سادت حالة فرح طاغٍ سرت في أوساط الجالية المصرية في السعودية، في مشهد يحاكي واقع ميدان التحرير والمدن المصرية، لحظة إعلان د. محمد مرسي العياط مرشح حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين رئيساً لجمهورية مصر العربية كأول رئيس مدني منتخب.. واللافت أن فرح المصريين بفوز محمد مرسي كان أكبر من حزن الذين ساندوا الفريق أحمد شفيق المحسوب على نظام مبارك البائد. وقد حرصت أعداد كبيرة من المصريين المقيمين بالعاصمة الرياض على متابعة نتائج الانتخابات وإعلان الفائز برئاسة الجمهورية في المقاهي والاستراحات، وعند انتهاء رئيس لجنة الانتخابات من سرده الممل وإعلان محمد مرسي رئيساً، تمددت الأفراح بشكل مدهش في أوساط المصريين الذين شغلوا شبكات الاتصالات الهاتفية بكثرة محادثاتهم مع أهلهم في مصر. المهم فاز مرشح الإخوان المسلمين برئاسة مصر في حدث أقرب للخيال منه للواقع، فجماعة الإخوان التي ظلت تلازمها صفة «المحظورة» طوال سنوات أنظمة الحكم في مصر، كانت لا تجد متسعاً غير السجون، ولم تحظ باهتمام غير متابعة الأنظمة البوليسية.. بل لحق بها الظلم المرير حتى في الدراما المصرية التي تحرص على وضع صور الرئيس المدان محمد حسني مبارك في أغلب أفلامها ومسلسلاتها، حيث ظلت جماعة الأخوان المسلمين تقدَّم درامياً على انها تمثل الوجه القبيح في النسيج الاجتماعي المصري، لجهة القتل والتدمير وتشويه كل ما هو جميل، ليجد المشاهد «العادي» نفسه مساقاً الى تجريم الجماعة، وهذه الصورة الظالمة ترسَّخت في أذهان البعض، وهم الذين كان يخشون من اعتلائهم سدة الحكم في مصر.. ولعل هذه الصورة الذهنية مازالت حاضرة رغم وصول د. العياط لرئاسة مصر. ويبدو أن مرشح الإخوان د. محمد مرسي العياط الذي سارع إلى تقديم استقالته من الجماعة حتى يكون رئيساً لكل المصريين، يملك آليات تغيير الصورة الذهنية الحاضرة عن الجماعة التي أتتها الفرصة على طبق من ذهب، ليس لتحكم مصر بل لتقدم نفسها للمصريين بصورة تخالف ما رسخته أفلام شارع محمد علي باشا «على واحدة ونص».. وفي تركيا افلح طيب أوردغان والذين معه في رسم أجمل صورة لكيفية الحكم، وهم الذين يمثلون التيار الإسلامي، حتى حار فيهم الجيش الذي ظل لعقود يفاخر بعلمانيته.. وفي تونس تمضي جماعة النهضة بقيادة راشد الغنوشي الذي ظل مطلوباً لعدالة زين العابدين بن علي الذي أضحى لا يملك إلا أن يتابع أخبار الحكام الجدد عبر الفضائيات من قصره في جدة .. تمضي على أسس سليمة ستحقق لتونس ما حرمت منه في سابق زمانها. نعم المطلوب الآن من جماعة الإخوان في مصر القيام بعمل كبير يجعل المسيحيين يسارعون إلى التصويت لهم قبل المسلمين في أية استحقاقات انتخابية قادمة، وأن يبتعدوا عن الانفراد بالحكم، وإحداث التغييرات الإيجابية في الأوساط المصرية بهدوء وبصيرة.. ولعل أهم التطمينات يجب أن تقدم للمؤسسة العسكرية التي لم تخف مخاوفها من خلال اتخاذها حزمة من القرارات قبيل إعلان فوز د. مرسي بالرئاسة. وبطبيعة الحال ستكون للسودان أحاديث طويلة حول «أزلية العلاقات» ومعالجة وضع حلايب بما يخدم شعبي وادي النيل.