يواجه نظام الانقاذ وهو يخطو اولى خطواته في عامه الرابع والعشرين في الحكم ازمات لم يسبق له ان واجهها مجتمعة في توقيت واحد تأتي على رأسها الازمة الاقتصادية التي افضت الى مطالبات شعبية تصفها الحكومة بالمحدودة تليها مطالبة المعارضة بتنحي النظام الحاكم وتكرار الحديث عن سقوط شرعية استمراره في السلطة. وان كان حزب المؤتمر الوطني يتمسك بشرعيته التي يؤكد انه اكتسبها من انتخابات يصفها بالشفافة . نظام الانقاذ يتمترس خلف الشرعية التي اكتسبها عبر انتخابات 2010 المعترف بها عالميا حسبما ظل يؤكد قادته الذين يشيرون الى ان الشعب منحهم تفويضا كاملا وان تغيير نظام حكمهم لن يتم الا عبر صناديق الاقتراع في انتخابات 2015 متهمين المعارضة باستغلال الظروف الاقتصادية الحرجة التي تمر بها البلاد لتحقيق اهدافها التي عجزت عنها طوال عقدين من عمر الانقاذ ، رغم اقتناعه بصعوبة نجاح سياسات الاصلاح التي انتهجها عقب الازمات الاخيرة ، ومابين دفوعات الحزب الحاكم واتهامات المعارضة ، تبرز اسئلة ،وعلى رأسها لماذا يتنحى نظام وهو يمتلك شرعية اكتسبها عبر صناديق الاقتراع حتى ولو رفضت القوى السياسية الاعتراف بها، ام ان الازمات التي تمر بها البلاد تستوجب تغييراً في الحكم ،واتهام المعارضة للنظام الحاكم بالتمسك بالسلطة هل يأتي على سبيل النيل منه، ام انه اتهام حقيقي ، واذا كان كذلك لماذا يتمسك النظام بالسلطة ،هل لأنه يمارس حقا دستوريا ام لأنه يخشى مآلات التغيير والذهاب عن السلطة؟؟ وماهو المخرج من حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد الآن ؟ مستشار وزير الاعلام والقيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي يسخر من دعاوي المعارضة المطالبة بتنحي النظام واشارتها الى فقدانه الشرعية ،ويكشف في حديث هاتفي مع (الصحافة) عن ان مفردة تنحي يطلقها من لايستطيع القول ولايملك القدرة على الفعل ولا يمتلك آليات تمكنه من تغيير النظام،وزاد:من لا يملك السند الشعبي والقدرة على تحريك الشارع والفوز عبر صناديق الاقتراع هو من يطالب بتنحي النظام ،ويقول ان الانقاذ اكتسبت شرعيتها عبر انتخابات شهد لها كل العالم بالنزاهة والشفافية،معتبرا انهم يمارسون حقا اصيلا منحهم له الناخبون. الا ان عدم شرعية الانقاذ تبدو حسب وجهة نظر القيادي بحزب الامة القومي محمد آدم الطيب لا خلاف حولها ،معتبرا ان النظام فقد فرض بقاءه بسبب الازمات الكثيرة التي تحاصره من كل الاتجاهات ،التي ارجعها الى خطأ سياساته وتوجهاته،ويشير القيادي بحزب الامة القومي الى ان النظام يتشبث بالسلطة ويرفض الاستجابة لصوت المواطنين الذي ارتفع اخيرا مطالبا بالتغيير. اتهام التشبث بالسلطة لاحق معظم الحكومات في المنطقة عقب اندلاع الثورات العربية ولم يكن نظام الانقاذ استثناء من هذا الاتهام ،حيث يعتبر مراقبون ان تمسك الانظمة بحكمها لايعود الى انها منتخبة من قبل الشعب وتمتلك صلاحيات كفلها لها الدستور. خشية نظام الانقاذ من مرحلة مابعد التغيير تبدو في نظر البعض غير موضوعية ولا اساس لها من الصحة ،وهذا ماكشف عنه القيادي بالحزب الحاكم ومستشار وزير الاعلام الذي يعود للتعليق مؤكدا عدم خشيتهم او خوفهم لجهة انه لاتوجد في الاساس مهددات ،مشيرا الى انهم لايعملون على تكميم الافواه ويتيحون حرية التعبير ،غير انه استبعد ان تؤثر الحركات الاحتجاجية علي بقاء سلطة الانقاذ ،مؤكدا ان صناديق الاقتراع هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن ان يغير بها المواطنون النظام. الا ان القيادي بحزب الامة محمد آدم الطيب يعتبر ان النظام يرفض الاستجابة لصوت الشارع ورغم ذلك يخرج عدد من مسؤوليه ليؤكدوا حرصهم على اتاحة الحريات ،وهذا القول يخالفه الواقع بكل تأكيد. ويعود المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر للاشارة الى ان حجة شرعية الانقاذ كانت ايضا حجة نظام الصادق المهدي الذي كان منتخباً ديمقراطيا الا انه ذهب بانقلاب عسكري ،معبرا ان الشرعية ليست القضية الاساسية في ظل الظروف التي تشهدها البلاد التي قال انها تواجه مأزقاً اقتصادياً وآخر دستوري اعقب انفصال الجنوب ونزاعات داخلية بجنوب كردفان والنيل الازرق ،علاوة على عدم اعتراف سياسي خارجي بالنظام الحاكم ،مؤكدا ان هذه القضايا لايمكن الهروب منها ،معتبرا ان الانقاذ بغض النظر عن الخلاف حولها لم تستفد منها في احداث تحول ديمقراطي حقيقي بالبلاد وزاد:التفويض الشعبي الذي تؤكده الانقاذ لم يتحول الى برنامج عمل يقنع الشعب والمعارضة باحقية النظام بالشرعية ،لأنه لم يبارح محطة ماقبل الانتخابات بكل سؤءاتها،وبالمقابل يرى المحلل السياسي ان المعارضة لم تستفد من هامش الحريات الذي توفر عقب الانتخابات ولم تعمل على تقديم بدائل تقنع المواطن ليقف بجانبها في تغيير سلمي اسوة بما حدث في ثورتي اكتوبر وابريل وماحدث في بعض دول الربيع العربي ،معتبرا ان المخرج للوضع الراهن لا يتمثل في تمترس الانقاذ خلف حاجز الشرعية ولا الافتخار بالقوة ،ولايتمثل في ضعف او قوة المعارضة بل يتوقف على بروز مبادرة يقودها حكماء ومثقفون لانقاذ البلاد من وضعها الحالي ،مؤكدا على ان الظروف مواتية لانجاح المبادرة اذا ابتعدت نظرة الحكومة والمعارضة عن المصالح الحزبية الضيقة والنظر الى المصلحة العليا للبلاد بحكمة وموضوعية.