تتجه أنظار الساسة والمراقبين صوب اروقة الحزب الحاكم بولاية القضارف الذي يلتئم اجتماع أعضائه في المكتب القيادي السبت القادم لاختيار سبعة من المرشحين ليتم اختيار خمسة منهم عبر المؤتمر العام ومن ثم رفعها للمركز ليحصر الترشيح في من يراهم الخيارات الافضل. و تشهد الولاية حراكاً خفياً بحسب مراقبين لأكثر من سبعة مرشحين نحو السباق لمنصب الوالي أبرزهم الواليان الحالي والسابق الضو الماحي ومبارك منير بجانب المعتمد السابق عبد الله عثمان ورئيس شورى البلدية عمر حسن فاضل وينافس هؤلاء وزير الدولة بالزراعة السابق بروفيسور محمد علي علوبة والدكتور الصادق الوكيل وزير الدولة بالصحة، ويجئ السباق محموماً لعدة اعتبارات منها آلية اختيار مرشح الوطني لمنصب الوالي ذات الإجراءات المعقدة التي تجعل الفصل للمركز بنسبة تتجاوز 80% مما يعني أن معايير المركز للاختيار إذا اختلفت مع رؤى الشورى والمؤتمر العام بالولاية ربما لا يكون مرشح الوطني هو الخيار الأفضل لجماهير الحزب بالولاية لأن الكلمة الفصل ستكون للمركز الذي اشترط أن يكون اختيار المرشحين الخمسة قبل الأول من يوليو رافضاً رؤية الحزب بالولاية لتأخير الإجراء حيث يرى عضو المجلس التشريعي السابق والقيادي البارز بالحزب الأمين عبد اللطيف البدوي بان هذه الخطوة ربما تؤدي لفقدان الثقة في المرشح المختار وتجعله يواجه جملة من العقبات ،وربما ترفع باتجاه حلفاء الوطني للاهتمام بالانتخابات والدفع بمرشحين تجد بهم نسبة قبول عالية من جماهير الولاية. ولم يستبعد البدوي أن يفتح اختيار المركز الباب على مصراعيه لخلافات وانفلات عدد من القيادات بالترشيح المستقل أو خيار التصويت لعضوية الحزب لغير مرشحه ويرى بان المرشح المثالي للولاية أن يكون لديه قبول لدى قواعد وقيادات الحزب والجماهير عامة. فيما اختلفت رؤية نائب رئيس الحزب السابق ومعتمد باسندة علي أحمداي الطاهر عن رؤية البدوي مؤكداً بان حزبه قد اكمل جاهزيته لخوض غمار المرحلة القادمة لمنصب الوالي من واقع عضوية المكتب القيادي والاتصالات التي تمت مع قيادات الأحزاب الأخرى للاتفاق على أن هذا المنصب يخص حزبه بعد استقالة الوالي السابق ولم يستبعد أحمداي بخوض الانتخابات من قبل بعض القوى السياسية من منطلق إثبات الوجود السياسي، مبيناً بأن القرار الذي صدر من مؤسسات الحزب قطع الطريق بعدم الترشح خارج المؤسسات والالتزام بالنهج الشورى بانتخاب سبعة مرشحين يدفع بهم للمؤتمر العام حائزين على أعلى نسبة من الأصوات. وقال إن الحزب قد توعد بمحاسبة وإبعاد المترشحين خارج مؤسساته من دائرة الترشيح مشيراً الى ان حزبه قد اكمل جاهزيته لخوض الانتخابات بعد ان شرعت اجهزته للدفع بمرشحين يلبون طموحات أهل الولاية قبل الحزب استجابة للدستور وفق رؤية المفوضية وقلل أحمداي من نشوب أي أزمة عكس ما تم في السابق بعد أن استطاع ترتيب أوراقه من الداخل .. بينما يعتبر المحلل السياسي الفاتح داؤود ان المرحلة الحالية التي أفرزت هذا الواقع وتداعياته على الحزب بالولاية بعد تنحي الوالي