ازدانت دار أبناء النهود بالعاصمة بأمسية ثقافية ابداعية رائعة مزجت بين الشعر والفن والتراث والمحاضرات القيمة، ومما زاد الليلة بهاءاً حضور عدد مقدر من رموز المنطقة السياسية والمهنية والقيادات المحلية والنخب الثقافية التي حرصت أن يكون اللقاء اجتماعياً أسرياً أولاً وثقافياً ابداعياً ثانياً. بدأت رابطة أبناء النهود بالعاصمة القومية منذ أوائل السبعينيات وعرفت أولاً باسم رابطة محافظة أبناء النهود وهي وعاء جامع داخله عدد من الروابط (الخوي، ود بنده، غبيش) وعرفت حينها باتحاد روابط دار حمر وتحديداً بدأ هذا النشاط الثقافي الاجتماعي المنظم في الجامعات كجسم طلابي ولكنه اتسع فيما بعد ليضم كل منسوبي المنطقة. ولعبت هذه الروابط أدواراً عظيمة في التعريف بالمنطقة وفي عكس مشكلاتها التنموية بل وتقديم العون ما أمكن لانسان منطقة حمر سواء في القوافل الصحية أو خدمات المياه التي تمثل مشكلة رئيسة والآن يترأس هذه الروابط دكتور حاج آدم حسن الطاهر أستاذ القانون في الجامعات السودانية ورئيس لجنة الحسبة. ٭ إبداعات الليلة: عكست الليلة ابداعات تراث حمر والحقيقة ان تلك المنطقة عامرة بتنوع هائل في فنون الأداء الشعبي، الجراري كان حاضراً كذلك التويا والحسيس وقد كانت فنون الأبالة هي الأكثر حضوراً خاصة وأن دار حمر تعتمد أنماط الرعي في سبل كسب العيش لا سيما الإبل والتي تعتبر الحيوان الذي يشكل ثقافة أهل منطقة حمر (النهود، الخوي، ود بنده، غبيش، خماس) وكما هو معروف فإن نظريات الفولكلور تتحدث عن أن حيوان المنطقة يشكل ثقافة الزي والرقص الشعبي بل ويساهم في رسم ايقاع المنطقة. كذلك فإن الضأن يعتبر من المصادر النقدية لرعاة منطقة حمر ويختلف الضأن عن الإبل في أن الحمر يقولون (الضأن سعاية فرقان) بمعنى أن الضأن يحتاج أن يكون قريباً من مصادر المياه والدوانكي والرهود لأنه لا يحتمل العطش كالبهائم الكبيرة (الناقة). ٭ أندريه وكباشي: من تراث حمر الغنائي الذي انتشر مؤخراً بصوت المغنية نانسي عجاج على منظومة الجراري أغنية (أندريه): حلاوة القرطاس أندريه الفي الخشيم تتماص أندريه لو ما كلام الناس أندريه بركب معاك خماس أندريه وغني عن القول إن خماس هي احدى مناطق دار حمر كما أن أغنية كباشي لو ترضى وصلني ود بنده توثق لمناطق دار حمر جميعها ومن بينها ود بنده وهي من كبرى حواضر دار حمر وتعتبر سوقاً تراثية ضخمة لكل منتجات الإبل بجانب المضفورات السعفية. أغنية كباشي نشرها بصوته الفنان بلوم الغرب عبد الرحمن عبد الله، إلا أن الفنان الأساسي الذي احتفى بتراث دار حمر ونشره على نطاق واسع هو الفنان صديق عباس وقد استطاع صديق عباس عبر فرقة فنون كردفان أن يعيد توزيع وانتاج أغاني دار حمر بل بدأ بها أولى تسجيلاته في الإذاعة في سبعينيات القرن الماضي وهي أغنية: القمر اللجيت يا السادة فوق النجوم ضويت يا السادة ارحم حبيباً ليك يا السادة داير يشوف عينيك يا السادة ثم أعقبها بأغنية أخرى تغنيها بنات حمر وهي شديدة العذوبة: أنا بركب اللواري وأطير مع القماري اتلموا يا كباري تشاشي لي وتظلل من السموم تضاري ٭ رموز وأعلام: كانت محاضرة السفير جاد كريم رائعة كذلك إلقاء الدكتور عوض ابراهيم عوض لعدد من قصائده وهو من أبناء النهود وجدت استحسان الحضور. المدهش في محاضرة السفير حسن جاد كريم أنها كشفت لأول مرة عن مواهب الرجل في العزف والغناء بل انه يحفظ من الآثار النادرة لتراث حمر ما يجعل منه خزانة للفنون الشعبية بجانب اجادته العزف على العود على الأسلوب الشرقي. تتشرف الرابطة بعضوية عدد من رموز وأعلام المنطقة كاللواء السر محمد أحمد خالد، الفريق آدم أحمد فضل، الفريق طه دفع الله، الفريق محمد محمود جامع، لازم الزين مردس من القيادات المجتمعية وقطب من أقطاب حزب الأمة. د. كامل محمد خير ينتمي لمنطقة فوجه المتاخمة لشمال كردفان، كذلك أمين الدار وأمين عام رابطة أبناء النهود ابراهيم الخير. وابراهيم الشيخ البريابي رئيس حزب المؤتمر السوداني الذي تبرع بإضاءة الدار وبقاعة الاجتماعات الكبرى وهو يرأس رابطة أبناء النهود بولاية الخرطوم. من الرموز القومية والتربوية بروفسير عبد الرحيم أحمد سالم المدير السابق للمناهج والبحوث ببخت الرضا وعميد كلية التربية جامعة أم درمان الإسلامية ومن الرموز الأدبية والثقافية لمنطقة النهود الحسين الحسن وتاج السر الحسن وهما شاعران لا يشق لهما غبار. يجدر بالذكر أن الدار تأسست في العام 1992 والشكر أجزله للأخ الهميم الخلوق جبريل المصري الذي أسعدنا بالدعوة لحضور هذه الأمسية الرائعة فله منا أعظم الشكر والتحية.