاذ من الازمات المستفحلة،ويشير عبدالله آدم خاطر ل(الصحافة) الى ان التنازل السلمي عن السلطة يعتبر مخرجا جيدا لكل الاطراف والبلاد،مؤكدا ان الظروف التي تمر بها البلاد لايمكن انكارها من قبل الانقاذ او اتباع سياسة المكابرة تجاهها،مبينا ان الشعب السوداني باتت له آراء معروفة حول اهمية السلام والعلاقة الجيدة مع دولة الجنوب ،علاوة على الاوضاع الاقتصادية ،مؤكدا عدم وجود بدائل مقنعة تقدمها الانقاذ في الوقت الراهن،مشيرا الى ان الازمات الكثيرة التي تمر بها البلاد من شأنها ان تعجل بنهاية الانقاذ،ويرى ان التنازل السلمي عن السلطة هو الخيار الأمثل.