مدخل: «فجر الغنا المأمول مستني جياتنا وطناً عظيم الشأن عمدانو راياتنا يا ظالماً في الغيب أو حتى بيناتنا لو في الحلم والنوم أحذر ملاقاتنا لو لسا ما ولدوك - احذر وليداتنا نحن إنكسار العيب ما بغشا هاماتنا صاغين نرد الصاع.. السلم غاياتنا» كلمات شاعر الشعب محجوب شريف غناء الفنان المبدع محمد الأمين «1» لماذا التشكيك في الديمقراطية باسم البديل؟ التحية والتجلة والتهنئة لشباب مصر ولثورة الشعب المصري الابي، ان حلت فيهم ريح الديمقراطية ذات «العبق الحر» وهبطت بمصر ارض الكنانة والانبياء.. مصر الفراعنة ام الدنيا و«استجاب الاحرار فيها» لقوله الكريم سبحانه «اهبطوا مصر..» صدق الله العظيم. ٭ يبقى لماذا التشكيك في ثورة مصر؟! بل اي تشكيك في نتيجة الانتخابات الاخيرة هي تشكيك في آليات الديمقراطية الليبرالية كنظام عادل.. باسم ما هو البديل؟!.. واي بديل للانظمة الدكتاتورية والشمولية في عالم اليوم مهما كان هو الافضل.. بل هو التحسس الطبيعي لخيارات الشعوب في بحثها عن حق المواطنة الانسانية في العدالة والمساواة والعيش الكريم. وكما قال المفكر السوداني الزعيم محمد احمد المحجوب «ان اخطاء الديمقراطية لا تعالج الا بالمزيد من الديمقراطية».. وهذا هو العلاج الناجع للحلقة او الدائرة المفقودة والحبيسة ما بين «الليبرالية وحكم العسكرتاريا» في دول العالم الثالث وكل من يشكك في البديل - لحظة خروج المارد من قمقمه وفرحة الشعب عقب ثورته.. فهو دونما شك يستبطن الاعجاب بالشمولية.. وطالما ان الشعب قد مارس بالحق الديمقراطية عمليا في صناديق الاقتراع «في النجوع والواحات» عبر قاعدة تقول «صوت لكل ناخب» - يبقى «فوز الكيزان» اقصد «الاخوان» في مصر لا يدهش الجميع.. بل الذي يدهش ما تخلقه الانظمة القهرية من «سدنة» ويسعون لاعادة الشمولية، وهم اول الذين يطلقون الشائعات بان ليس هناك من بديل كما هو حادث عندنا في السودان. ٭ نقول ان الشباب المصري هذا اذا استثنينا كهوله وشيوخه من الذي اكمل ثورته في 62 يناير 1102م باكتمال فرحته بقيام الانتخابات - «مواصلاً ليله بنهاره» هو الاقدر على صنع البديل - طالما ان هناك ما زال «ميدان للتحرير»!! فقط المطلوب هو الفك من «قيد وذهنية الخوف».. والتي تنجح في الغالب الانظمة الشمولية في تشكيكها وتشكيلها لهمة الشعوب - وتسعى في الغالب الى اعادة نفسها - وخير نموذج ما بدر في انتفاضة رجب/ ابريل 5891م من سدنة نظام نميري من تحدث للشعب وخاصة ما قاله «أبو ساق» - لكن كيف كان الرد الحاسم من قبل الشعب؟ وبالانتفاضة بل ذلك القول العاجز هو من الهب المشاعر الثورية - وزاد من اوار نيران التحدي وهبات الشعوب - وكذا الآن ها هو التاريخ يعيد نفسه - ولسان حال الشعب يقول: «نحن رغم القهر لن نرضى بانصاف الحلول التصفوية»!! ومع الفارق.. وتجديد آليات النضال والجهاد المدني «عبر الفيس بوك» وبعون الله ان كل الشعب في الشرق الاوسط قد «هبّ من غفوته» وذهب في الانعتاق من اغلال الانظمة الدكتاتورية، ولا استثناء لاحد بعد اليوم بل العبرة كل العبرة في نظام العسكر والذي امتد في مصر الشقيقة منذ العام 2591م بعد ان «شهد المدخل التاريخي ما بين قرن وقرن»!! وبالرغم من ذلك قد انهد ذاك العرش بارادة الشعب الغلابى، لذا اذا اردنا ان نكمل «مشروعنا الثوري» و«ربيعنا العربي» في الشرق الادنى فعلينا ان نساهم بقدرما نقدر في الاستنهاض بهمم شعوبنا المغلوبة على امرها من ظلم حكامها - وحتماً فان ارادة الشعوب على مر التاريخ هي الارادة الغالبة ومهما طال«ليل الظلم فلا بد ان يبين الحق» وحقاً ان لكل شعب آلياته التعبيرية ونمطه المحدد في تكييف حياته الجهادية من واقعه المعاش، ولكن حتماً