السابق ودعوة المفوضية لإجراء انتخابات الولاية تقتضي من الحزب الحاكم إجراء مراجعات سياسية واسعة بعد ان ظل يعاني من عدة أزمات تنظيمية وهيكلية مزمنة لضعف المؤسسات وغياب الشورى وانتفاء مبدأ المحاسبة والمساءلة وارجع داؤود هذه الوضعية داخل الحزب إلى ضعف معايير الاختيار واعتمادها على مبدأ الموازنات الجهوية والقبلية بالتكليف السياسي والتنظيمي مما أتاح الصعود السياسي السريع لكثير من العناصر الانتهازية ذات القدرات المتواضعة التي أساءت كثيراً استخدام نفوذها السياسي. ويعتقد المحلل السياسي بأن هذا الواقع قد أساء للحزب وشوه صورته امام الرأي العام وأدى لأهتزاز الثقة داخل المؤسسات والقيادات في ظل ممارسة هذه القيادات لكثير من التجاوزات إزاء الحزب وأجهزته من تغييب كامل للآخرين في المشاركة والرأي وإتخاذ القرار في احيان كثيرة وتحويل الحزب إلى مؤسسات ديكورية لتبرير الأخطاء وتمرير الصفقات. ويرى داؤود بان الفرصة قد حانت مرة أخرى لتصحيح الأخطاء السابقة والسعي للبحث عن شخصية وفاقية مجمع عليها وتتمتع بالقبول السياسي حتى تستطيع العبور بالحزب إلى بر الأمان في المرحلة القادمة وهو أقوى بناء وأحكم تنظيماً وأكثر استعداداً لدخول الانتخابات القادمة بصف موحد. ومع تواتر الحديث من مصادر متعددة عن رغبة كثير من القيادات لطرح نفسها للترشح اشار داؤود الى أن حظوظ السبعة الذين يدور الهمس حولهم تبدو ضعيفة نتيجة لتورط بعضهم في الصراع السابق وان كان بعضهم محل تقدير من قطاع مؤثر بالحزب ويتمتع بقبول شعبي كبير ومؤثر الا أن بعض الوجوه لا تملك مقومات القيادة نتيجة لتكوينها النفسي وقدراتها التنظيمية والسياسية التي لا تتناسب وحجم المهمة، أما وبالنظر للشخصيات المطروحة نجد ان الحظوظ الاعلى هي عند الوالي المكلف الحالي الضو الماحي ورئيس شورى البلدية عمر حسن فاضل والمعتمد السابق عبد الله عثمان المرشح الاعلى حظا الماحي ينظر له في الأوساط السياسية والرأي العام بوصفه شخصية معتدلة ومرنة وتوافقية تتمتع بقدر سياسي لا بأس به من الحكمة والحنكة حيث استطاع العبور بالحزب والولاية في أكثر المراحل حرجاً وخطورة في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية وتمكن من إدارتهما بثقة واقتدار عصمت الحزب من الانشقاق والانقسام. واشار داؤود الى ان عدم دخول الضو في الصراع السابق وضعه على مسافة واحدة من كل الأطراف ويعتبر هو الأهم نظراً لإدارته التنظيمية والإدارية الكبيرة مقارنة بمنافسيه فهو قد تقلد كثيراً من المواقع على مستوى الحزب والدولة، ورغم ما توفر للماحي من عوامل نجاح قد تعصم الحزب من التنازع حول المنصب الاول في الولاية الا انه لم يستبعد المحلل السياسي الفاتح داؤود دخول الحزب في صراع آخر نتيجة لحالة الاستقطاب الحاد وسط قواعد الحزب ... إذن ربما تنتظر المجتمع السياسي بالقضارف معركة تنظيمية حامية ستنتهي حتماً بتسمية احد هؤلاء السبعة لتمثيل الحزب عبر تجربة ديمقراطية ثانية في أقل من عامين بعد موجة من التوترات والاضطرابات والصراع مع المركز ..!!