قطعت وزارة المالية بمضيها في إنفاذ الإجراءات الاقتصادية التي أعلنتها اخيرا لاسيما القاضية برفع الدعم عن المحروقات دون الاكتراث لموجات الرفض من البعض، وألمحت إلى توقع المزيد من رفع الدعم حال ارتفاع أسعار المحروقات عالميا، وأشارت إلى استمرار دعمها للمحروقات والوقود بحوالي 1.5 مليار جنيه، ولفتت إلى أن المعالجات الاقتصادية ليست مصممة لأغراض التفاوض مع دولة جنوب السودان. ودافع وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود في مؤتمر صحفي أمس بالخرطوم عن شرعية القرارات، وأوضح أنها مستمدة من الدستور وأن تنفيذها قبل إجازتها بالبرلمان كان لقطع الطريق على المضاربين، قبل أن يعزي تراجع الوضع الاقتصادي بالبلاد إلى فقدان عائدات نفط الجنوب وتدني الدخل القومي وتدهور سعر الصرف وارتفاع معدل التضخم بجانب نكوص حكومة الجنوب عن مواصلة نقل نفطها عبر الخطوط السودانية مما أربك حسابات المالية، وزاد «إذا ما استمر نقل نفط الجنوب بحسب ما هو مرسوم له لما وصل الحال بالاقتصاد إلى ما هو عليه ولسارت الأمور على ما يرام». وأقر الوزير بأن حروبات جنوب كردفان والنيل الأزرق واحتلال هجليج فاقمت عجز إنتاج النفط إلى 32% عوضا عن 30%، وأوضح أن الغرض من الإصلاحات الاقتصادية إعادة الاستقرار للاقتصاد عبر العمل في قطاعات الإنتاج الحقيقي بغية تحقيق معدل نمو 2%، وأشار إلى المضي في خفض الإنفاق الحكومي والواردات وزيادة الصادرات، وأضاف أن المواد النفطية ما زالت مدعومة بحوالي مليار وخمسمائة مليون جنيه، وأن رفع الدعم عنها جزئيا بحوالي 30% ساهم في سد ثلثي العجز الحالي بينما تتم تغطية المتبقي عبر زيادة الإيرادات. وأعلن محمود صرف النظر عن حظر القائمة المحظورة من السلع باستثناء السيارات المستوردة لجهة عدم إتيانها بالمرجو منها، غير أنه أعلن زيادة التعرفة الجمركية عليها مع فتح باب استيرادها. على صعيد سعر الصرف والسياسة النقدية، أقر الوزير بمعاناة الاقتصاد من زيادة السيولة وأن البنك المركزي يفقد ثلاثة جنيهات مقابل كل دولار، بجانب أن رفع تعرفة الدولار الجمركي خفضت الطلب على الدولار والوارد وخلص إلى ان العلاج المستدام لمعضلات الاقتصاد يكمن في زيادة الإنتاج وإحلال الواردات وزيادة الصادرات. من جانبه، أعلن محافظ البنك المركزي محمد خير الزبير اتجاه المركزي لتعديل السياسة النقدية عبر زيادة سعر صرف الدولار الجمركي وتشجيع زيادة الصادرات وجذب مدخرات وتحويلات المغتربين، مع رفع كافة القيود على فتح وتغذية الحسابات بالنقد الأجنبي بجانب التحكم في نمو وعرض النقود بناء على اتباع سياسة انكماشية بزيادة الاحتياط النقدي القانوني من 15% إلى 18% وإيداعه البنك المركزي. وأبان وزير الزراعة عبد الحليم المتعافي أن الإجراءات الاقتصادية أثرها إيجابي على الزراعة في محور تحرير سعر الصرف وبالتالي زيادة تنافسية المنتجات الزراعية وارتفاع نسبة الأرباح بينما ينحصر أثرها سلبيا من خلال محور رفع الدعم عن المحروقات، غير أنه قلل من سلبياتها لجهة كهربة جزء مقدر من المشاريع الزراعية، وأوضح أن الاستعداد للعروة الصيفية «لا بأس عليه» مع توفر مدخلات الإنتاج وإعلان أسعار تشجيعية للمحاصيل من المنتجين. غير أن المدير العام لديوان الضرائب، محمد عثمان، شدد في مفتتح مداخلته بالمؤتمر على ضرورة تسعير الواردات حال إعفاء أو دعم الدولة، وطالب بإزالة ما وصفها بالعقبات الكثيرة على رأسها القوانين الخاصة التي تعفي عاملي بعض المؤسسات من سداد ضريبة الدخل الشخصي، الأمر الذي اعتبره عثمان مجافيا للعدالة، وشدد على ضرورة حسم ومراجعة تلك القوانين بسطا للعدالة وطمعا في زيادة الإيرادات، وقطع بحتمية مراجعة الاتفاقيات التي تعفي بعض المشاريع الاستثمارية من الضرائب والرسوم بجانب العمل على محاربة التهرب الضريبي الرسمي والشعبي على حد سواء، وأبان أن كثيرا من الرسوم والضرائب تحصل دون أن تورد، واعتبر ذلك أكبر نوع من التجنيب. وأكد عثمان أنه ما لم يتم التعامل بالجدية المطلوبة في حسم ما وصفه بالتفلتات الضريبية لن تجدي حزمة الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية، واشتكى من «دلع» الشركات الأجنبية وتحريض بعض الاتحادات لمنسوبيها على عدم دفع الضرائب، وشدد على الالتزام بالقانون والدستور قبل أن يعلن أن الديوان في حلٍ من أية إتفاقية لم تجدد و(الحشاش يملأ شبكتو).