يوما ما سوف «ينفك» قيد الشرع والتطلعات نحو الحرية وتنزاح عقد الخنوع والانكسار - وتعود الارادة الحرة وتنهض القيم الانسانية ولحظتها كاذب من يدعي ان له القدرة على صدها «لا بلطجية- ولا درك ولا شبيحة ولا مليشيات حزبية ولا خلافه» بل سيدرك اخيرا من ظل يجرح الآخر «بساقط القول.. والفعل» انه قد القى به في آخر الصف سعياً للوصول به اخيراً الى مذبلة التاريخ - وبعد ان كان يصنع القرار ويمضي «بالقلم الاخضر» ها هو اليوم قد بات يؤتى به محمولاً على نقالة المرضى والاسعاف ليأخذ جزاءه من الحكم وينتهي اخيراً الى الموت السريري في احد مشافي وزنازين السجون - فهل نفعته شفاعة «رئيس وزرائه المرشح للرئاسة شفيق»؟ لا والف لا - لذا فقد تظهر هنا الديمقراطية الليبرالية كقيمة انسانية - فقط لو فكر وقدر مبارك» يوما في «حقوق المواطنة» وهو على قمة السلطة - لادرك ان الطوفان آتٍ لا محالة، وان لا محالة طائل لحكمه الزائل - ولو استبدر من امره لما ترك في شعب الكنانة تلك السيرة من العكننة والوجل والخوف.. حتى قضى شعب بالقهر يقول: «دحنا اخوات» بدلا من «دحنا اخوان». ٭ وهنا على اخوان مصر كبقية شعبه الذي تحرر من عبودية الشمولية ان يلقي «بالتحية المدنية» لعظمة الديمقراطية - وها هي ترد الحق الضائع لكل مظلوم في ارض الكنانة - دونما التفاتة الى دين او حزب بل الديمقراطية عدالتها لا تعرف الا حقوق المواطنة واحترام كرامة الانسان. ٭ لذا فمن باب رد الجميل للشعب المصري طالما ان الديمقراطية كنظام قد شرعت في كيفية رسم الطريق السليم لليبرالية - بحكم دكتور مرسي - او قل «حكم الاخوان» في مصر لا خيار امام الجميع الا ان يقولوا مرحبا بالديمقراطية كنظام حكم في مؤسسة الدولة المصرية.. ولكن! «2» الأخوان والسلطة!! الاخوان في كل الانظمة الديمقراطية - ظلوا عبارة عن خميرة عكننة - لذا كانوا اكثر الاحزاب السياسية شقاوة بقيامها وذلك من موقفهم الرافض لها كنظام حسب رأيهم لا يطابق مفهوم «الشورى» - لذا ظلوا ولقرابة ال «05» عاما خارج سياق التجربة وبعنادهم سكنوا انفسهم في «سنة اولى» ديمقراطية - وحرموا انفسهم بذل من احترام غالبية الشعوب بطرحهم «الراديكالي» - ولكن اليوم نلاحظ ان هناك بعض التنازلات بظهور بعض الاشراقات بتقبل الممارسة الديمقراطية من قبل بعض انظمتهم السياسية من التي اوصلتها «الليبرالية» الى سدة الحكم - في تركيا وتونس ولجانب ذلك - هناك نماذج ما زالت تركن في قهر شعوبها دون المواكبة والانفعال لما هو حادث من انفراجة وهبة ربيع عربي - في عالم اليوم - وخاصة في النموذج السوداني والذي ما زال قائماً اليوم - وكل الانظمة على شاكلته بل والتي خرجت من «صلبه» كما هو حادث في الصومال وافغانستان وصلا الى تنظيم القاعدة - فهذه التحالفات في الانظمة من واقع الممارسة العملية هي السوابق الواجب تجنبها من قبل الرئيس «دكتور مرسي وجماعته» بل تلك هي الدروس والعبر - التي يمكن لكل شعب يتطلع الى اكمال مشروعه الثوري - ان يستصحبها مستفيداً منها كتجارب سيئة يجب تجنبها وعدم اعادة تطبيقها - وتظن ان الثورة المصرية سوف تكمل مشروعها الديمقراطي وتصبح هي النموذج الامثل - لماذا؟ لان دكتور مرسي يدرك ان تجربة اخوان مصر هي «الاصل» وهي من ظلت تدفع وتدفع «بوصاياها العشر» وتصدرها الى دول الجوار وعلى رأسها «السودان» وان ارض «المنشأ» لم تشهد حكماً ولا سلطة - بل نظنها هي المستفيد الاول من الديمقراطية كنظام «شوري». وعليها ان تستفيد من حسنات الديمقراطية لترد الجميل لشعب مصر الذي «اوصلها» دون الاحزاب الاخرى الى حكمه بعد «05» عاماً من الشمولية ونظام العسكر القابض - و«العاقل من يستفيد ويتعلم من التكرار والتجارب». ٭ والمؤسسة المصرية «ذات الخمسة ألف سنة» من الحضارة - ليست في حاجة الى «مشروع حضاري» لا ترابي ولا غيره - بل رسوخ البنيات التحتية في مصر كالاهرامات وهي الاكبر والاقيم من كل «حقول وتجارب الكيزان» غير الديمقراطية في السودان وخلافه. ً ٭ وهذا اذا كان همهم الاول والاخير هو الوصول الى السلطة حتى ولو كان عن طريق الانقلاب العسكري - فدون ما هو حادث اليوم في سودان الانقاذ - فامام الاخوان فرصة تاريخية ليطرحوا الاسلام الديمقراطي - لا النموذج الارهابي - وتجربة الاخوان في السلطة في السودان هي خير نموذج شوّه صورة الاسلام، يمكن ان يستفيد منها «الدكتور مرسي»، اذا كان جادا ومؤمنا بالديمقراطية كنظام للحكم - فما امامه الا التبرؤ مما هو سائر اليوم في نظام حكم باسم الشريعة عمل على تشويه صورة الاسلام لكل الشعوب المتطلعة الى حكم ديمقراطي «شوري» وعدالة انسانية - دونما تشكيك في «الاسلام» كبديل ديمقراطي نطالب النظام الرئاسي الجديد المساهمة مع الشعب السوداني في كيفية قيام حكومة خلاص وطني - بعد ان نجح شعب مصر الشقيقة في تحقيق ديمقراطيته والسودان نظام الانقاذ فيه قد كسر آليات الجهاد المدني ليحول دون اكمال ثورته يوم ان «حلّ» الاحزاب السياسية والاتحادات والنقابات وعمل على تصفية كل الاجهزة والانشطة العدلية والثورية والتي كان لها القدح المعلى في اكمال مشاريع الانتفاضة وتجمعات انسانها من العمال والطلاب والمزارعين والمهنيين في اكتوبر وابريل، علما بان سماحة الديمقراطية هي من استغلها «اخوان السودان» ولولاها لما كانوا «يحلموا» في الوصول الى السلطة حتى ولو عن طريق «الانقلاب» فذهنيتهم العدائية والاقصائية واستغلالهم السيء لما وفرته الديمقراطية من آليات بناء تنظيمي مكنهم من العمل على هدم الديمقراطية وخير نموذج لذلك الآلة الاعلامية التي مهدوا بها لنجاح انقلابهم في 03 يونيو 9891م، وصحفهم الصفراء من التي حبروا بها اسوأ صور للسب والتجريح لرموز السياسة الوطنية في السودان. «3» شعب مصر بين إرهاب الأخوان وجحيم العسكر: وما أمامنا اليوم الا ان نقول: ان على الشعب المصري ان يقبل بدكتور مرسي كخيار ديمقراطي - ويجب ان لا يفرط في الديمقراطية كنظام بل عليه ان يعض عليها بالنواجز وليستصحب دائماً لتجربة الاخوان الانقلابية في السودان «لاخذ العظة والعبرة» وكيف هي باسم الاسلام وشريعته السمحة قد عملت في شعبها ما عملت - فلو اكتفت بجرعة فصل جنوبه عن شماله - في كيفية اذلال الشعب «بالبتر» الجائر لكفاها. ً ٭ ونقول ايضاً اعان الله شعب السودان واخرجه من الحالة التي هو فيها اليوم والشكر لشباب مصر المعلم على نجاحهم في تحقيق الديمقراطية «في عودتها ورجاحتها»، ونظن ان بعض الظن اثم ان الدكتور مرسي اكثر الناس سعادة بعد ان عرف ان قيم الدين السمحة في المعاملات بين الناس قبل اداء الفرائض - والدليل على ذلك ان فشل اخوان السودان تمثل تماماً في سوء ادائهم للمعاملات يوم ان دخلوا السوق وعاسوا فيه فساداً - الى ان انتهى بهم الظلم الى رهن الارادة الانسانية لشعبهم لصفقاتهم المادية - بعد ان اقنعوه ان «الحاكمية للمال» وليس للحق وكل الشعارات التي كانت تدعو الى ثورة المصاحف والشريعة او الموت - ما هي الا مرحلة ما قبل الوصول الى السلطة - ولحظة الجلوس على كرسي الحكم تسقط كل «السالفة» - ويبقى الحديث عن المعاملات دون الفرضيات هو «حديث الساعة» - وما المشروع الحضاري الا عبارة عن مضاربات في البنوك من التكسب المادي - وما عقد الاتفاقيات باسم السلام الا من اجل تضليل الرأي العام المحلي والعالمي - لتنتهي الحياة بالشعب الطيب الى «حافة هاوية الفقر» ووقوع مجاعة سنة ستة «6031» هجرية.