لا شئ يعلو هذه الأيام على صراخ الشارع الرافض لرفع الدعم عن المحروقات ولاحديث يتصدر المنابر الرسمية والشعبية غير الأزمة الإقتصادية الطاحنة التى تمر بها البلاد، وتبعات حزمة الإجراءات الإقتصادية الخانقة لرتق الموازنة الخربة، فقد تناسى الشارع قضايا الحدود ومفاوضات اديس ابابا والحرب فى النيل الأزرق وجنوب كردفان وانتصار هجليج وبات كل همه «لقمة العيش» و اضحى شغله الشاغل كيفية الحصول عليها فيما تعلن الحكومة عن عزمها كف يدها عن دعم المحروقات. «الصحافة» إستطلعت نبض الشارع ورؤية المواطنين لهذه الأزمة خاصة قضية رفع الدعم عن المحروقات وزيادة تعرفة المواصلات، واجمع كل من إستطلعتهم «الصحافة» على ان قرار رفع الدعم عن المحروقات غير موفق وكارثى وسيدخل البلاد فى نفق من الأزمة وحملوا كل مايحدث للبرلمان بعد ان وصفوه بالضعيف والمنقاد والذى لايمثل الشعب ولايحس بضائقته المعيشية واول من تحدث إلينا الأستاذ الشيخ اأحمد البشير مدرس بمرحلة الأساس وقال ان الشعب اصبح مغلوباً على امره وفقد الثقة فى الحكومة والمعارضة ووصف وقفة قادة القوى السياسية بخور ابوعنجة امس الأول بالديكورية وغير مؤثرة لافتاً الى ان الحكومة لا تسمع الا نفسها، وتساءل البلاد فى ضائقة معيشية خانقة فأين الإقتصاديون وحلولهم الا يوجد مخرج غير رفع الدعم عن المحروقات وتحميل عجز الميزانية الى «محمداحمد» المغلوب على أمره، وأرجع البشير تدهور الأوضاع الإقتصادية الى حروب الإستنذاف التى تخوضها الحكومة فى عدة جبهات فى النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور وقال ان الحل الوحيد فى الإستقرار والسلام والدخول فى مفاوضات مباشرة مع مالك عقار وعبدالعزيز الحلو بغية الوصول الى إنهاء الحرب والإستفادة من الموارد المهدرة، وأضاف « لماذا ترفض الحكومة التفاوض مع عقار والحلو وسبق ان جلست معهما فى طاولة الحوار؟» مشيرا الى ان تمترس الحكومة فى موقفها الرافض لمفاوضة الحركة الشعبية قطاع الشمال غير مبرر ولابد من حل عاجل فالحرب ليس فيها ربح، وسخر البشير من حديث بعض المسؤولين بتسعير البنزين لثلاث فئات وقال ان تم هذا الأمر فسيصبح مدخلاً جديداً للفساد، وطالب الحكومة بتطبيق سياسة التقشف وعليها ان تبدأ بنفسها اولاً وتقليص مخصصات الوزراء ووظائف الدستوريين التى وصفها بوظائف الترضيات وأشار الى ان الحكومة تحمل افكاراً متناقضة وهى تنادى بتقصير الظل الإدارى وفى ذات الوقت تفتح الباب لإنشاء ولايات جديدة. وحملت دكتورة صيدلانية تعمل بالمك نمر «فضلت حجب اسمها» البرلمان مسؤولية رفع الدعم عن المحروقات وقالت ماذا ينتظر البرلمان أكثر من ذلك ليعلن رفضه القاطع لهذه الإجراءات العقيمة التى تثقل كاهل المواطن، وأضافت متسائلة متى يخرج البرلمان عن صمته وينحاز الى الشعب المسكين ولو مره واحده وينقطع عن محاباة الحكومة، وذكرت ان أسعار الدواء ظلت فى تصاعد مستمر نتيجة لإرتفاع سعر الدولار لافتة الى ان الزيادة تتحملها شركات الأدوية وليس الصيدليات وقالت ان الدواء مسعر من وزارة الصحة ومراقب الا انهم كثيراً ما يتعرضون الى إساءات من المواطنين كأنهم الذين وضعوا الزيادات وقالت نرد على مثل هذه المواقف بالصمت فى اغلب الأحيان ونقدر الحالة النفسية للمريض. عائشة عبد القيوم بائعة شاى فى موقف جاكسون إكتفت بعبارات بسيطة واصرت ان اوصل عبارتها بالنص الى المسؤولين فقالت « قوليهم يخافوا فينا الله نحنا تعبنا ارحمونا» واضافت عائشة «الشئ البنعرفوا عن المحروقات السكر والجاز ولو زاد الجاز اى شئ بطير السماء والتجار يقولوا الترحيل زاد وتقع علينا نحنا المساكين» واوضحت عائشة ان علبة الكبريت اصبحت بى (20) قرش وكيس الفحم يباع بجنيهين وكيلو السكر (5) جنيهات وقالت «لو عملنا كباية الشاى بجنيهين زول بشرب شاى مافى». وفى بداية حوارى