٭ العام الماضي كنت في زيارة لمصر، عقب ثورة 25 يناير، أكثر من أسبوعين قضيتها ما بين القاهرة والاسكندرية .. لاحظت فيها كثيراً من التغيرات واستمعت لكثير من الأقوال من مثقفين ومواطنين عاديين عن عهد الطاغية مبارك. ٭ قبل ان يخرج المصريون الى الشارع مطالبين بإسقاط النظام كانت ظاهرة اذلال المصريين على يد نظام مبارك دخلت كل بيت ويتحدث بها الجميع. ٭ ان نظام الطاغية مبارك تسبب باستبداده وخسارة في طرد ملايين المصريين بحثا عن لقمة العيش التي لم يجدوها في بلادهم ونفس هذا النظام تقاعس بشكل مشين عن نصرة اي مظلوم من الشعب المصري. ٭ نعم كان نظام مبارك يذل شعبه حتى ترسخ في ذهن الطبقة الواعية ان اذلال المصريين يحقق متعة خاصة لبعض رموز النظام.. ٭ مصر العظيمة التي قدمت معظم ما هو جدير بالذكر في الثقافة العربية وفي التاريخ العربي... قد تلاشى دورها تماما في عهد مبارك لأنها كانت تدار من البيت الابيض والامر الذي جعل ينحدر بها الحال حتى صار ابناؤها يعاملون كالخدم او ربما اقل من الخدم.. ٭ في تلك الزيارة استمعت الى كثير من الظلم الذي تعرض له المصريون من فساد واستبداد وعطالة.. ٭ كنا نتوقع نهاية هذا النظام لأن التاريخ علمنا ان النظام الغاشم ، المعيب، الظالم المستبد سوف ينتهي بشكل فظيع ثم يلقى قادته اقصى عقوبة من الشعب او في القانون، كحالة مبارك، وهو يستحقها لأنه كان يحتقر شعبه مثلما كان يحتقر بلاده عندما باعها بأبخس الاثمان في سوق النخاسة الامريكي..! ٭ حدثني احد المثقفين بأنه قد كانت آخر مهزلة قبل خروج الناس للشارع كانت مهزلة ما سمي بالانتخابات الرئاسية وعندما تظاهر الناس احتجاجا على التزوير تم قمعهم بطريقة وحشية وتعرضت عشرات المتظاهرات الى السحل وهتك اعراضهن في الشارع بواسطة البلطجية التابعين للأمن على حد قوله.. واضاف لي احد الزملاء بأن هناك صحفية سقطت ضحية لعدوان الشرطة في تلك الاحداث.. هذه جزء من ممارسات النظام وهي ذات الممارسات التي قادت الى نهايته التاريخية المذلة.. ٭ كل يوم يعلمنا التاريخ ان اي نظام يكبل حرية الناس ويضربهم بقسوة لمجرد انهم يعبرون عن رأيهم لن يستمر طويلا مهما كانت ترسانته العسكرية والامنية وما نهاية نظام مبارك الا دليل لما ذهبت اليه.. ٭ كان نظام مبارك ينظر للذين يكتبون ضده في الصحف او الشباب الذين يخرجون في مظاهرات ينظر اليهم بأنهم عناصر متمردة منحرفة لابد من قمعها وسحق ارادتها الا ان خروج 25 يناير كان اكبر من طاقاته وتوقعاته وصدق الشاعر حينما قال: اذا الشعب يوما اراد الحياة ٭٭ فلابد ان يستجيب القدر ولابد لليل ان ينجلي٭٭ ولابد للقيد ان ينكسر ٭ حقا وصدقا انكسر قيد النظام المستبد وانتهى الى مزبلة التاريخ.. ٭ نحن كنا نفهم ان البطش سمة مميزة لاسرائيل لأن بعض قادتها يعلنون ان الفلسطينيين يجب اخضاعهم بالقوة لأنهم لا يفهمون سواها.. هذا قد يكون مفهوما في سلطة صهيونية ولكن المحزن ان يصدر من نظام ضد شعبه.. ٭ ان رموز النظام المصري ظلوا يحتقرون المصريين باستمرار قال لي احد الزملاء في مصر ان جمال مبارك قال اكثر من مرة ان رجل الشارع غير مؤهل ليفرض رغباته على الحكومة لاحظوا الى اي مدى وصل الطغيان في مصر والى اي درجة وصل الاستخفاف بأهلها.. ٭ ووصل استخفاف النظام بشعبه درجة ان صرح احمد نظيف امام الصحافة العالمية ان المصريين امامهم مائة عام حتى يتعلموا معنى الديمقراطية واضاف ان الحكومة ليست مسؤولة عن البطالة لأن هؤلاء لم يؤهلوا انفسهم بما يكفي..! ٭ وعندما انتقل هذا الاستخفاف من الاقوال الى الافعال حيث كانت كل السياسات المطبقة في نهاية عهد النظام كانت تحمل استهانة بالغة بحقوق المصريين ورأيهم وكرامتهم.. ٭ كانت بداية النهاية ان المسؤولين في نظام مبارك يعتبرون الاستجابة للرأي العام او لكُتاب في الصحافة هزيمة مشينة لهم بل ان تحدي كُتاب الرأي من دلائل قوة المسؤول وصلابته.. وهم لا يعلمون ان هذه المواقف فيها اهانة للمصريين وليس لقادة الرأي .. فكانت نهايتهم التاريخية المذلة.. ٭ ما جرى في مصر وجرى في ليبيا وقبلها تونس عظة لمن يتعظ وعبرة لمن يعتبر...؟! [email protected]