القصير معه رفض حامد الخير صاحب طبلية بالسوق العربى الحديث معى بعد ان عرف هويتى وقال « مافائدة الحديث فلن يسمعنى احد ولن يسمعك احد فالصحف تكتب يومياً ما الذى حدث» وأضاف «الحكومة شغالة بسياسة الكلب ينبح والجمال ماش» بعد ان وصف قرار رفع الدعم عن المحروقات بالخطير وقال «يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار» وأشار الى انهم يتعرضون الى انتقادات حادة من المواطنين كأنهم الذين تسببوا فى الأزمة ووضعوا الزيادات، وقال نحن لانزيد اكثر من 3% ولوزدنا السلع اكثر من ذلك لما وجدنا احد يبتاع منا خاصة وان القوة الشرائية تعدت مرحلة الضعف. وشكا تاجر جملة بالسوق العربى جوار عمارة الذهب عبدالحميد يوسف من ضعف القوة الشرائية ونوه الى ان الأسعار فى تصاعد مستمر وناشد المسؤولين برفع الضرائب عن السلع الرئيسية لافتاً الى ان قرار رفع الدعم عن المحروقات سيدخل السوق فى حالة ركود اكثر مما هو عليه لافتاً الى ندرة سلعة السكر والتى قال انها بدأت تتمدد قبل دخول شهر رمضان وقال ان سعر السكر وزن (10) كيلو يباع ب(43) جنيه ونوه الى ندرته فى المجمعات الإستهلاكية المخفضة والتى تبيعه ب (35) جنيه، ونفى يوسف استغلال التجار لهذه الأوضاع وانهم اول المستفيدين من هذه القرارات، وقال ان السوق يعتمد على المنافسة ولايمكن ان يفرض اى احد سعراً غير معقول لافتاً الى ان الفائدة فى البيع وإرتفاع القوة الشرائية وقال ليس هناك مستفيد من هذه الأوضاع التاجر او المواطن فالكل يعانى. ويرى حيدر محمد ابراهيم طالب بكلية الإقتصاد جامعة الخرطوم ان المخرج من هذه الأزمة تخفيض جيش الدستوريين على حسب تعبيره وتخفيض المخصصات وميزانيات التسيير فى دواوين الحكومة وولاية وزارة المالية على المال العام وادخال المال المجنب الى الميزانية، ومراجعة هياكل الحكم المترهلة وتقليص المناصب التى تعدت (100) وزير ودستورى ومستشار على المستوى الإتحادى وحده، وقال ابراهيم ان الحرب سبب اساسى فى الضائقة الإقتصادية والمعيشية ولابد من الوصول الى حل يوقف النزيف فى اطراف البلاد حتى يتعافى الإقتصاد وتوظف ميزانيات الحرب فى التنمية ولفائدة المواطن. أسامة يونس صاحب مكتبة للصحف اليومية والأدوات المكتبية بشارع الجمهورية يقول ان الحكومة تسخر من المواطنين بطرحها لإجراءات عقيمة لاتراعى الشرائح الضعيفة وفى ذات الوقت تقر رفع الدعم عن المحروقات وتتعهد بزيادة رواتب الموظفين، وتساءل يونس هل كل الشعب السودانى موظفون، واشار الى ان نسبة الموظفين لا تتعدى (20%) واضاف من الذى يدعم الشرائح الضعيفة والمواطن البسيط المغلوب على امره، وارجع الضائقة المعيشية الى الحرب وإستنزاف الموارد وقال ان السودان اصبح ضائعا بين طموحات القادة حكومة وحركات مسلحة ومعارضة كل يدعى ان يعمل من اجل مصلحة الوطن وتساءل ماذا تبقى من الوطن وأضاف ان استمرت الحال على ماهو عليه فلن يجدوا شعباً يحكموه. وفى رده على نبض الشارع يقول القيادى بالمؤتمر الوطنى وعضو البرلمان الدكتور اسماعيل الحاج موسى ان قرار رفع الدعم عن المحروقات مازال قيد الدراسة، الا انه اشار الى ان الإقتصاديين يرون انه لامناص من اجراءات حتى وان كانت قاسية لاصلاح عجلة الإقتصاد فى الوقت الحالى لتلافى ضائقة اكبر اذا لم تتم معالجة سريعة للإقتصاد لافتاً الى ان المؤتمر الوطنى فى اجتماعاته ناقش القضية وحتى الآن لم يخرج قرار نهائى فى هذا الشأن وقال ان مثل هذه المسائل المتعلقة بمعاش المواطنين لا تخرج بين ليلة وضحاها وتحتاج الى كثير من التأنى، واضاف لا اريد ان ابرر لرفع الدعم عن المحروقات ولكن الجميع يدركون ان الوضع الإقتصادى فى البلاد يمر بمرحلة حرجة وأزمه مالية ضربت كل دول العالم والسودان ليس إستثناءاً لافتاً الى احتجاجات «ول ستريت» التى خرجت لتردى الأوضاع الإقتصادية.